fbpx

غنائم الروس السورية.. وانتخابات رئاسة باطلة

0 596

لا يستطيع بشار الأسد أن يرتّب انتخابات رئاسية تجدّد بقاءه، بدون ضوءين أخضرين من روسيا وإيران، هذا من ناحية، والتجديد مرتبط من ناحية ثانية بتقاعس دولي أمريكي أوربي، وبغياب رؤية ملموسة وبرنامج عمل لدى مؤسسات المعارضة السورية، يتصدى لهذه الهزلية الروسية، التي تسخر من القرارات الدولية، ومن الشعب السوري، الذي لا يزال يقدّم التضحيات من أجل حريته وكرامته.

نينار برس أجرت تحقيقاً صحفياً مع شخصيات سياسية سورية من الصف الأول لإضاءة السؤال التالي:

كيف نتصدى لمشروع انتخابات النظام سياسياً وشعبياً ودولياً وقانونياً؟

انتخابات الأسد خطّة روسية بائسة

جورج صبرا
الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري

يقول جورج صبرا الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، والعضو المنسحب من الهيئة السياسية للائتلاف: “ما ستقوم به زمرة الحكم في دمشق الصيف القادم، تحت عنوان “الانتخابات الرئاسية، يمكن أن يكون أيّ شيء إلّا الانتخابات”. فبرأي صبرا: إن النظام لم يعرف الانتخابات الحقيقية، التي يعرفها الفكر السياسي والإنساني والقوانين الدولية، التي عرفتها بلادنا في خمسينيات القرن الماضي، أي حرة ونزيهة وشفافة، وتحترم إرادة الشعب وتحققها.

ويضيف رئيس المجلس الوطني السابق جورج صبرا: النظام منذ استيلائه على السلطة عام 1963 لم يعرف انتخابات حقيقية، وليس بوسعه أن يتعلمها، وهو على شفير الهاوية، بعد أن دمّر البلاد ورهن مقدراتها للمحتلين وشرّد أهلها في أربع أصقاع الأرض.

ويعتقد صبرا: أن ما سيجري ليس أكثر من استجابة لخطة روسية بائسة ويائسة، حملها فيصل المقداد من موسكو في زيارته الأخيرة، لتحسين صورة النظام ومحاولة تأهيله دولياً.

لكن صبرا يعتبر: أن كل من يشارك بهذه الانتخابات من السوريين ترشيحاً وترويجاً وذهاباً إلى الصناديق، إنما يخون ثورة الشعب السوري وأهدافها النبيلة ودماء الشهداء والضحايا، الذين سقطوا، ومازالوا يسقطون في معاركها الكبرى، ويوجه في الوقت نفسه طعنة غدرٍ للعملية السياسية وحقوق الشعب.

ويرى صبرا: أن أي حديث عن الانتخابات قبل تشكيل (هيئة الحكم الانتقالي) وبدء المرحلة الانتقالية، إنما هو ملاقاةٌ للخطة الروسية في تشويه العملية السياسية ونسفها، التي بدأت بمسار أستانا – سوتشي، وأنتجت اللجنة الدستورية، وهي كذبة كبرى، ومن وسائل الجهد الروسي لتدمير العملية السياسية، وإطالة أمد المحنة السورية.

ويعتقد صبرا أن رد قوى الثورة والمعارضة على قرار الائتلاف رقم 24 الصادر في تشرين الثاني 2020 موضوع تشكيل هيئة الانتخابات اضطر الائتلاف إلى تجميده دون إلغائه، وهذا يعني بأن جمر المهادنة وخذلان الثورة وتزوير إرادة الشعب ما زال تحت الرماد.

ويذهب جورج صبرا وهو عضو منسحب من الائتلاف إلى القول، من الضروري “تعرية ما يجري تحت اسم الانتخابات والدستور بأنه خارج العملية السياسية، وتطاول عليها وتشويه لها، وتفعيل المسار القانوني بجرائم القتل والتدمير والتهجير وملف المعتقلين، الذي فتح بمواجهة النظام، وضرورة التأكيد على تنفيذ العملية السياسية وفق مندرجاتها في بيان جنيف لعام 2012 والقرارات الأممية ذات العلاقة، ولا بدّ من تحرّك السوريين في بلدان اللجوء والاغتراب لرفع الصوت بمواجهة هذه الخديعة”.

محاكمة النظام القاتل أولا

اللواء محمد الحاج علي
وهو أعلى رتبة عسكرية انشقت عن جيش النظام

اللواء محمد الحاج علي، وهو أعلى رتبة عسكرية انشقت عن جيش النظام، ويشغل منصب المنسق العام لمبادرة استعادة القرار الوطني المستقل والسيادة يقول: “الانتخابات الرئاسية في سوريا هي تمثيلية سمجة، تمارسها سلطات الفساد والاستبداد، لتجميل صورتها، وإعطائها شرعية زائفة.

ويعتقد اللواء الحاج محمد: أن هذه المسرحيات لن تزيف حقيقة الوضع، فمن جاء للرئاسة بقوة السلاح، لا يريد انتخابات حرّة، ومن دمّر الوطن وهجّر شعبه من أجل كرسي الرئاسة، لا يريد الديمقراطية، أو يقبل بخيارات الشعب في اختيار من يمثله.

ويرى اللواء محمد الحاج علي: أن إرادة الشعب السوري مسلوبة ومشوهة ومزورة منذ عشرات السنين، فلم تقم الثورة السورية إلا ضد الديكتاتورية والاستبداد ورفض الطغمة الحاكمة، وأساليبها القذرة في استعباد السوريين، وفي استغفالهم بانتخابات صورية، لا يجرؤ سوري أن يخالف فيها إرادة الأجهزة القمعية، التي تعدّ وتحسب أنفاس كل سوري.

ويذهب الحاج علي إلى القول: إن الديمقراطية تتكلم عن نفسها بنتائج ممارساتها، وهي العدل والأمان والنماء والاستقرار والرخاء والتطور السياسي والعلمي والصناعي والمجتمعي ومنظومة الحقوق والميزات التي يتمتع بها المواطن.

ويصرّ الحاج علي على أن إجراء انتخابات حقيقية وغير مزيفة في سوريا يجب أن يسبقها تقديم المجرمين الذين دمروا سوريا وقتلوا شعبها وهجّروا أهلها إلى العدالة، ومحاسبتهم على جرائمهم الممتدة منذ عشرات السنين.

ويضيف الحاج علي: إن سوريا الواقعة تحت الاحتلالات، التي تم دعس كرامتها على أيدي العصابة الحاكمة تعرف أن الانتخابات التي يدعو لها النظام هي انتخابات مزورة ، فالنظام الذي قدّم البلاد للقوى الأجنبية  المحتلة لا يحق له التقدم إلى أي انتخابات، فكيف إذاً يقوم بتنظيمها زوراً؟

شروط انتخابية في الوضع السوري

المهندس أحمد العسراوي
الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي

يقول المهندس أحمد العسراوي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، وعضو هيئة التفاوض السورية: في سورية لم أشاهد منذ بدايات وعيي السياسي سوى انتخابات فعلية واحدة عام 1972، وهي الانتخابات الأولى للإدارة المحلية، والتي لم تكن شفافة ونزيهة بالقدر الكافي”.

ويضيف العسراوي: عندما أقرأ العملية الانتخابية بموضوعية فعليّ أن أستعرض بعجالة عدة مسائل ذات دور وأهمية. يتابع العسراوي فيقول: أولهما الناخبون، أين سجلاتهم الدقيقة؟، وأين هم؟ فنصف الشعب السوري لن يتمكن من المشاركة، قسم منه خارج مواقع سكنه الأصلية، إما نازح داخل البلاد أو مهجّر خارجها وقسم آخر خارج سيطرة الحكومة القائمة، بغض النظر عن رؤيتنا جولها، والتالي فأين الانتخابات الحقيقية؟.

ويتابع العسراوي، فيقول، ثانيهما: شفافية ونزاهة الانتخابات، فمن الذي سيدير الانتخابات، ويتابع حسن السير فيها؟ ومن سيشرف عليها ويراقب نزاهتها؟ طالما أن المرشحين والمديرين والمشرفين من فئة واحدة، مهما بلغت مصداقيتها. 

وثالثهما يقول العسراوي: البيئة الآمنة والمحايدة التي تحيط بالانتخابات، من يؤمنها، ومن يضمنها؟ والحال كما هي الحال.

لكن العسراوي يستطرد في حديثه ويقول لنينار برس: “بالعودة إلى موقف حزبنا، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، فإنه لم يشارك بأي عملية انتخابية منذ الانتخابات الأولى لمجلس الشعب عام 1973 وحتى اليوم، لعدم توفر أيٍ من أبسط المواصفات للمسائل المذكورة، كما أن هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي لم تشارك بأي عملية انتخابية منذ تأسيسها منتصف عام 2011.

ويعتقد العسراوي أن نجاح العملية السياسية التفاوضية، وتأسيس هيئة الحكم الانتقالي التشاركية، والعودة الآمنة والطوعية للنازحين والمهجرين، والإفراج عن المعتقلين والمخطوفين، وبيان مصير المفقودين والمغيبين، وإنجاز الإصلاح الدستوري المنشود، وإصدار قانون عصري للانتخابات، وتشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية، وإعداد قوائم صحيحة للناخبين، هو الطريق العملي للانتخابات.

الدور المرتقب لهيئة التفاوض

الدكتور يحي العريضي
رئيس المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض السورية

من جهته قال الدكتور يحي العريضي رئيس المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض السورية: اللجنة الدستورية ليست الأمر الوحيد، الذي يستخدمه النظام السوري، للتفلّت من العملية السياسية، التي نعرف بأنها محكومة بقرارات دولية تهزّ كيانه.

ويضيف العريضي: “النظام استخدم كل جولات جنيف للتعمية، لُيظهر للعالم أنه مهتمٌ بالعملية السياسية، ولكن فعلياً، لا يزال على ديدنه، (يحكمها أو يدمرها) أي الحل العسكري. حتى اجتماعات أستانا استخدمها لهذا الغرض، ولإفراغ القرارات الدولية من مضمونها بمساعدة الروس، وعملياً، ثبُت عدم الجدية الفعلية للقوى الدولية، ومن بينها أولئك الذين ساهموا بإصدار القرارات الدولية.

لكن العريضي يسلّط الضوء على أسلوب النظام في استغلاله للوقت والأحداث فيقول: “النظام من جانبه خلق كل الأعذار، ووقّت معظم جلسات جنيف وغيرها بأحداث إرهابية، لإزاحة النظر عن المسار السياسي والتركيز على ما يريده هو، وخاصة ادعاؤه بأنه يحارب الإرهاب”.

العريضي يضيف: “الآن النظام يلهث لإنجاز انتخابات رئاسية، يعتقدها ضربة حاسمة في إعادة تأهيله مرة أخرى، يناصره في ذلك الروس والإيرانيون، وهناك غياب للضغط الدولي، الذي يزيل شرعية غير موجودة للأسف.

لكن العريضي يقول: إن هيئة التفاوض التي يشغل فيها منصب رئيس مكتبها الإعلامي: “لديها مخطط عام أو مشروع سيتبلور الأسبوع القادم، وخلال الفترة القادمة”

وحول هذا المشروع يشرح العريضي بعض الجوانب فيه فيقول: “التواصل مع جملة الدول المؤثرة بالقضية السورية، وخاصة أوربا وأمريكا والدول العربية، وحثها على اتخاذ موقف واضح تعبّر فيه عن عدم شرعية هذا الإجراء، ومخالفته للقرارات الدولية، التي قالت ونصّت بضرورة انتخابات تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة”.

ويرى العريضي أهمية توضيح الأسباب التي تقف خلف هذا الموقف، وأولها عدم توفر بيئة آمنة، أو محايدة، وثانيها التدخل الأمني وهو أمر معروف وموثق، وكذلك خوف الناس، وثالثها يتعلق بالاستعدادية لدى النظام للتزوير. مضيفاً: هذا نهج بالنسبة للنظام، وما ذكرناه سيكون أحد الإجراءات.

ويتابع العريضي: أما النقطة الثانية في استراتيجية عمل هيئة التفاوض، فستكون فتح الملفات الحقوقية، وملفات الإجرام، التي ارتكبها النظام، وتكثيف العمل بهذه الأمور من خلال دعوة نشطاء ومؤسسات للقيام بهذه المهمة، لوضع منظمات حقوق الإنسان في حالة استنفار تجاه تفلّت المجرمين، ومساعيهم الآن لمسح تلك الجرائم عبر هذه المسرحية الانتخابية، التي يرى العريضي أنها تُهين السوريين والعالم عملياً.

ويجد العريضي في النقطة الثالثة أهمية الحملات الإعلامية في مناطق خارج سيطرة النظام مثل الشمال السوري، وفي أمكنة أخرى، وتوضيح أن هذه المسرحية هي طمس لحقوقهم وتضحياتهم واستمرار للمجرم والجريمة، ولهذا يجب ألا يكون هناك أي اشتراك بهكذا انتخابات”.

نرفض انتخابات رأس النظام

المحامي رديف مصطفى
نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين

المحامي رديف مصطفى نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد السوريين يقول: “بخصوص التصدي لمشروع النظام بإجراء انتخابات، نحن نعمل وندعو ونتفاعل مع كل القوى الثورية، للقيام بحملة سياسية وإعلامية، لإعلان موقف صريح وواضح يعبّر عن رفضنا لهذه الانتخابات”.

ويوضح مصطفى الأمر: “لنفس الأسباب التي ذكرتها فانتخابات كهذه صادرة عن نظام غير شرعي، هي انتخابات تخالف إرادة الشعب السوري في الحرية والكرامة، وتخالف القرارات الدولية”.

ويرى نائب رئيس رابطة المستقلين الكرد: “أنهم وبالتعاون مع قوى أخرى ينشطون للقيام بهذه الحملة السياسية والإعلامية” داعياً كل القوى الوطنية والثورية وعلى رأسها الائتلاف القيام بهكذا حملات لا لبس فيها.

المطلوب بدائل من المعارضة

الأستاذ رياض درار
رئيس مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)

رئيس مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) الأستاذ رياض درار يقول: “مجلس سوريا الديمقراطية غير معني بأي انتخابات قامت أو يقوم بها النظام السوري سواء كانت محلية أو تشريعية أو رئاسية، فنحن لن نشارك بها، ولن نكون جزءاً من فعالياتها، بل هي كانت محور خلاف”.

ويرى درار أن هكذا انتخابات فوقية ودائماً فيها تزوير، ولا يمكن الاعتماد عليها، مضيفاً: “إنها تسيء للسوريين لإنها تجعلهم عبارة عن أتباع يأتمرون بما يملى عليهم، ولا يمكنهم تقرير ما في ضمائرهم”.

ويعتقد درار أن الانتخابات الرئاسية الحالية هي بنفس الصيغة (فرض أمر واقع) والنتيجة معروفة سلفاً.

لكنه يشير إلى أمر آخر فيقول: “قوى المعارضة متخلفة عن إيجاد بدائل، يمكن أن تحرّك المجتمع الدولي، ضد مشروع الانتخابات، وأي مشروع إداري يقوم به النظام”. ويذهب درار إلى اعتبار: “النظام قد فقد شرعيته بثورة الشعب عليه، وهذا الشعب موجود الآن في المنافي، وفي مخيمات اللجوء، ولا يمكنه أن يشارك مشاركة حقيقية في أي فعالية خاصة، مثل هذه الفعاليات الانتخابية، التي تحتاج إلى تنظيم وإلى رؤية حقيقية، وإلى ضخ إعلامي حقيقي، لتبيين الوقائع، التي يمكن لأي فرد مواطن أن يبدي رأيه بشكل غير متأثر بمجريات الأحداث”.

لكن رئيس مجلس سوريا الديمقراطية المشارك يرى أن المشروع المعارض يمكنه أن ينجز شيئاً، يواجه العملية الانتخابية من خلال توحيد قوى المعارضة بشكل صريح وسريع، والتوجه إلى العالم وإلى القوى الدولية، بأن هذه الانتخابات غير عادلة، وأيضاً هناك أعمال ارتكبت كجرائم حرب، لا يمكن لمرتكبيها أن يكونوا جزءاً من العملية الانتخابية، أو من المرشحين للمشاركة فيها لعمل سياسي أو إداري يقود البلاد.

ويعتقد رياض درار أنه بالإمكان إيقاف العملية الانتخابية، أو الحكم عليها، لأنها تجري في مناطق محددة، ومن حق السوريين رفضها وإقامة بديل عنها

وانتقد درار الائتلاف قائلاً: “القوى المعارضة ممثلة بالائتلاف السوري الذي لم يعط الفعالية السياسية حقها” وبرأيه فإنه ارتهن لقوى خارجية رسمت مساره، وهذا ظهر في سوتشي وأستانا وخفض التصعيد.

وبرأي درار، إن تراجعات حدثت سببها الإدارة الضعيفة للقوى المتحكمة بسياسات الائتلاف، وهذا يدفعنا للقول إن الائتلاف معني بمراجعة نفسه وبأقرب وقت، وأن يتوجه للسوريين برؤى تستطيع خلق مقاربات قادرة على مواجهة انتخابات النظام، وأول هذه المقاربات برأي درار هي الاستفادة من أرض محررة وقوى كبيرة، تستطيع أن تدير عملاً سياسياً على الأرض السورية”.

ويعتقد درار: أن الأجزاء المحررة من سوريا يمكنها أن تتخذ قرارات ضد النظام الاستبدادي المركزي المعمول به في الدولة والمجتمع، الذي جعل سوريا دولة فاشلة” 

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني