سوريا… عقد من الضياع
تدخل سوريا عامها الحادي عشر دون أي أفق لحل سياسي في ظل مؤشرات مرعبة، إذ سقط خلال السنوات العشر الماضية نحو 388 ألف قتيل على أيدي أطراف النزاع المختلفة، كذلك هُجّر نحو 6.7 ملايين شخص من بيوتهم، ولجأ 5.6 ملايين شخص إلى خارج حدود سورية، مع تسجيل خسائر اقتصادية قدّرتها الأمم المتحدة بنحو 440 مليار دولار، ووصول 90% ممن يعيشون في الداخل السوري إلى ما تحت خط الفقر.
فيما أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تقريرين منفصلين، ذكرتا فيهما إحصائياتٍ تبيّن حجم الضرر الذي لحق بالسوريين عموماً، وبالأطفال السوريين خصوصاً، خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث جاء بالتقريرين الأمميين: نحو 5 ملايين طفل ولدوا في سوريا منذ بدء النزاع لم يعرفوا أبداً أوقات السلم، بينما ولد مليون طفل سوري كلاجئين في البلدان المجاورة.
13 مليوناً من السوريين أجبروا على الفرار من ديارهم في السنوات العشر الماضية، وهذا يشكل أكثر من 60% من نسبة السكان، منهم 6.6 مليون لاجئ سوري، يشكلون ربع إجمالي عدد اللاجئين في العالم، وهناك 7 ملايين سوري نزحوا بالبلاد، وهو أكبر عدد للنازحين عالمياً.
من جهتها تستضيف دول المنطقة غالبية اللاجئين السوريين، وفي مقدمتها تركيا التي تستضيف العدد الأكبر منهم، تليها لبنان والأردن والعراق ومصر، كما يوجد في أوروبا ما يزيد على مليون لاجئ.. بينما ينتشر اللاجئون المتبقون في أنحاء أخرى من الدول الإفريقية ودول العالم.
13.4 مليون سوري بحاجة للمساعدة الطارئة المنقذة للحياة كما يضطر غالبية أطفال اللاجئين السوريين للعمل 12 ساعة يومياً من أجل إعالة أسرهم.
تم التحقق من مقتل أو إصابة ما يقرب من 12 ألف طفل، وتجنيد أكثر من 5.700 آخرين للقتال، بعضهم لا تزيد أعمارهم عن سبع سنوات.
حوالي 90% من الأطفال يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، بزيادة بلغت نسبتها 20% في العام الماضي وحده.
أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من “التقزم” نتيجة سوء التغذية.
2.45 مليون طفل في سوريا و750 ألف طفل سوري إضافي في الدول المجاورة، لا يذهبون إلى المدرسة، 40% منهم من الفتيات.
وأيّاً تكن التحولات الكبيرة التي شهدتها سورية بعد عشر سنوات على ثورتها، سياسياً وعسكرياً واجتماعياً، تبقىَ النتيجة واحدة بقاء النظام الحاكم وضياع شعب كامل، فمن نجا من الموت والتعذيب والتهجير والفلتان الأمني والغرق، غرق في أزمات اقتصادية واجتماعية قاسية، لتسقط سوريا بشكل كامل في دوامة من الدم والانهيار.
حكاية من الجرح السوري… فراق فلذات الكبد
ومن بين حكايات الشعب السوري من عذاب وتغريب، حكاية شاب سوري فارق فلذات أكباده منذ أكثر من ستة سنوات، تعود حكاية سامر محمد عزالدين من مواليد 20/8/1979 إلى سنة 2006 سافر بفيزا عمل لقبرص اليونانية ك “شيف” بأحد المطاعم ليعيل عائلته الكبيرة والصغيرة المؤلفة من أبنائه الأربعة.
لكن بعد الحرب السورية اضطر إلى ترك عمله والعودة إلى سوريا ولأن من الصعب الحصول على فيزا لباقي أفراد عائلته ومع اشتداد الحرب خرج رفقة عائلته الصغيرة إلى الأردن فيما انتقلت باقي عائلته من والديه وإخوانه إلى تركيا بمنطقة هاتاي الحدودية. كان خروجهم من سوريا خوفاً على حياتهم كباقي من خرج من بعض المحافظات السوريا هرباً من ويلات الحرب.
وفي أكتوبر 2015 تعرض والد وسام محمد عز الدين إلى وعكة صحية لازم الفراش بسببها، فسافر وسام لوالده فور سماعه بالخبر وخوفاً على حياة والده في ديار الغربة، من الأردن إلى منطقة هاتاي التركية وظل 20 يوماً حتى تحسنت حالة والده، لكن عند رجوعه للأردن تفاجأ بعدم السماح له بالدخول مرة أخرى للأراضي الأردنية في المطار بحجة أنه سوري الجنسية وتم منع أي سوري من دخول أراضيها آنذاك؛ فعاد إلى تركيا تاركاً زوجته وأولاده الأربعة وحدهم في الأردن؛ وبعد مدة زمنية تم قبول زوجته وأولاده للهجرة لأمريكا فيما تم رفض ملفه أثناء المقابلة التي أجراها في تركيا مع الجهة المسؤولة بشأن الهجرة لأمريكا، بعد حصوله على قبول مبدئي ثم رفض بحجة عدم المصداقية؛ وحسب أقوال المواطن السوري وسام محمد عز الدين “تفاجأت بالرفض والحجة المدرجة في الملف وأكد أنه قدم جميع الأوراق بشكل دقيق ونجح في المقابلة الأولية والفحص الطبي وأن كل تصريحاته كانت عن واقعه ؛كما أكد أنه انسان بسيط يرغب بحياة كريمة رفقة أولاده وزوجته وأنه إنسان محايد ولم يتدخل ولم يساند أي جهة من المشاكل السياسية داخل بلاده في سوريا؛ وأضاف أنه يعمل حالياً كـ “شيف” بمطعم ساروجا بمنطقة باشاك شهير بمدينة اسطنبول التركية ونال منه اليأس بعد فراقه لفلذات أكباده لعدة سنوات.
المواطن السوري سامر يناشد مسؤولي العالم..
وأضاف الشاب السوري وسام بالقول :”أناشد الرئيس الأمريكي المنتخب جون بايدن والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحل معضلتي؛ أرغب برؤية صغاري، أشعر بالتعب النفسي والاجتماعي، إنهم وحدهم في أمريكا دون معيل؛ حاولت الاتصال بجمعيات حقوق الإنسان واللجوء بأمريكا وتركيا للم شملي مع عائلتي وكذلك حاولت الاتصال بمنابر إعلامية لنقل قصتي للرأي العام ومساعدتي؛ أرغب بتجديد ملف طلب اللجوء إلى أمريكا، وأخاف من الرفض.
أناشد كل ضمير حي وأي إنسان يستطيع مساعدتي لإيجاد حل لرؤيه أولادي عمر محمد وعبد الرحمن وسارة والعيش معهم بطمأنينة كباقي البشر والأسر في العالم؛ إني ضائع، أعلم أن هناك كثير من السوريين يعانون من الفراق؛ وأنا واحد منهم وجزء من الوجع السوري.
وجعي وطن ممزق، وفراق أولادي…”.