حقائق معيشية في ظل موارد ضعيفة
في تصنيفات للبنك الدولي يوصف بالفقر كل من عاش بأقل من 3,20 دولار في اليوم أي 96 دولار شهرياً أما صفة الفقر المدقع فتقع على من يعيش على أقل من 1,90 دولار يومياً أي 57 دولار شهرياً.
وفقاً لهذه التصنيفات فإن غالبية الشعب السوري ومن ضمنه سكان مناطق شمال وشرق سوريا يصنفون ضمن الموصوفين بالفقر المدقع حيث لا تتجاوز رواتب العاملين في قطاعات الدولة حوالي 20 دولار شهرياً.
في إحصائية حديثة لإحدى المواقع المحلية فإن الأسرة السورية تحتاج ما يقارب 600000 ليرة سوريا شهريا لتأمين مستلزمات الحياة الأساسية وهي تأمين السكن والكهرباء 100000 والغذاء والمشروبات الأساسية 300000 وتأمين مستلزمات المنزل من أثاث وتوابعه 36000 والصحة 35000 والنقل 30000 والتعليم 30000 والملابس25000 والاتصالات 20000.
في مناطق شمال وشرق سوريا يعيش يمكن تصنيف العاملين برواتب ثابتة ضمن ثلاث فئات عاملون لدى الدولة برواتب لا تتجاوز الـ 500000 ليرة سورية وعاملون في الإدارة الذاتية تصل رواتبهم إلى 300000 ليرة سورية وعاملون في المنظمات الدولية العاملة في المنطقة وهؤلاء هم النسبة الأقل ويتقاضون رواتب قد تصل إلى 750 دولار شهرياً وفقاً للمستوى التعليمي لهم.
وفي ظل الارتفاع الكبير لأسعار المواد الأساسية بات الشغل الشاغل للسكان تأمين احتياجاتهم الأساسية حيث تشهد المنطقة ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الأساسية وأجور السكن حيث تصل أجور المنازل في بعض المناطق إلى 100000 ليرة سورية وبمقارنة بسيطة بين عام 2011 وعام 2020 نجد أن قيمة المواد الأساسية قد زادت ما بين 50 إلى 70 ضعفاً.
مناطق شمال وشرق سوريا غنية بالموارد الاقتصادية والاجتماعية، وغياب الخطط الاستراتيجية والإدارة السليمة لاستغلال هذه الموارد أدى إلى تردي الوضع الاقتصادي لسكان المنطقة لعدم وجود خطط اقتصادية على أرض الواقع وغياب التنظيم والعقول التي تديرها وعدم استخدام أساليب متكاملة في الترخيص وإقامة المشاريع وصرف الموارد المالية في وجهات لا تفيد الاقتصاد المحلي.
إضافة إلى ذلك فإن سيطرة قطاعات غير إنتاجية ذات طابع ربحي سريع تعود بالفائدة على العاملين فيها فقط دون توفير فرص عمل كالتجارة والاستيراد والتصدير والصيرفة زادت أعباء المواطنين وقلصت فرص تطوير الاقتصاد المحلي.
فرص العمل في المنطقة لا تتعدى العمل مع التجار أو الإدارة الذاتية أو في مجالات البناء والعمران فلا وجود لشركات أو مصانع تستغل وتستفيد من الطاقة السكانية المتوفرة في المنطقة.
اليوم عام 2020 سكان سوريا عموماً ولا نستثني منهم سكان شمال وشرقها يعيشون في أغلبهم ضمن تصنيف الفقر والفقر المدقع حيث تحتاج عائلة مكونة من 5 أفراد إلى ما يقارب 600000 ليرة سورية شهرياً لتأمين أساسيات الحياة وهو رقم شامل لا يستثنى منه أحد. ولكن تبقى مناطق شمال وشرق سوريا مقارنة مع ما يحدث في الداخل السوري من عدم توفر الخبز والوقوف في طوابير طويلة للحصول عليه أو على البنزين أو المازوت تعيش واقعاً أكثر راحة حيث تتوفر هذه الأساسيات بشكل أفضل رغم انقطاعها لفترات قصيرة.
600000 ليرة سورية حاجة الأسرة لتأمين أساسيات حياتها فيما لا يتجاوز دخل الفرد الواحد شهرياً الـ 100000 ليرة سورية وسطياً، ما يعني الحاجة لخمس أفراد عاملين في كل أسرة في ظل غياب فرص العمل، ما دفع الناس للدفع بأبنائهم إلى العمل مع الإدارة الذاتية سواء كموظفين مدنيين أو متطوعين في قسد أو قوى الأمن الداخلي لتأمين ما يلزم للأسرة من مصاريف.
هذا حال سكان شمال وشرق سوريا بمكوناتهم كافة. ويبقى الوضع الأمني هو المسيطر الأكبر على جوانب الحياة كافة، الاقتصادية والاجتماعية، فتحسن الوضع الأمني قد يفتح المجال لإنشاء استثمارات ومشاريع تفتح آفاق جديدة للعمل أمام سكان المنطقة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”