معابر المساعدات في سوريا.. والصراع ضدّ المشروع الروسي
مسألة المساعدات الدولية للشعب السوري هي مسألة إنسانية من الطراز الأول، ولكن الروس يلعبون بهذه المسألة، من خلال محاولتهم فرض رؤيةٍ تقول: (هناك حكومة سورية في دمشق، لا تزال عضواً في الأمم المتحدة، وهي المعنية بإدارة هذه المساعدات) متناسين عن تصميمٍ، أن سبب كل ما يجري في سوريا، وما جرى، من قتل وتهجير وفقر وجوع، يقف خلفه نظام دمشق الاستبدادي.
المفروض بالروس الجنوح والانسجام مع توقيعهم على القرارات الدولية الخاصة بسوريا، وتحديداً القرار الدولي 2254 وبيان جنيف1، ولكن الروس، ذهبوا إلى فعل عكس ذلك، حيث لا يزالون منذ تشكيل الهيئة العليا للتفاوض أوائل عام 2016، يعملون على تفريغ القرارات الدولية من جوهرها بغية إعادة تأهيل نظام بشار الأسد من جديد.
إن محاولة الروس جعل النظام السوري المعني الأساسي باستقبال المساعدات الإنسانية الدولية وإدارة توزيعها، يعني باختصار أنهم يريدون إجبار المجتمع الدولي على الاعتراف بأن نظام دمشق هو نظام شرعي، وبالتالي فإن موضوع المساعدات شأنه، ويجب أن تصل إليه.
لكن العالم يعرف بالمطلق من هو نظام بشار الأسد، ويعرف نهبه للمساعدات من قبل، ويعرف أنه نظام يقف خلف كل ما يجري للسوريين من ظلمٍ وقهر وإذلال، وهذا النظام، هو من تدافع عنه إدارة بوتين، وتتشدق على الآخرين بتصريحات كاذبة عن واقع الحال في سوريا.
في هذا الاتجاه يبدو أن ممثلي المعارضة السورية سياسياً، ونقصد (ائتلاف قوى الثورة والمعارضة) لم يقوموا بعد بحملات دبلوماسية وسياسية وجماهيرية، فمثل هذه الحملات ضرورية لجعل مسألة المساعدات مسألة رأي عام عالمي، ولهذا لا يجب ترك الأمر على عاتق الدول التي تقدّم المساعدات، وكأنه جزء من وظيفة الدعم الإنساني، بل يجب عقد ندوات والدعوة إلى حملات احتجاج على السلوك الروسي، وشرح الأمر لقوى الضغط السياسي والشعبي في الدول الأوربية والعالمية الكبرى.
في هذا الإطار، تبدو نشاطات رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة، وكأنها تحاول مغالبة الموقف الروسي، وهذا مسعى جيّد، ولكنه غير كاف. مما يتطلب من الهيئة السياسية لائتلاف قوى الثورة والمعارضة القيام بدورها لشرح قضية المساعدات للقوى السياسية والاجتماعية في البلدان المؤثرة، من خلال استضافة ندوات ومحاضرات لشخصيات دولية فاعلة، إضافة إلى إدارة النشاط الجماهيري داخل المناطق المحررة وغيرها من أجل الضغط على الموقف الروسي.
في هذا الاتجاه، التقى رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة سفيرة دولة النرويج في مجلس الأمن (منى جوول)، وقد ناقش معها العملية السياسية، وأكّد على أهمية تمديد القرار 2504، وأن يشمل أكثر من معبر. يقول أنس العبدة في تصريح له على صفحته: (في لقاءٍ مع السفيرة النروجية في مجلس الأمن منى جوول، تناولنا العملية السياسية، وأكدنا على أهمية تمديد القرار 2504، وأن يشمل القرار أكثر من معبر). وبيّن العبدة لـ جوول (إن وضع السوريين صعبٌ جداً، ولا يسمح بأي تأخير أو تعطيل لوصول المساعدات الكافية) مضيفاً: (النرويج لها دور جوهري باعتبارها تقود عملية مفاوضات وصياغة القرار).
إن مسألة المساعدات الإنسانية يجب أن تكون بعيدة عن التسييس، فالروس، هم من يعطّل وصول المساعدات إلى مستحقيها، ظنّاً منهم، أنهم قادرون على لي ذراع المجتمع الدولي، وهذا أمر سيفشلون في تحقيقه، لأن أمور الوضع السوري السيّء، صارت واضحة أمام العالم، والنظام السوري هو من يبقيها سيئة. وحل الوضع السوري برمته يتعلق بتنفيذ القرارات الدولية التي يعيق الروس تنفيذها، وفي مقدمتها بيان جنيف1 والقرار الدولي 2254.