fbpx

جنوب سوريا يؤكد فشل المشروع الأسدي

0 138

تسلمت منذ أيام أسرة النقيب المنشق معاذ الصمادي جثته بعد أن أعدمه نظام الأسد في سجن صيدنايا.

الصمادي نقيب بالجيش السوري الذي كان من المفروض أن يحمي الوطن وشعبه ليفاجأ بأن سلاحه تحول لقتل المواطنين وحماية كرسي رأس النظام، فانشق عنه في عام 2012 وانتمى لثورة الشعب السوري.

بعد الاتفاق الشهير الذي جنّب درعا والجنوب السوري بشكل عام حرب إبادة، صدق “الصمادي” الوعود الروسية، وقام بتسلم نفسه للنظام في عام 2018 ضمن إطار اتفاق المصالحات، ليتم اعتقاله وتعريضه إلى تعذيب شديد في سجن صيدنايا “المسلخ البشري”، فينتهي شهيداً جميلاً، ويستلم أهله جثته وعليها آثار تعذيب. 

حالة “الصمادي” ليست الأولى، فقد سبقتها حالات كثيرة، أثبتت فيها روسيا ونظام الأسد أنهم غير صادقين في كل التعهدات التي أعلنوها، سواء أكانت تعهدات محلية لأهالي المنطقة، بعدم الاعتقال وبقاء الجيش خارج التجمعات، أو تعهدات دولية بإبعاد إيران وقواتها عن الجنوب، لا بل زادت إيران من نفوذها وقواتها في منطقة الجنوب، ونرى اليوم مليشيات إيران تسرح وتمرح فيه، وتعمل على تغيير مذهب أهل المنطقة الديني لأسباب “سياسية” كي تستتبعهم كعملاء لها، كما هو الحال مع حزب الله اللبناني، كما نشرت تجارة المخدرات وزراعتها في المنطقة من أجل تمويل عمل ميليشياتها. 

في المقابل لازال الرفض الشعبي للنظام في الجنوب مستمراً، سواء عبر الحراك المدني الذي لم يتوقف “بدرعا والسويداء” كالمظاهرات والاعتصامات والكتابة على الجدران وغيرها، أو الحراك العسكري والاغتيالات التي طالت ضباطاً للنظام، وعناصر يعملون مع أجهزة استخباراته المختلفة، وفشل في كل المحطات والاختبارات التي وضع فيها، ولم يستطع تقديم أي حلول للمشاكل الواقعية التي تعاني منها المنطقة، سواء مشاكل فساد عناصره وأجهزة استخباراته، أو المشاكل الحياتية اليومية كقطع الكهرباء وندرة المحروقات، وغلاء أسعار المواد الغذائية إن توفرت، أو مشاكل تتعلق بتركة الوضع السابق، كالملاحقات الأمنية التي تتم بحق عناصر المصالحات، واعتقال الشباب، وسوقهم للخدمة العسكرية واستخدامهم في معارك النظام بالشمال السوري، أو إخراج المعتقلين وتبيان مصير المفقودين، بما يؤكد أن سياسة النظام التي استخدمت الحل العسكري الأمني منذ بداية الثورة السورية لازالت مستمرة، لكنها لم تنجح في إلغاء المطالب الحقيقية لدى الناس، حتى مع عودته عسكرياً إلى الجنوب، فالعقلية الأمنية العسكرية لا تستطيع بناء دولة ومجتمع، وجل ما تستطيع فعله هو القتل والقمع. 

لا يمكن بالطبع نسب كل الاغتيالات التي تحدث للثورة، بل هناك اعتقاد كبير بأن معظم الاغتيالات الحاصلة تعود لخلافات إيرانية/روسية، حيث تتم الاغتيالات في صفوف الضباط وصف الضباط والعناصر التابعين لإيران أو روسيا بالتبادل، كنوع من تصفية الحسابات، كما أن التنافس الروسي/الإيراني في الاستيلاء على مقدرات الوطن السوري، من ثروات طبيعية ومواقع حيوية، وغض النظر الروسي عن القصف الصهيوني المستمر على قوات إيران والمليشيات التابعة لها في سوريا، يؤكد أن هناك خلافات لم تظهر للسطح، وتنفي وجود أي نوع من التفاهم سوى تحالف الضرورة، حيث تحتاج روسيا لمليشيات إيران على الأرض، كما تحتاج إيران لروسيا كعضو دائم في مجلس الأمن لحمايتها ديبلوماسياً، ولطائراتها في السماء لحماية تقدم القوات الإيرانية على الأرض، كما أن كلاهما لا يريد تغيير الأسد، فهو الوحيد الذي يحقق لهما مصالحهما الاقتصادية والسياسية، ووفق هذا السياق فقط يمكن فهم التحالف الإيراني، والباقي هناك صراع مكتوم بينهما، حتى أن الكثير من صناع السياسة يؤكدون أن العلاقة الإيرانية/الأسدية علاقة أيديولوجية لا يمكن فك ارتباطها بينهما، بينما التلاقي الروسي/الأسدي تلاقي مصالح، ويمكن لروسيا التخلي عن الأسد حين تجد (كرزاي) آخر يمكنها استخدامه، وهذا ما لم تجده حتى اليوم. 

إن كل ما سبق يعطي صورة واضحة بفشل مشروع النظام الدموي القاتل وحلفائه، المعتمد على الحل العسكري الأمني، ويثبت أن لا ثقة بادعاءاتهم وعهودهم، ويعطي نظرة ثاقبة نحو المستقبل بضرورة عدم الركون إلى أي تعهدات روسية أو إيرانية، وبأن النظام الأسدي وحلفائه غير قادرين على إدارة أي بقعة جغرافية، فهم لا يتعدون بأحسن الأحوال مليشيا أو مافيا، ولا يمكن بالمطلق اعتبارهم جزءاً من سوريا المستقبل، سوريا الحرة الديمقراطية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني