fbpx

المنح والطلاب السّوريون

0 771

تعتبر المنحة الدّراسيّة شكلاً من أشكال الدّعم العلميِّ التي تمكّنُ الطّالبَ من المتابعة والارتقاء بالمستوى التّعليميّ، وتقدّم العديد من البلدانِ والجامعاتِ في مختلف دول العالم هذا النّوعَ من الدّعم. تشملُ المنح عادة مختلف مراحل التّحصيل العلميّ (الثانوية – البكالوريوس – الماجستير – الدكتوراه)، وتكون إمّا كاملة تشمل الرّسوم الدّراسيّة والتأمين الصّحيّ إضافة إلى تكاليف المعيشة ومصاريف السّفر من بلد الإقامة إلى بلد الدّراسة، أو جزئيّة تغطّي الرّسوم الدّراسيّة فقط، وتقدَّمُ من الحكومات، أو تمنحها الجامعات مباشرة، كما يمكن أن تمنحها منظمات من خلال شراكاتٍ تقوم بها مع الجامعات، وقد يحدث أنْ تكون المنح فرديّةً.
كيف استفاد الطّلاب السّوريون من المنح:
تزداد أعداد الشّبان الهاربين من جحيم الحرب المستعرة في سوريّة إلى دول الجوار، ومع استمرار هذا التّدفق تصبح معه الحاجة ملحّة لتقديم دعم يساعدهم على تخطّي عقبات عديدة اصطدموا بها في بلدان اللّجوء كأوضاع اقتصاديّةٍ ومعيشيّةٍ صعبةٍ ونظامٍ تعليميّ مغاير لنظام بلدهم، إلى وجود عائق في اللغة (تركيا مثالاً)، وهذا ما دفع بالكثيرين منهم للبحث عن منحة تكون لهم طوق نجاةٍ ينقذهم من الغرق في أعماق مصير مجهول تنعدم معه السّبل المؤدّيّة إلى التحّصيل العلميّ.
في عام 2013 أطلق التحالف السّوري لدعم التّعليم العالي خلال الأزمات موقعاً إلكترونيّاً، يعمل هذا التحالف على توفير المنح من خلال شراكات مع أكثر من 35 جامعة في الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وعدّة دول أوروبيّة.
تمّ تأسيس هذا التحالف بالتعاون مع المعهد الدّوليّ للتعليم (IIE) ، وتعتبر جسور أحد الشركاء الأساسيين، والمنح مقدّمة من الجامعات ولا تشارك جسور وشركاء التحالف في عملية التقديم عليها. تقوم جسور وشركاء التحالف بعرض المنح المقدّمة للطلاب السّوريين على منصتها الإلكترونيّة وعلى الطّالب السّوري زيارة الموقع للتّعرف على المنح وشروطها.
جسور هي منظمة خيريّة غير سياسيّة تعمل على مساعدة الشباب السّوري داخل سوريّة وخارجها في الحصول على فرص أفضل في التعليم، كما تعمل على مساعدة الأطفال السوريين في متابعة تعليمهم، فتؤمن لهم منحاً دراسيّة في مدارس جسور الموجودة في دول التحالف، وتهتمّ جسور أيضاً بتعليم الفتيات السوريّات ضمن برنامج (تعليم مئة امرأة سوريّة) وهذا البرنامج يستهدف اللواتي تفوّقن أكاديميّاً، ويمتلكن مهارات قياديّة، ونشطن في المجال الإنساني والاجتماعيّ.
يبقى وضع الطالب السوري في دول الجوار هو الأصعب لذلك كانت معظم المنح توجّه للطلاب الموجودين في تلك البلدان كمنحة الجامعة الألمانيّة/الأردنيّة المدعومة من الاتحاد الأوروبيّ، والتي تستهدف الطلاب السوريين في الأردن وهي منحة كاملة بالتعاون مع جامعات الأردن (الزرقاء – اليرموك – القدس). ومنحة الجامعة الأمريكيّة في بيروت (AUB) هي منحة قدّمتها الجامعة في إطار تعهدات خرج منها مؤتمر (الجامعات تتجاوب مع أزمة اللاجئين) والذي نظّمه معهد عصام فارس للطلاب السّوريين اللاجئين في لبنان لنيل شهادة البكالوريوس والدّراسات العليا.
أمّا المنح في تركيا، فهي إمّا حكوميّة تقدّمها الحكومة التركيّة كاملة مع راتب شهريّ، أو منحة الوقف وهي تشبه المنحة الحكوميّة، لكنّها تشترط وجود مقعد جامعيّ، ومنحة سبارك مقدمة من منظمة سبارك الهولنديّة تدعم فقط الجامعات في الجنوب التركيّ شروطها صعبة ويقتصر الدّعم فيها لسنة دراسيّة واحدة قابلة للتمديد في حال تخطّى مجموع الطّالب 60 % ولا تشمل الاختصاصات الطّبيّة. والمنحة اليابانيّة (JAR) تستهدف الطّلاب السّوريين الموجودين في تركيا وتتيح لهم دراسة اللغة اليابانيّة لمدّة سنتين لإكمال دراستهم الجامعيّة في جامعات اليابان، وهي منحة مقدّمة من المنظمة اليابانيّة لللاجئين (JAR) بالتعاون مع عدّة منظمات يابانيّة غير حكوميّة.
منحة تشيفنينغ هي منحة بريطانية مجانيّة خاصّة بطلاب الماجستير، يموّل هذا البرنامج وزارة الخارجية البريطانية بالشراكة مع دول الكومنولث (FCO) وتخصّص عدد كبير منها للطلاب السوريين داخل سورية وخارجها شرط حصولهم على درجة 79 في(TOEFL) التوفل و 6.5 في (IELTS).
تركّز المنح في معظمها على الطلاب السوريين اللاجئين في دول الجوار، وشروطها تختلف بحسب الجهة المانحة، لكن يبقى شرط اللغة القاسم المشترك بينها جميعاً إذ يتوجّب على الطالب الرّاغب في الحصول على منحة ما إجادة اللغة الإنكليزيّة كما يتوّجب عليه تأمين أوراق ثبوتيّة وشهادة إتمام المرحلة الثّانويّة بدرجات عالية.
تقلّصت المنح المقدّمة للطلاب السّوريين في الآونة الأخيرة، ويعزى ذلك لعوامل عدّة أهمها استمرار الوضع السوري في التدهور ما أدّى لزيادة كبيرة في أعداد الطلاب الخارجين من منظومة التّعليم هذا من جهة، ومن جهة أخرى ارتفاع أعداد الطلاب المحتاجين لمنح تعليميّة نتيجة ازدياد البلدان التي تعاني من الأزمات في العالم.
إنّه وعلى الرّغم من حاجة الطّالب السّوريّ الكبيرة والمتزايدة للدّعم في تأمين فرصٍ توفّر له الاستمرار في التحصيل العلميّ لبناء مستقبله، إلا أنّه علينا عدم إغفال أهمية التّعليم لدى هذه الشريحة المهمّة، والتي تعدّ ركيزة مهمّة في أساس أيّ مجتمع. ليس المجتمع السّوريّ المنشود فحسب، وإنّما في كلّ المجتمعات التي يوجدون فيها، فهم طاقاتٌ مستقبليّةٌ علينا استثمارها استثماراً صحيحاً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني