fbpx

نظام الملالي: تناقضات مكشوفة وخيارات مستحيلة؟!

0 34

هناك مثلٌ شائع ومستخدم بكثرة في الأمثال الإيرانية الدارجة بين الناس، وهو أنَّ فلاناً “يُبقي وجهه أحمر بصفعة” (يضرب وجهه ليُبقيه أحمراً). القصد من هذا المثل هو أنَّ الشخص المعني ضعيف وواهٍ ومنهك وشاحب اللون، لكنه يصفع وجهه حتى لا يظهر ضعفه، ويدّعي أنه لا يعاني من مشكلة، وأنه بصحة وعافية وقوة.

إنَّ المصداق الحقيقي لهذا المثل هو الوضع الحالي شديد الأزمة الذي يمرّ به النظام الإيراني، والذي يواجه تحديات متعددة، ويقوم بمحاولات يائسة للتستر عليها بأي شكل من الأشكال.

هناك حالة غريبة من تقافز النظام الإيراني بين مزاعم إظهار القوة والثبات، وبين مواقف تکشف عن ضعفه وهشاشته؛ إذ في الوقت الذي يُؤكد فيه قائد الحرس الثوري بكل قوة: “نقول أيضاً للمسؤولين الأمريكيين إننا مستعدون لأي سيناريو. بلدنا لن يخضع أبداً لإرادة سياسية أجنبية. أيدينا على الزناد، ونحن في حالة ترقّب، وإذا ارتكبوا أي حماقة، فسيتلقون ردوداً فورية تجعلهم ينسون كل ماضيهم”، فإن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، الحرسي محمد إسلامي، يلمّح وبطريقة غير مباشرة إلى استعداد نظامه لقيام مفتشين أمريكيين بإجراء عمليات تفتيش للمواقع النووية، كما أنه يقوم أيضاً بمغازلة مكشوفة للسعودية، التي كانت في صدارة الدول التي يعاديها ويكيد لها، خصوصاً عندما يُؤكد في تصريحات أخيرة له أن نظامه حريص على استمرار العلاقات الثنائية وضمان عدم تأثر موسم الحج!

هذا التناقض الواضح في التصريحات يدلّ على أن هناك فعلاً ما يبعث على القلق لدى النظام، الذي تعوّد خلال الأعوام الماضية على التأكيد على قوته ومناعته، وحتى قيامه – بسبب من ذلك – بسياسة ابتزاز واضحة المعالم من أجل تحقيق أهدافه. ومن دون شك، فإن هذا النظام الذي اعتمد – وبصورة أساسية – على مظاهر القوة إلى حدّ الغطرسة، فإنه عندما يُفتضح أمره ويتبيّن بأنه قد فقد جانباً كبيراً من قوته ولم يعد كسابق عهده، فمن الصعب جداً عليه الاعتراف بذلك، لأن الآثار والتداعيات السلبية عليه ستكون كبيرة، ومن هنا فإن النظام يظلّ، حتى في الوقت الحاضر، حيث لم يعد النظام الذي كان خلال الأعوام السابقة، يُؤكد على قوته وثباته، ويبدو أن إظهاراته الزائفة والواهية هذه لا تزال تلقى صدى لدى البعض من أنصار سياسة المساومة في أوروبا والولايات المتحدة، والأسوأ من ذلك أنهم يسعون لجعلها منطلقات للتعامل والتعاطي الدولي مع النظام الإيراني.

على أثر الأحداث والتطورات التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما العام المنصرم، الذي شهد فيه العالم هزائم نوعية لمشروع تدخلات النظام في المنطقة، وبشكل خاص بعد سقوط نظام الأسد وتقوقع حزب الله اللبناني على نفسه، فإن هذا النظام لم يعد من حيث قوته كالسابق أبداً، وهذه حقيقة باتت واضحة ومعلومة للعالم كلّه. وإن السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الإيرانية، تشير إلى هذه الحالة السلبية عندما تقول: “وللأسف، حاول أنصار سياسة المساومة في أوروبا والولايات المتحدة أن يقنعوا الآخرين بأن هذا النظام قوي. لكن العالم بات اليوم مدركاً لضعف هذا النظام”. والأهم من ذلك أنها تُؤكد ضعف النظام وكون ذلك حقيقة وأمراً واقعاً عندما تضيف محتجّة: “فلو كانت قوته قائمة على أسس حقيقية، لما خسر بهذه السرعة النفوذ الذي كان قد كسبه في سوريا ولبنان، ولما انهارت جحافله بهذه السرعة أمام هجمات الثوار خلال عملية الإطاحة بديكتاتور سوريا”.

النظام الإيراني، وهو يسعى لإبراز عضلاته المترهلة والتغطية على ضعفه المكشوف، يعمل حالياً بكل الطرق من أجل المساومة من أجل بقائه، فهو – وكما أشار خامنئي بنفسه خلال مناسبة دينية بتاريخ 31 آذار 2025 – لا يتوقع تهديداً من أميركا وإسرائيل، بل ركّز على ما سمّاه “الفتنة” داخل البلاد، أي الانتفاضة ضد النظام، وتوعّدها بالقمع.

نظام يعيش حالة غير عادية من الخوف والقلق من شعبه، ويسعى للمساومة من أجل بقائه، ويصر على التمسك بنهجه وغير مستعد للتخلي عنه، هو نظام مشبوه وغير جدير بالثقة، وإن منحه أسباب البقاء لفترة أو حتى إشعار آخر، أمر لن يكون أبداً في صالح المنطقة والعالم.

الحل النهائي من منظور المقاومة الإيرانية

يمكن القول إن نظام الملالي محاط بغضب الشعب وسخطه. وقد أشار خامنئي إلى هذه النقطة ذاتها في مناسبة دينية بتاريخ 31 مارس، حيث قال إنه لا يتوقع أن يواجه تهديداً من جانب أميركا وإسرائيل. وبدلاً من ذلك، ركّز على ما أسماه “الفتنة” داخل البلاد، أي الانتفاضات الشعبية، وتوعّد بقمعها.

لقد قالت المقاومة الإيرانية وكررت دائماً: إنه إذا كان النظام الإيراني قادراً على التراجع عن برنامجه النووي وإشعال الحروب والقمع، فليقم بذلك حتماً. وقد قلنا أيضاً للدول الغربية: إذا كان بإمكانكم إجبار هذا النظام على التخلي عن القنبلة والصواريخ، فلا تترددوا. لكن تجربة حوالي ثلاثة عقود من المفاوضات واضحة للجميع. لقد استغل النظام المفاوضات في كل مرة لكسب الوقت، وفي الخطوة التالية أتمّ منشآته النووية. لو لم يكن هذا النظام يسعى للحصول على القنبلة، فلماذا أهدر تريليوني دولار من ثروات الشعب الإيراني، التي كان يجب أن تُصرف على التنمية والازدهار والتقدم ورفاهية الشعب الإيراني، في هذا المسار الباهظ التكلفة؟ قبل ثلاثة أسابيع، كشفت المقاومة الإيرانية عن موقع نووي سري آخر للنظام في محافظة سمنان شرق طهران؛ وهو جزء من جهاز النظام لصنع القنبلة الذرية.

وكما أعلنت المقاومة الإيرانية مراراً، فإن الخطوة الأولى لمنع الديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران من حيازة القنبلة النووية، هي تفعيل آلية الزناد وتفعيل قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتفكيك الكامل للمشروع النووي للنظام، وخاصةً التخصيب. وهذا أمر يلعب فيه الاتحاد الأوروبي، وخاصةً فرنسا، دوراً حاسماً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني