التحصينات العسكرية لقوات قسد شمال شرق سورية وبالٌ على أهلها
مع بدء التهديدات التركية باجتياح مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية من كوباني مروراً بعفرين وصولاً إلى المالكية أقصى الشمال الشرقي، وإعلانها عن رغبتها في إقامة منطقة آمنة على حدودها الجنوبية مع سورية بطول 450 كم وبعمق يتراوح بين 30 إلى 35 كم وإبعاد قوات سورية الديمقراطية من على حدودها، والتي تعتبرها الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، المدرج على قائمة الإرهاب لديها، لحماية حدودها، وإعادة توطين ما يقارب ثلاثة ملايين لاجئ سوري. ولا يخفى على أحد خوف تركيا من تحالفات قامت بها قوات سورية الديمقراطية، وإنشاء كيان كردي على حدودها على غرار إقليم كردستان العراق.
بدأت قوات الحماية الكردية والتي تشكل العمود الفقري لقوات سورية الديمقراطية المباشرة بحفر الخنادق، وشبكات الأنفاق. وعلى الرغم من عدم جدوى هذه التحصينات في صد الهجوم التركي في عملية غصن الزيتون ودرع الفرات حيث ما إن بدأت حتى انسحب مسؤولو الإدارة والقيادات ، وترك بعض المقاتلين على خطوط التماس، والأهالي يصارعون الموت وحدهم، دون دعم ودون إمداد، ودون أن تؤتي تلك التحصينات أية منفعة عسكرية لرد المدرعات والطيران والقصف. حيث باشرت بحفر خندق بعمق مترين داخل الفرقة 17 شمالي مركز مدينة الرقة شمال شرق سورية وفي الريف الغربي مع مناطق التماس مع النظام السوري جنوب بلدة المنصورة بريف الرقة الغربي، إضافة إلى شبكات أنفاق تحت الأرض تحسباً للعمليات العسكرية التركية الوشيكة شمال الرقة في تل أبيض شرقاً وصولاً إلى محطة الكهرباء جنوب غرب المدينة. وتوقفت عمليات الحفر نتيجة المياه وتهدمها وتهدم بعض المنازل للانتقال إلى الحفر في منطقة الطويجية على طول الخط الواصل بين منطقة المنبطح والبوابة القديمة في حارة السبخاني، وفي قرى تل تشرين والقنيطرة والأمانة بمدينة الدرباسية، وحيي الناصرة وتل حجر بمدينة الحسكة، وعلى طول الحدود مع تركيا في مدينة القامشلي والقحطانية والمالكية. وفي أحيائها بين البيوت السكنية. الأمر الذي أدى إلى تهدم العديد من المنازل، وتعرض أكثر من خمسة عشر منزل آخر لخطر الهدم والإخلاء من السكانه وخاصة بعد هطول الأمطار، حيث تهدمت أقسام منها غمرت بالماء في رأس العين.
(ك.ح) من أهالي رأس العين “تمت المباشرة بحفر الخنادق والأنفاق على طول الحدود وبين الأحياء السكنية بواسطة الآليات وتم تسليحها بالأسمنت بتكاليف كبيرة الأمر ما هدد أساسات الكثير من المنازل التي تصدع بعضها وسقطت أجزاء منها وبعضها الآخر مهدد بالسقوط لو تعرضت المنطقة لأضعف هزة أرضية ومن ضمنها منزلي”.
(زهرة، نازحة من تل أبيض) “رغم عمليات الحفر والتحصينات داخل المدينة وعلى الحدود لمنع المدرعات من دخول المدينة وحمايتها من دخول القوات التركية إلا أنها لم تصمد وسقطت المدينة ونزح معظم السكان وتهجروا”
إضافة إلى حفر بعمق ثلاث أمتار داخل المدن والمناطق السكنية، يتم ملؤها بمادة الفيول لاستخدامها أثناء الهجوم بإشعال النيران فيها والتشويش على الطائرات وملئ الأجواء بدخانها.
وهي كثيرة ومنتشرة في المناطق كافة، وبقيت هي الأخرى على حالها حتى بعد توقف العمليات العسكرية التي بدأت في التاسع من تشرين الأول 2019 والتي تم تعليقها في السابع عشر من الشهر ذاته بعد توصل الإدارة الأمريكية وتركيا إلى الاتفاق على انسحاب قوات سورية الديمقراطية (قسد) بعمق 30 كم تلاها اتفاق مماثل مع روسيا في الثاني والعشرين من الشهر نفسه لتبقى هذه الأنفاق والخنادق والحفر دون جدوى، بل وبالاً على أهل المنطقة يهدد منازلهم وحيواتهم وكان الطفل (ياسين كاظم ذي السنوات الخمسة) آخر الضحايا وليس الأخير إثر سقوطه في حفرة مملوءة بمادة الفيول بالقرب من منزله والموت غرقاً فيها.
(كاظم أحمد والد الطفل الغريق) وفي حديث متلفز له “اختفى ابني الصغير ياسين وبعد بحث طويل شوهد ميتاً في إحدى الحفر المملوءة بالفيول والمنتشرة ضمن الأحياء السكنية دون ردمها أو تغطيتها والتي تبعد عن منزلي ما يقارب 15 متراً في حي ميسلون بالقامشلي”
وتابع بألم “ابني كان ضحية الإهمال والاستهتار بأرواح الناس من خلال ترك هذه الحفر دون ردم أو تغطية بين البيوت”
وأكمل بحسرة: “الناس تغسل موتاها بالماء لدفنهم أما أنا فكنت مضطرا لغسله بالكاز والبزين لإزالة الفيول والقير الملتصق بصغيري”
تحصينات عسكرية من خنادق، وأنفاق، وحفر، لم تجد نفعاً في رد أي هجوم في ظل الحروب التكنولوجية. تحصينات أُنفق عليها الكثير رأى ناشطون لو أنها أُنفقت في سبيل تحسين الوضع المعيشي، وتأمين الخدمات للأهالي. لكان أفضل بكثير. تحصينات عسكرية، ومستودعات للأسلحة، ونقاط عسكرية داخل المدن والأحياء السكنية. تجعل من الأهالي دروعاً بشرية وعرضة وهدفاً لأي عملية مرتقبة وهي لا تقل عن كونها قنابل موقوتة قد تنفجر في أي وقت.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”