fbpx

تمثال من ذهب لبشار الأسد؟

0 219

في الحقيقة لا يوجد أي فكرة عند أحد أن يصنع لبشار الأسد تمثال من الذهب.. لذلك لا تقلقوا منذ بداية المقال… ولا حتى بشار نفسه خطرت بباله هذه الفكرة. وان كان لا يمانعها.. شرط ألا يدفع ثمنها. وأن يوضع التمثال في قصره.. كي يحمله معه عندما يهرب.. وهذا اليوم آت بدون شك… طبعاً لن يستطيع حمل تمثاله لو وجد… 

والتاريخ علمنا أن نهاية كل ظالم الفناء.. والخازوق. 

 ولكن هذه الفكرة، /فكرة صنع تمثال من الذهب لبشار الأسد/ خطرت ببالي وأنا أراقب مثل أي مواطن سوري يراقب ويعايش ويرى كيف تم تدمير نصف بلده الجميل سوريا.. وتهجير نصف سكانها. وانهيار الاقتصاد السوري ألف مرة على أيدي الهبيلة بشار الأسد.. 

ناهيك عن التمزق الاجتماعي الحاصل قبل الحرب بسبب غياب العدالة الاجتماعية.. وسيادة منطق القوة.. والمناطقية والطائفية الممثلة بأبشع صورة من خلال سيطرة العلويين على جميع مرافق ومؤسسات الدولة السورية.. وجاءت الحرب لتؤكد هذا التفسير.. عندما قتل آلاف السوريين ودمرت بيوتهم.. وأغلبهم من السنة. 

بالطبع نرفض أي منطق طائفي.. ولكن هذا هو الواقع السوري الذي صنعه الأسد الأب وتابعه الأسد الابن.. 

انتهاء إلى واقع حال سوريا اليوم.. الحال المحزن المؤسف.. خاصة عندما تسمع عبارة…. ما يطلق عليه السيادة الوطنية.. أي سيادة.. مع وجود آلاف الجنود الأجانب على الأرض السورية. 

ولكن، من أين أتت فكرة المطالبة بصنع تمثال ذهبي لبشار الأسد؟ وهل يكافئ القاتل إلا بالقتل؟.

ببساطة هو، أقصد بشار الأسد.. يستحقها فعلاً لأنه أفشل مشروع أبيه المقبور حافظ الأسد.. الحاقد على كل ما هو إنساني، الديكتاتور الذي بدأ رحلة تدمير سوريا من شمالها إلى جنوبها.. فقط ليحقق ما ذهب إليه أبيه.. أي جد بشار الأسد.. ووالد أبيه، أي جد حافظ الأسد، وهو تحقيق الطلب الذي قدمه علي الأسد إلى السلطات الفرنسية لإنشاء الدولة العلوية. 

هذا الطلب الذي أسقطته أيدي الوطنيين السوريين الذين حققوا استقلال سوريا الواحدة. 

ليعود حافظ الأسد العسكري، الذي داس على كل القيم الأخلاقية والإنسانية قبل أن يدوس على أرواح رفاق دربه ويركب حمار البعث ليسيطر على مرافق الحكم في سوريا كافة، العسكرية والسياسية، وليعلن نفسه الحاكم المطلق على أرجاء سوريا. ويبدأ فورا بتحقيق أمنية جده، أي إنشاء دولة علوية طائفية.

وكلنا نعلم أنه خلال حكمه الذي امتد لسنوات طوال سعى بوضوح إلى تدمير كل ما هو مفيد وجميل في سوريا في الوقت الذي كان ضباطه يقيمون مشاريعهم ويوسعون مواقعهم في الساحل السوري وبقية المناطق التي تسكنها أغلبية علوية وبشكل غير شرعي.

لسنا بالتأكيد مع أي مسمى طائفي، ولكن المقبور الأسد، أقام استراتيجية جوهرها بناء قوة علوية طائفية اقتصادية وسياسية وعسكرية على حساب الشعب السوري.

ويمكننا أن نعدد الكثير من أشكال التخريب المتعمد الذي قاده حافظ الأسد في أرجاء سوريا من أجل جعل المناطق العلوية فقط الجغرافيا الناجحة والمتميزة على المستويات كافة، أما بقية المناطق السورية فلتذهب إلى الجحيم، بانتظار أن يستولي عليها مستقبلاً أتباعه وضباطه وأفراد طائفته.

لن يتسع مقال واحد لتعداد كل صنوف التخريب الذي مارسه حافظ الأسد على الإنسان والحيوان والنبات وحتى الحجر في سوريا، ولكني أعد أن نمر عليها تباعاً في مقالات قادمة، لأن مراجعة أسباب وأشكال ذلك التخريب الممنهج، ربما تساعد على الإسراع في تمهيد الطريق لإعادة إعمار سوريا دون آل الأسد. ولكن أشير هنا إلى أسوأ ما صنعه المقبور حافظ الأسد.. وهو تدمير أشكال الحياة كافة على أرض سوريا. وأطرح حالياً مثالين فاقعين عن ذلك التخريب الممنهج.

أولهما، في الجزيرة السورية التي تضم معظم خيرات سوريا من ماء وبترول وأراض خصبة ومخزون استراتيجي من القمح الأجود في العالم. حيث ساهمت سياسة مرسومة بيد الشيطان في تحويل تلك الجنة، تلك المناطق الخصبة إلى أراض جرداء لا يجد أهلها بداً من تركها والانتشار في أراضي الله الواسعة بحثاً عن لقمة العيش. لأن السلطة لا ترغب بإقامة أي مشاريع تساهم في تحسين حياة البشر، بل كان واضحاً أن تلك السلطة.. تسعى لإبادة سكان تلك المناطق معنوياً وروحياً وجسدياً.

أما البترول الذي تحتويه أرض الجزيرة وهو من أجود أنواع البترول والمتوفر بكميات هائلة، والذي يمكن أن يساهم في إقامة كل أسباب العيش الكريم لسكان تلك المناطق، كان يختفي من الميزانية العامة ويذهب ثمنه إلى حسابات خاصة أكثرها باسم باسل الأسد في البنوك الأجنبية. ما دفع آلاف العائلات للهجرة من أغنى مناطق سوريا إلى مدن سوريا الكبرى للعمل في أوضع المهن من أجل تامين لقمة العيش. ناهيك عن تراجع التعليم وغياب الخدمات الضرورية وإهمال المدن والقرى. وبنفس الوقت تسجيل آلاف الدونمات باسم ضباط المؤسسة العسكرية وخاصة العلويين، وهم الغالبية في الجيش والمقربين من زريبة الأسد. 

المثال الآخر الساطع على هذه السياسة الهمجية التدميرية الحاقدة، ما صنعه الأسد في غوطة دمشق التي بنتها الطبيعة في عشرة آلاف سنة ودمرها الأسد في عشر سنوات.

الغوطة، أهم أسباب وجود مدينة دمشق عبر التاريخ. 

غوطة دمشق هي المرضعة الحامية لدمشق، هي مصدر الخضار والفواكه ومشتقات الحليب والقمح، هي كل شيء لدمشق، هذه الغوطة التي حاربت الفرنسي وكل مستعمر. عاش أهلها بكرامة طوال عمرهم يدافعون عنها، ويغرسون أشجارها، وينثرون خيرها في كل الشام. 

الأسد الكبير وضع مخططات تدميرها كي يكون الساحل هو مصدر الطعام الوحيد لدمشق، وبذلك تكون حياة أبنائها بيده فقط.

خلال ثلاثين عاماً، منع الأسد أية مشاريع سكنية، وصار البيت حلم السوري، ما اضطر الناس لقطع الأشجار وتخريب المزروعات وبناء بيوت مخالفة، وكل ذلك بمنهحية مجرمة صنعها حافظ الأسد. وجميعنا نتذكر الحذاء العتيق علي زيود الذي كان محافظاً لمحافظة ريف دمشق لسنوات عدة، كيف كان يستغل موافقات البناء، ويفرض أثماناً للمخالفات، بل كان يشجع قيام أبنية مخالفة شرط أن تكون على أراض زراعية، ما ساهم في تسريع تدمير الغوطة، الحزام الأخضر الأجمل في الكون، بينما تغرس كل عام آلاف الأشجار في الساحل. 

يمكن أن أعدد مثالاً مشابهاً لهذا التخريب في كل محافظة سورية، لكن المقال الآن لا يسمح، وربما سنعود لذلك في مقالات قادمة. 

ولكن، لماذا تمثال ذهبي لبشار الأسد؟ ببساطة لأن غباءه وقلة خبرته الإنسانية والإدارية والسياسية، وغروره الأجوف، قد كشفت هذا المشروع.. أي تدمير سوريا.. وبناء الدولة العلوية الطائفية على أنقاض الحضارات السورية.

بشار الأسد حطم المشروع العلوي دون قصد، بل بعبقرية الغباء وباعتماده على عسكر علويين وتجار دم ورجال أعمال فاسدين من كل الطوائف، وشبيحة أسديين لادين لهم.

وظهر ذلك بوضوح من خلال تمكين العلويين من جميع وظائف الدولة، ونشرهم في جميع أرجاء سوريا، حيث لا توظيف في أي محافظة إلا للعلويين، ما ساهم بقوة في نشر الفساد وغياب حضور دولة القانون، وتخريب سوريا. 

المشروع الطائفي العلوي الذي صنعه حافظ الأسد، كشفه دون قصد بشار الأسد، وهذا المشروع ساقط لا محالة. ما صنعته الثورة السورية يعني أن لا عودة للخلف.

تمثال من ذهب ثم يموت صاحبه، ونصهر الذهب ونحوله لأساور وخواتم لعرسان سوريا الحاملين أمل سوريا المستقبل القادمين مع تباشير الفجر الجديد، وهو ليس ببعيد.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني