موسم زراعي يحتضر في انتظار رحمة السماء
معظم أهالي شمال شرق سوريا يعتمدون على الزراعة كمصدر أساسي لدخولهم، وتأمين حاجاتهم، بدأ الخوف من ضياع مواسمهم يتسرب شيئاً فشيئاً إلى قلوبهم، مع تأخر هطول المطر بداية الموسم وطول فترة انقطاعه، مع جو مشمس أدى الى ضياع رطوبة التربة، منذراً بسنة تعتبر من سنوات الجفاف في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعانون منها، والغلاء الفاحش، وارتفاع سعر صرف الدولار، واحتكار التجار لجميع المواد، إضافة للتكاليف الكبيرة التي تكبدوها لتأمين البذار والحراثة والزراعة، وكما هو معروف فإن معظمهم يدفع هذه التكاليف بعد الحصاد، لعدم قدرتهم على تأمينها قبل ذلك. لذا ضياع الموسم ليس فقط هو فقدان مصدر رزق، بل وعدم القدرة على إيفاء الديون.
كل هذا دفع أهالي القرى والبلدات إلى الاستنجاد بطقوس متبعة في هذه المناطق. فكثرت الدعوات من أجل إقامة صلاة الاستسقاء في كل الأماكن. (صلاة الاستسقاء هي صلاة نافلة يصليها المسلمون تصلَّى طلبًا لنزول الغيث (المطر) ليقطع الجفاف أو يقضي حاجة أخرى في نية المصلي. وهي ركعتان تصلَّيان جماعةً بإمام)
كما لجأ آخرون إلى صناعة (عروسة المطر) ليحملها الأطفال في الطرقات مرددين دعاء لنزول المطر لترش النسوة العروس بالماء على أمل أن تقبل ابتهالاتهم ويهطل المطر.
وأقام الكثيرون ما يسمى في المنطقة بـ (زيو) وفيه يشترك الجميع بإعداد الطعام وتقديمه بشكل جماعي للأطفال ليأكلوا ويدعوا الله بهطول المطر. طقوس لجأ إليها الأهالي على أمل أن تهطل الأمطار لتنقذ مواسمهم.
إضافة لما يترتب عليه من ضياع مصدر دخل وطني ومصدر المواد الغذائية الأساسية من قمح وعدس ومواد عطرية والأهم مادة الدقيق مع ارتفاع نسبة زراعة الأراضي بمادة القمح هذه السنة.
وقد بدأت مديرية زراعة الحسكة بمنح وثيقة التنظيم الزراعي للفلاحين بهدف تطبيق الخطة الزراعية للموسم الشتوي 2020-2021.
حيث أوضح مدير الزراعة المهندس رجب سلامة في تصريح له أن منح الفلاحين الراغبين بترخيص المساحات الزراعية الموجودة لديهم عبر الحصول على وثيقة التنظيم الزراعي يتم عبر الدوائر الزراعية المنتشرة في عموم أرجاء المحافظة.
ولفت المهندس سلامة إلى أن تأخر هطول الأمطار خلال العام الحالي ساهم في تأخر بدء زراعة محصولي القمح والشعير.
يشار إلى أن خطة زراعة القمح البعل في محافظة الحسكة 443228 هكتاراً والقمح المروي 301293 هكتاراً والشعير البعل 333380 هكتاراً والشعير المروي 24331 هكتاراً..
وبلغت المساحات المخطط زراعتها بمحصول القمح والشعير للموسم الشتوي 2020-2021 في محافظة الحسكة 1.102 مليون هكتار موزعة على مختلف مناطق الاستقرار الزراعي بالمحافظة.
وبين مدير الزراعة المهندس رجب سلامة في تصريح له أن المساحة المخطط زراعتها بالقمح البعل بلغت 443228 هكتاراً والقمح المروي 301293 هكتاراً والشعير البعل 333380 هكتاراً والشعير المروي 24331 هكتاراً مؤكداً أنه نتيجة تحسن المخازين المائية في سدود المحافظة تمت زيادة 3 آلاف هكتار قمح مروي عن خطة العام الماضي.
بالإضافة للبقوليات في الموسم الشتوي بمساحة قدرها 102489 هكتاراً، بعل ومروي.
وقد بدأ المزارعون في شمال شرقي سوريا بحراثة الأراضي وزراعتها منتظرين رحمة السماء التي تأخرت كثيرا فأخذ الخوف والقلق يتزايد يوماً بعد يوم.
وفي لقاء متلفز له، تحدث المهندس الزراعي عيسى أحمد: “أن نسبة زراعة القمح لهذا العام تبلغ نحو 50%من الأراضي المزروعة”
وأضاف “يبلغ العمر النباتي لنبات القمح بين 100/120 يوماً تبدأ من 15 تشرين الأول، ومع عدم هطول الأمطار في البداية، فإن من زرع في البداية تم الاستنبات مع هطولات مطرية ثلاثة تعتبر غير كافية، فمعدل الأمطار لم يتجاوز 56 ملم تلاها فترة مشمسة أثرت على فقدان الرطوبة في التربة وخاصة في مناطق الجنوب ذات التربة الرملية”.
وتابع: “تحتاج السعة الحقلية إلى نحو 20 ملم حتى يتم إشباع التربة بنسبة الرطوبة يليها جو غائم ليضمن استمرار نمو النبات واستقرار الموسم وبذلك يمكن إنقاذ الموسم، بالإضافة إلى أن النباتات العطرية تتميز بعدم حاجتها لأمطار كثيرة ما يحقق بعض الاستقرار”.
وتبقى البذار التي نثرها الأهالي تحمل آمالهم في تأمين جزء من حاجاتهم ونفقاتهم. علّها تخفف بعضاً من معاناتهم التي طال أمدها.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”