كورونا يفاقم معاناة الأهالي في الشمال السوري.. ومنظمات تدق ناقوس الخطر
تزداد في الشمال السوري أعداد المصابين بوباء كورونا نتيجة الإهمال، وقلة الوقاية وما يعيشه الأهالي من ضغوطات حياتية ووضع معيشي مترد يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وانتشار الفقر الذي يجعل شراء الكمامات والمعقمات، مصروفاً إضافياً يصعب تحمّله، فضلاً عن المنشآت الصحية المدمرة والمستهدفة باستمرار.
أسامة العثمان نازح من مدينة سراقب إلى مخيم كفرلوسين بريف إدلب الشمالي يتحدث لـ “نينار برس”: “لا يمكنني البقاء داخل الخيمة دون عمل، فأنا أب لخمسة أبناء، ويقع على عاتقي مسؤوليات كبيرة، أما أولادي فيذهبون إلى مدارسهم، ولا قدرة لنا على تطبيق التباعد والعزل.”
زوجة أسامة تتحدث عن الإجراءات الاحترازية التي تطبقها داخل المخيم: “تنعدم في المخيمات معايير النظافة العامة، بسبب الصرف الصحي المكشوف وقلة المياه النظيفة، وتقارب الخيام من بعضها بعضاً، لذلك أسعى إلى غسل أيدي أولادي باستمرار، وكذلك الاستحمام أسبوعياً، وهذا كل ما يمكنني فعله.”
وقد سجلت مختبرات الترصد الوبائي في الشمال السوري /337/ إصابة جديدة بمرض كوفيد-19 في يوم الخميس 29 تشرين الأول/أكتوبر الحالي، في محافظتي حلب وإدلب، وبذلك أصبح عدد الاصابات الكلي /5075/ كما تم تسجيل /46/ حالة شفاء، وبذلك أصبح عدد حالات الشفاء الكلي 2142 حالة، فيما يبلغ إجمالي عدد الوفيات 42 حالة.
وفي سياق التعاون في مواجهة وباء كورونا في الشمال السوري، والحديث عن آخر التطورات فقد عُقد في مديرية صحة إدلب يوم الأربعاء 28 تشرين الأول 2020، مؤتمراً صحفياً نظمته المديرية بالتعاون مع الدفاع المدني السوري، ومشاركة كل من الرابطة الطبية للمغتربين السوريين (SEMA)، ووحدة تنسيق الدعم، واتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية (UOSSM)، ومنظمة بنفسج، ومنظمة خبراء الإغاثة، ومنظمة شام الإنسانية، ومنظمة سوريا للإغاثة والتنمية (SRD)، والجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز)، وذلك للحديث عن واقع وجهود الاستجابة لجائحة (كوفيد-19) في محافظة إدلب.
وقد ركز المؤتمر على معاناة الكوادر الطبية، نتيجةً لغياب الدعم الدولي والذي لا يغطي سوى 50% من إجمالي احتياجات منطقة شمال غرب سوريا من معدات ووسائل الوقاية، وتجهيزات المشافي الخاصة بعلاج مصابي الوباء، وأن 71% من الأسر غير قادرة على تغطية احتياجاتها المعيشية، وأكثر من ثلث السكان أثرت جائحة كورونا على مدخولاتهم المالية، وأن أقل من 10% من السكان يستعملون الكمامات، إضافة لوجود 62% من العوائل غير قادرة على الوصول إلى كمية كافية من المياه، وانتهى المؤتمر بالبيان الختامي الذي عرض أهم توصيات منظمي المؤتمر، منها التأكيد على حاجة شمال غرب سوريا إلى توفير وسائط الحماية الفردية عبر إنتاج وتوزيع الكمامات الطبية والقماشية، مع ضرورة بذل الجهود لإيقاف العمليات العسكرية، والحفاظ على وقف إطلاق النار فيها، وتغطية الاحتياجات الإنسانية لسوريا، وتسريع التمويل للاستجابة الصحية لجائحة كورونا، والبدء بتخطيط وتوفير الدعم اللازم للجائحة التي ستصل لذروتها نهاية العام، بالإضافة إلى دعم فرص سبل العيش، وزيادة مستويات الأمن الغذائي، والتي تُعدُّ من المسبّبات الأساسية التي تعيق تحقيق التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي للمصابين.
وتشير أرقام صادرة عن مديرية صحة إدلب، التابعة للحكومة السورية المؤقتة، إلى وجود ما يقدر بحوالي 600 طبيب لتقديم الرعاية الصحية لأربعة ملايين نسمة شمال غرب سوريا، أي بمعدل 1.4 طبيب لكل 10,000 شخص، فيما يبلغ عدد الأسرّة في أقسام العناية المركزة 201 سرير، أي سرير واحد لكل 20,788 شخص، أما عدد أجهزة التنفس للبالغين، والتي تؤدي دوراً حاسماً في علاج الإصابة بـ “كورونا”، فيبلغ 95 جهازاً، مقابل 30 جهازاً للأطفال.
لا يخفي أهالي الشمال السوري مخاوفهم بسبب خطر انتشار فايروس كورونا، دون أن تسمح لهم أوضاعهم بالالتزام بإجراءات الوقاية من كمامات ومعقمات ذات الأسعار المرتفعة، كما أنهم لا يقدرون على تطبيق الحجر المنزلي بسبب حاجتهم الماسة للعمل.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”