fbpx

أغذية فاسدة في الشمال السوري.. والأطفال الضحية الأولى

0 180

تشهد مناطق الشمال السوري انتشاراً واسعاً للبضائع الأجنبية في أسواقها، حيث توجد أصناف وماركات مشهورة من المواد الغذائية، تباع في المتاجر على أنها عروض تجارية رخيصة الثمن، كما تكررت حالات التسمم الغذائي، نتيجة إدخال مواد غذائية منتهية الصلاحية إلى الأسواق المحلية، أو نتيجة تناول أغذية فاسدة من المطاعم أو من خلال وجبات توزعها جمعيات خيرية، وسط غياب القوانين المتعلقة بأنظمة الرقابة الغذائية، وعدم محاسبة المخالفين لشروط الصحة والسلامة العامة، وافتقار المجالس المحلية لقوة تنفيذية تمكنها من ضبط الأسواق التي تحتاج لسلطة صارمة تكون قادرة على ردع المخالفات والحد منها.

حيث تكررت حوادث التسمم سابقاً، ففي 13 أيار/مايو الماضي، ظهرت حالات تسمم ضمن مخيمات الشمال بمحافظة إدلب، حيث نقل نحو 40 مدنياً بينهم نساء وأطفال من مخيمات في بلدة “كللي” شمال إدلب إلى المراكز الطبية والمشافي، وذلك نتيجة تناولهم لوجبات قُدمت إليهم من قبل “جمعيات ومنظمات خيرية”.

كذلك جميل أبو خالد من مدينة معرة النعمان يشكو من تعرض زوجته وطفله لتسمم بعد تناول وجبة لحوم معلبة “مرتديلا”، ويؤكد أن الرقابة التموينية على المحال التجارية والمطاعم في إدلب “غائبة تماماً” في ظل إدارة “حكومة الإنقاذ”، التي تسيطر على معظم محافظة إدلب شمالي البلاد، وتنشغل بجمع الضرائب عن ضبط الأسواق ومراقبتها.

وعن حادثة التسمم يقول أبو خالد لنينار: “حين عدت من العمل إلى المنزل، تفاجأت بزوجتي وطفلي البالغ من العمر خمس سنوات يعانيان من آلام شديدة في البطن، مع ارتفاع في درجات الحرارة، وحين أسعفتهما إلى مشفى في مدينة إدلب تبين إصابتهما بحالة تسمم غذائي نتيجة تناول طعام فاسد.”

لعل أم يمان من بلدة سرمين كانت أوفر حظاً حين تعرضت لحادثة مشابهة، حيث تداركت الوضع قبل حدوث التسمم، وعن ذلك تقول: “عاد ولدي من المدرسة حاملاً بيده علبة “حليب مع الموز” اشتراها من أحد المحلات التجارية، فتنبهت إلى ضرورة قراءة مدة الصلاحية، فتفاجأت بأن المنتج منتهي الصلاحية منذ أكثر من شهرين، وعند مراجعة البائع أكد أنه لم ينتبه إلى مدة الصلاحية عند شراء البضائع.”

لا يقتصر الأمر على انتشار الأغذية الفاسدة، وإنما يتم أيضاً بيع أدوية وحليب أطفال منتهي الصلاحية، إذ يقول سالم العبدي، النازح من قرية كفر روما إلى مخيم في بلدة كفر لوسين الحدودية مع تركيا، أنه اشترى من أحد المتاجر علبة حليب لطفله البالغ من العمر تسعة أشهر، وبعد استعمالها بدأت تظهر على الطفل أعراض التسمم من قيء وإسهال، وبعد عرض الطفل على الطبيب، تبين أن الحليب منتهي الصلاحية، ولكن تم إخفاء التاريخ بلصاقة جديدة.

أبو محمد من مدينة إدلب صاحب متجر لبيع المواد الغذائية يتحدث لـ نينار برس عن مصادر الأغذية التي تدخل إلى الشمال السوري بقوله: “تدخل البضائع إلى مناطق شمال غرب سوريا إما من الأراضي التركية عبر معبر باب الهوى أو من مناطق النظام السوري.”

ويبين أبو محمد أن الأغذية الفاسدة تكون في بعض الأوقات نتيجة سوء التخزين من قبل أصحاب المحلات التجارية، وعدم الالتزام بالمواصفات وشروط التخزين بالتزامن مع عدم توفر الكهرباء لضمان حفظ المواد الغذائية التي تحتاج إلى تبريد كاللحوم والأجبان والألبان.

بعض مناطق ريف حلب الشمالي ومنها اعزاز تلتزم بالرقابة التموينية من خلال المتابعة بشكل يومي، بحسب ما قاله مدير “دائرة الرقابة والتموين” في مدينة اعزاز، فاضل كنو: “معظم المواد منتهية الصلاحية تكون بعد دخولها وتخزينها لفترات طويلة، لذلك نحرص على المتابعة والرقابة الغذائية بشكل يومي على أصحاب المستودعات وسيارات بيع الجملة، بالإضافة إلى وضع حواجز في الطرق الرئيسة لتفتيش وتدقيق المواد فيما يخص فترة الصلاحية للاستهلاك البشري.”

يتابع كنو: “في حال وجدت “دائرة الرقابة والتموين” أي مادة غذائية فاسدة، تقوم بمصادرتها وتنظيم ضبط عدلي بحق المخالف، كما توجد هناك أنواع مختلفة من الضبوط، منها مخصصة للمواد الغذائية المنتهية الصلاحية، ومنها مخصصة لسوء صناعة المواد الغذائية، وسوء تخزينها.”

خبيرة التغذية علا الغزال من مدينة سرمدا تتحدث لـ نينار برس عن الغذاء الفاسد: ” تستمر البضائع والمواد الغذائية بغزو أسواق الشمال السوري، ليقع الكثيرون ضحيتها في حالات تسمم ومرض وإصابة بالعديد من الأوبئة التي يمكن لها أن تكون ذات آثار صحية خطيرة كأمراض المعدة وحتى التيفوئيد.”

تتابع الغزال: “بعض التجار من أصحاب النفوس الضعيفة يلجؤون لبيع المواد الغذائية المنتهية الصلاحية مع تغيير تاريخ مدة الانتهاء بغية الحصول على أرباح أكبر، وإبعاد الشك عن بضائعهم.”

وتشير الغزال أن بإمكان الشخص معرفة الطعام الفاسد عن طريق الانتباه إلى لونه ورائحته، فالنشويات الفاسدة يتغير لونها إلى الداكن، واللحوم والدجاج يتدرج لونها من الوردي إلى الأحمر الزاهي فالرمادي، إضافة إلى ضرورة التحقق من رائحة الطعام قبل تناوله، فالطعام الفاسد تصدر عنه رائحة كريهة للغاية، وسبب هذه الروائح الكريهة تعفن الأطعمة، إذ تكون رائحة الطعام الفاسد نفاذة تشبه رائحة العفونة، أو رائحة حامضية.

مبينة أن بعض المطاعم تلجأ إلى استخدام البهارات والتوابل التي تغطي برائحتها القوية عيوب الطعام وتمنحه مذاقاً مقبولاً.”

لا شك أن السوريين اليوم باتوا تحت رحمة تجار الحرب، وجشعهم وحرصهم على مضاعفة أرباحهم، مستغلين الفلتان الأمني وضعف الرقابة، ولجوء أصحاب الدخول المتدنية لشراء مواد أقل سعراً، وإن كان على حساب سلامتهم وصحة أطفالهم.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني