fbpx

جامعة تشرين.. فساد مستشرٍ وغياب للمحاسبة

0 321

يتهامس طلاب جامعة تشرين الواقعة في مدينة اللاذقية فيما بينهم بقصص الفساد التي تنتشر بكثرة بين كلياتها، في مختلف المناسبات، خصوصاً مع تكرار رسوب أحدهم بمادة ما، قد  يتوقف تخرجه عليها في الكثير من الأحيان، لتنهال النصائح والحلول المرتبطة بمعظمها بالفساد، هذه الحال وارتفاع نسبة الفساد وانتشار المحسوبيات والوساطات بعد الحرب دفع بعض الطلاب لإنشاء صفحة على موقع فيسبوك عام 2013 تحمل اسم “الفساد بجامعة تشرين” نشرت هذه الصفحة العديد من قصص الفساد التي تحصل في الجامعة لتتوقف عن النشر بعدها لأسباب غير معروفة لكن حال الجامعة استمرت من سيء إلى أسوأ.

 

أشكال الفساد

تتنوع أشكال الفساد المنتشر فيها فمنه فساد إداري وآخر بين الموظفين وصولاً إلى بيع الأسئلة أو شراء العلامات والنجاح، فضلاً عن موضوع الدروس الخاصة التي يعتمد عليها بعض المدرسين مع طلابهم ويقومون بإنجاح من يسجل بها بينما يرسب الطلاب الذين يمتنعون عن التسجيل، وصولاً إلى الفساد الأخلاقي، فالمنح الدراسية من نصيب أصحاب الوساطات وأبناء المسؤولين دون النظر إلى المهارة العلمية والتفوق.

“س.ز” طالبة تدرس في كلية التربية في السنة الثالثة توضح لنينار برس تفاصيل أكثر حول أسباب الفساد وآليته، معتبرة أن السبب الرئيسي هو غياب القانون الذي يحاسب أو يحد من هذا الأمر فضلاً عن النظام الذي يلعب دوراً كبيراً في انتشاره، خصوصاً بعد الحرب حيث أعطى الصلاحية بشكل كبير لمواليه، لاسيما حملة السلاح وبات لهم قوة وسطوة حتى على المدرسين في الجامعة، كذلك يلعب الغلاء وقلة الرواتب التي لا تتناسب مع الحاجات دوراً في فساد الموظفين والبحث عن طرق غير أخلاقية للحصول على بعض الأموال. 

تابعت أنها سمعت الكثير من القصص عن شراء أسئلة وعن تقديم الطالبات خدمات جنسية مقابل النجاح وما يعرف بالعامية “مصاحبة الدكتور” أو أحد الطلاب الواصلين وهنا تنوه إلى أن الكثيرات ينصحن بعضهن بهذا الأمر (عطي ريق حلو للدكتور) وهذا يضمن ويسهل عملية النجاح بشكل كبير، منوهة إلى أن بعضهم يضغط أيضاً على الطلاب المتفوقين لكتابة حلقات البحث مثلاً وتقديم المواد العملية عنهم مقابل المال أو بالترهيب، فهناك الكثير من الشبيحة في الجامعة، يحملون السلاح ويهابهم الطلاب الآخرون وهناك من لديه سلطة أمنية ويشكل خطر حقيقي على حياة زملائه.

قصص فساد مختلفة: 

ينتشر بين الحين والآخر اسم أحد الطلاب أو المدرسين في الجامعة في حديث عما يقومون به من تجاوزات وأفعال لا تتناسب مع آلية التعليم أو مع خصوصية الحرم الجامعي، منها ما قام به أحد الطلاب حيث قم أخوه بتقديم الامتحانات بدلاً عنه، بسبب انشغاله بقيادة إحدى مجموعات الشبيحة التي تقاتل إلى جانب النظام في معاركه ضد المعارضة، كذلك قصة حصول إحدى الطالبات في كلية الآداب في سنتها الثانية على بعثة لدراسة اللغة الفرنسية في جامعة أوربية رغم أن درجاتها عادية جداً وحرمان المتفوقين لأسباب تتعلق بآلية الاختيار المرتبطة أساساً بالوساطات والأموال. أما الحدث الأهم هو تسريب أسئلة الامتحان عدة مرات.

كل هذا يجري داخل الحرم الجامعي، ماذا عن الفساد الأكبر المنتشر ضمن السكن الجامعي؟

يعاني الطلاب البسطاء أشد المعاناة للحصول على سرير رغم قدومهم من أماكن بعيدة ومحافظات أخرى، بينما الحال تختلف بالنسبة لأبناء القرى القريبة من مدينة اللاذقية الموالين للنظام، ولا يحتاجون عملياً للسكن الجامعي كون المدة التي تستغرقها الطريق إلى المدينة لا تتجاوز خمس عشرة دقيقة، لكن معظمهم لديه غرفة يقيم فيها داخل السكن.

يتحدث “ن.ع”، موظف سابق في جامعة تشرين: إن الفساد مستشر ويحتاج حل الأمر لتغيير كامل الكادر العامل بداية من رئيس الجامعة حتى أصغر عامل فيها، فهذا الأمر تسبب بتدني المستوى العلمي داخلها وتراجع تصنيفها، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة وبات الدخول إليها محاباة لمؤيدي النظام وبهدف إسكات سكان المناطق الموالية له، والمبرر أنه أتاح التعليم والنجاح لجميع أبنائهم دون النظر إلى التحصيل العلمي.

أضاف لنينار برس: إن أي انتقاد لهذا الواقع من أي عامل أو طالب يجعله عرضة للاعتقال وتوجيه التهم، وهذا الأمر لم يترك خيارات أمام الموجودين وجعل الحل الوحيد للسلامة من هذا المستنقع هو الهرب وترك العمل أو الدراسة والتوجه خارج البلاد أو نحو المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، مشيراً إلى أنه خلال عمله شهد الكثير من حالات التشبيح وطرد لطلاب من مدن كحماة وغيرها ممن يعرف بمعارضته للنظام من قبل الطلاب الموالين من السكن أو حتى التهجم عليهم داخل الحرم لكن لم يكن هناك أي رد أو محاسبة وهذا ما أوصل الحال إلى ما هي عليها حالياً.

 

غياب القانون:

لم تشهد جامعة تشرين حتى الآن أية محاسبة أو تطبيق قانون للتعامل مع حالات الفساد أوالتشبيح أو الرشوة، بل على العكس جميعها مرحب بها وهذا شكل بيئة جيدة لزيادتها والاستمرار في الاعتماد عليها في مدينة تسير المؤسسات الحكومية فيها كافة على النهج ذاته، مع فارق بسيط وهو أن هذا المكان يربي الشباب على هذا النهج ويخرج جيلاً جديداً من الفاسدين، الذين يعتبرون عماد المستقبل القادم والذين سيتم الاعتماد عليهم في بناء وإدارة البلد، وهذا ما اعتبره المحامي “و.ر” من أبناء مدينة اللاذقية السبب الأساسي في إدخال الفساد إلى أهم المراكز التعليمية في المدينة لوجود رغبة كبيرة لدى النظام بجعله نهجاً لمواليه وإظهار تفوقهم وسلطتهم على باقي أطياف وطبقات المجتمع، والذي يجعلهم يستمرون بالدفاع عنه رغم معرفة أن مصيرهم الموت، وذلك بهدف الاستمرار بالحصول على هذه المكاسب العلمية والطبية وغيرها، فيشعرهم أن غيابه سيحولهم إلى أشخاص عاديين ليس لديهم أي قوة أو سلطة وحتى أولادهم سيكونون غير قادرين على التعلم والذهاب إلى الجامعة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني