fbpx

نازحون في ظلّ قسد يعانون الأمرين.. فمن ينجدهم

0 182

شهدت المناطق الممتدة بين تل أبيض ورأس العين المحاذية للحدود التركية، شمال شرق سورية، موجة نزوح كبيرة مع بدأ العمليات العسكرية، التي أطلق عليها اسم “نبع السلام، والتي قامت خلالها قوات من الجيش الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، والمدعومة من تركيا، بعمليات طرد ميليشيات ما يسمى “قوات سورية الديمقراطية”، (قسد)، وذلك بتاريخ التاسع من تشرين الأول عام 2019.

النزوح لحق قرى ومناطق أخرى من القرى الحدودية، على طول الحدود التركية السورية في محافظة الحسكة وصولاً إلى المالكية، بسبب سقوط القذائف فيها. 

ومع توزع النازحين على مناطق عدة، حاولت أطراف سياسية وعسكرية مقاتلة تابعة لميليشيات قسد، استثمار وصول النازحين إلى مناطق سيطرتهم، لتشويه صورة الطرف الآخر، وكسب الرأي العام لسياسته.

لذا تضاربت الآراء حول عدد النازحين. فكثيرون منهم لجؤوا إلى القرى والمناطق المجاورة للعودة بعد انتهاء العمليات العسكرية، وكثيرون انتشروا بحثاً عن الأمان، وتوزعوا في مخيمات ومراكز للإيواء.

مخيمات اللجوء.

تم نقل النازحين من هذه المناطق إلى عدة مخيمات.

• (مخيم واشوكاني) حيث قامت سلطات الأمر الواقع، التي تمثلها قسد، بإنشاء المخيم عند بلدة التوينة، على طريق الحسكة تل تمر على بعد 12كم من الحسكة لإيواء ما يقارب ثلاثة آلاف عائلة، ولكن تمّ إيواء ما يقارب 300 ألف شخص، 80 ألفاً منهم من الأطفال.

• (مخيم بلدة تل السمن) في ريف الرقة الشمالي، لإيواء نازحي تل أبيض.

• (مخيم نوروز) وتم نقل نازحي القرى الحدودية في الجوادية، ومعبدة، والمالكية، التي تعرضت للقصف أيضاً، وهو مخيم معد سابقاً.

(مخيم بردرش) في إقليم شمال العراق (المسمى إقليم كردستان) وقد نزح إليه ما يزيد عن 11 ألف لاجئ، عبروا الحدود عن طريق مهربين تقاضوا على تهريب كل شخص مبلغ وصل إلى 500 دولار للشخص الواحد، وهؤلاء اللاجؤون جاؤوا من جميع المناطق. ونتيجة الضغط الكبير على المخيم الذي فاق طاقته الاستيعابية، تم نقل ما يقارب 310 لاجئاً وصلوا في اليوم الأول إلى قسم تم إنشاؤه في مخيم كويلان للاجئين السوريين، والذي يضم حوالي 1850 لاجئاً سورياً سابقاً.

• (المدارس).  كما تم تحويل العديد من المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين الذين جاؤوا إلى مدينة الحسكة، علماً أن الكثيرين منهم لجؤوا إلى أقاربهم أو بيوت بالأجرة لمن لديه القدرة المالية، وقد شكل ذلك ضغطاً على المدارس والعملية التعليمية، وتم تقسيم الدوام إلى ثلاث فترات تشمل الصفوف كافة للمرحلة الأساسية. واتجهت نحو أربعين عائلة من تل أبيض إلى مدينة عين العرب وتم إيوائهم في مدرستي محمد الدرة واليرموك في ظل افتقارهما لأبسط مقومات الحياة.

 

استمرار مأساة النازحين

لم تقف مأساة هؤلاء النازحين عند ترك منازلهم وكل ما يملكون خلفهم هرباً من الموت ضمن هذه المخيمات. فالكثير منهم قرر متابعة رحلة اللجوء والهرب بحثاً عن الأمان وحياة أفضل. ونشطت تجارة البشر من المخيمات عبر الحدود العراقية والإيرانية والتركية، وصولاً إلى اليونان، ومنها إلى أوروبا.  رحلات محفوفة بالموت، فالكثيرون تم اعتقالهم وضربهم وإعادتهم مرة أخرى. والكثير منهم عاد جثةً هامدةً، قضى موتاً في المياه أو السيارات المغلقة. ومن نجا ووصل إلى وجهته، دفع مبالغ مالية طائلة لتجار البشر.

