بيان الدوحة حول سوريا.. هدفه تقديم المساعدات الانسانية
صدر بيان عن اجتماعات الدوحة التي جمعت وزراء قطر وتركيا وروسيا يومي 10 و11 آذار/مارس 2021، جاء فيه: “إن الاجتماع يهدف لبحث سبل التعاون، التي من شأنها الإسهام في حلٍ سياسي دائمٍ في سوريا”. وأكّد البيان على “الالتزام بحماية سيادة سوريا، واستقلالها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والاتفاق على عدم وجود حل عسكري للصراع، ومحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومواجهة المساعي الانفصالية”.
هذا الاجتماع، ليس اجتماعاً لحلّ الصراع السوري، فالروس الداعمون لنظام الأسد، يدركون أن ملعب الحل السياسي لا يكون في الدوحة أو أستانا أو سوتشي، بل يكمن الحل بتفاهمات صريحة وواضحة مع الأمريكيين، وهذا لم يحن موعده روسياً، في انتظار تبلور السياسة الأمريكية حيال سوريا في عهد بايدن.
زيارة لافروف لثلاث دول خليجية (السعودية والإمارات وقطر) غايتها تسويق إعادة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية، وهي ليست أول محاولة للديبلوماسية الروسية بهذا المجال.
لافروف سمع من السعوديين والقطريين، أن عودة مقعد سوريا إلى الحكومة السورية مرهون بانخراط نظام بشار الأسد بالعملية السياسية، التي ترعاها الأمم المتحدة، وفق القرار الدولي 2254.
لكن لافروف كان يبحث عن نقاط تقاطع مع القطريين والأتراك، هذه النقاط، تتعلق بتوفير مساعدات إنسانية لمناطق النظام، علّها تساعده في منع الانفجار الشعبي في عمق حاضنته.
الموقف الروسي من الصراع في سوريا لم يتغيّر بعد، وهو محاولة استكشاف الموقف الأمريكي الجديد من هذا الصراع، ولهذا يدرك الروس، أن القضية السورية مؤجلة الحل، إلى وقت حدوث تفاهمات بينهم وبين الأمريكيين، وهذا ليس واضحاً تماماً متى يحدث.
ولعل البيان أوضح في جانب منه أن الدول الثلاث تشير إلى أهمية اللجنة الدستورية السورية، وضرورة التزام الأطراف المشاركة بها بمبادئ عملها السياسية، ودعم جهود المبعوث الدولي (غير بيدرسون).
وفق ما تقدم، نستطيع القول، إنه لم يحصل أي اختراق جدي بقضية الحل السياسي في سوريا، فهذا الاختراق له شروطه الموضوعية والذاتية، ومن شروطه الموضوعية، توفر التفاهم الدولي، على تنفيذ قرار وقعه الروس في مجلس الأمن، ثم عملوا على الالتفاف على جوهره، عبر أستانا وسوتشي، وحربهم المدمرة على الشعب السوري.
أما الشروط الذاتية للحل السياسي فهي متعلقة بقناعة النظام بهذا الحل، وهو أمر لم يضعه النظام بحساباته حتى اللحظة الحالية، فهو يؤمن بالحسم العسكري والهيمنة على البلاد والعباد، ولذلك يعرقل كل المساعي الدولية والإقليمية بهذا الشأن.
(إن الزير لا يزال في البير)، وعلى السوريين أن يتحلوا بالصبر، وعدم ممارسة رفاهية الأمل من هذا الاجتماع، فالمقرر الرئيسي الأمريكي، لا يزال يبلور سياسته نحو الصراع السوري، بكل متعلقاتها الإيرانية والخليجية والروسية والتركية، وهذا يعني أن الحل مؤجل إلى حين.
إن الحديث عن سياقات أخرى للحل السياسي السوري، هي مجرد أحاديث تخدم أجندات أصحابها، فأي حل سياسي ينبغي أن يتمّ عبر سياق قرارات مجلس الأمن الدولي، وتحديداً القرار 2254، وهذا يعني أن هناك طرفين رئيسيين سيوقعان بنهاية التفاوض على تنفيذ هذا القرار، هذان الطرفان هما النظام السوري، الذي سيقبل صاغراً بتنفيذ 2254، والمعارضة التي تعمل مؤسساتها من أجل تحقيق هذا الهدف، الذي يعني انتقالاً سياسياً، تتشكل فيه هيئة حاكمة انتقالية، تفضي إلى الاستقرار ودولة المؤسسات الديمقراطية.
إن القول بمجلس عسكري انتقالي حاكم، يقصد منه تغييب القرار الدولي 2254، وتغييب مؤسسات المعارضة الرسمية، التي تعترف بها المجموعة الدولية، وبموجب هذا الاعتراف، تقوم هذه المؤسسات بتمثيل قوى الثورة والمعارضة والشعب السوري الثائر ضد الاستبداد.
إذاً اجتماع الدوحة ليس اجتماعاً لحل القضية السورية، بل هو لأهداف أخرى لا تتعلق بالملف السوري، وهذا ستكشفه الأيام القريبة التالية.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”