رغم المآسي وترك الديار والنزوح وضيق العيش، نازحات من مدينة رأس العين، يتعرضن للاعتداء والتنكيل والشتم والإهانة والتهديد بإعادتهم إلى مدينة رأس العين قسراً.

نازحة من مدينة رأس العين اتصلت بـ “آرك نيوز” وتحدثت عما قامت به قوات (أسايش) التابعة لحزب PYD بالنازحات، اللائي يُقمن في مدرسة بمنطقة (الكبابة) في مدينة الحسكة.

تسرد النازحة ما جرى في ليلة الأربعاء 29/7/2020 بحرقة قلب:

“قبل أسبوع من ليلة الأربعاء أخبرونا بأنه يجب علينا أن نخرج من مدرسة (أحمد شريف دباك) في الكبابة بالحسكة، بحجة فتح المدارس أمام الطلاب، ولكننا رفضنا ذلك. في ليلة الأربعاء 29/7/2020 جاءت دورية تابعة لأسايش PYD مدججة بالأسلحة والعصي إلى مدرسة (أحمد شريف دباك) في منطقة الكبابة بالحسكة، وأخبرتنا بأنه يجب علينا أن نخرج من المدرسة التي نقيم فيها، المدرسة التي لجأنا إليها هرباً من دمار العمليات العسكرية في مناطقنا. رفضنا ذلك، لأننا لا نملك مكاناً آخر يأوينا ويأوي أطفالنا، وليس بمقدورنا أن نستأجر البيوت في المدينة، فإيجارات البيوت وصلت إلى أكثر من 150 ألف ليرة سورية شهرياً”.

وتابعت: “دورية الأسايش قالت: ستخرجون من المدرسة رغماً عنكم، وليس أمامكم خيار آخر. لم تسمح لنا الدورية حتى بالمناقشة. مدَّ أحد عناصر الدورية يده إلى شعر فتاة تبلغ من العمر ستة عشر عاماً، أنجدتها أختها الكبرى، ولكن عناصر الأسايش أسقطوها أرضاً وبدؤوا بضربها دون رحمة. تدخلت امرأتان نازحتان من المقيمين في المدرسة، وحاوَلتا تخليص الشقيقتين من أيدي عناصر الأسايش، لكن عنصرَين من الأسايش “رجلان” أوسعا المرأتين ضرباً بالعصي، وهنا اتسعت دائرة التدخل من المقيمات في المدرسة لفك الاشتباك.

وأضافت النازحة: “بعد اتساع الاشتباك جاء الدعم لدورية الأسايش، وصلت ثلاث سيارات مدججة بالأسلحة إلى مكان الحادث، وكلهم كانوا من الرجال، عند وصولهم وبدون أي استفسار بدأوا بضرب النساء.” وأفادت، “أنه تم اعتقال أربع نساء وثلاثة رجال، وزجهم في السجون، مبدية قلقها على المصير الذي لقوه: “شهدنا كيف تعامل عناصر الأسايش معهم أمام العلن، فكيف سيعاملونهم وهم داخل السجون. لم نعد نعلم ما مصيرهم، أتراهم أحياء أم أموات؟ حين نسأل عنهم لا يخبروننا بأية تفاصيل”.

وأرادت النازحة من رأس العين، أن يصل صوتها إلى كل العالم، ويُفتح تحقيق حول ما جرى.

هذا وقد تم إنشاء مخيم جديد شرق الحسكة مقابل معمل الغزل باسم مخيم (سري كاتبه)، وتبلغ مساحته 600 دونم، نصب فيها 2260 خيمة. 1620 منها فردية و1040 جماعية مجهزة بالماء.

والكهرباء وأرضيات إسمنتية لنقل القاطنين في المدارس إليها.

سوء الأوضاع المعيشية .

يعاني هؤلاء النازحون منذ بدء نزوحهم أوضاع إنسانية ومعيشية صعبة. من قلة المستلزمات الضرورية، ومواد التدفئة، والمواد الغذائية، والصحية، في غياب شبه تام من دعم المنظمات الدولية والإنسانية والإغاثية . باستثناء الهلال الأحمر الكردي، ومنظمة البارزاني الخيرية، التي قدمت المساعدات عدة مرات على فترات متلاحقة.

وتتوالى المناشدات من النازحين لكافة الجهات المعنية، لتقديم الدعم والمساعدة، في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وانتشار جائحة الكورونا، والغلاء الفاحش لآجار البيوت والمواد الغذائية .

وتبقى أعين النازحين ترنو إلى ديارهم، التي تركوها خلفهم، يوم حملوا أحلامهم في حقائب ومضوا هرباً من الموت.  

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني