fbpx

تَاهَتِ إلهام وفرقتها بَيْنَ السفارات

0 116

انطلقت في العاصمة البلجيكية بروكسل فعاليات مؤتمر ’’المسار الديمقراطي السوري‘‘ الذي ترعاه قوات ’’قسد‘‘ الانفصالية، ويُعقد المؤتمر على مدار يومي 25 و26 تشرين الأول الجاري، بمشاركة قوى سياسية ومدنية تضمّ حوالي خمسين منظمة ومائة شخصية مستقلة. وبحسب لجنة الإعداد والمتابعة للمؤتمر، فإن المؤتمر يهدف إلى تعزيز الجهود للوصول إلى حلٍّ سياسي وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبناء سورية حرة ديمقراطية لامركزية، وتطوير الجهود التي بذلتها مؤسسات المعارضة حتى الآن والتكامل معها. وسيناقش المؤتمر أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين السوريين ويبحث في الحلول العملية لتعزيز العمل على الصعيد الوطني.

وقد وضع ’’المؤتمرون‘‘ وثيقة مسودة خطة طريق مقترحة للحل السياسي تضمّنت ’’25‘‘ بنداً تحت ثلاث مسميّات الأولى: نقاط تمهيديّة وإجراءات بناء الثقة، والثانيّة: توافقات مسبقة ضروريّة، الثالثة: مستلزمات المرحلة الانتقالية. وقد اخترنا أهمّها لنُسلّط الضوء عليها وبيان دلالاتها وأبعادها وهي:

– شرط محاربة الإرهاب كما تعرفه الأمم المتحدة وتجفيف منابعه: بداية لا يوجد تعريف قانوني دولي معتمد ومنضبط للإرهاب وبالتالي لا يجوز البناء على العدم شيء، وإنّ قرارات التصنيف الدوليّة للجماعات المسلّحة هي قرارات سياسيّة غالباً ما تكون لمصلحة طرف ما من أطراف الصراعات الدوليّة كما هو الحال في سورية، الولايات المتحدة الامريكيّة تُصنّف بعض الفصائل لأسباب تختلف عن أسباب ودوافع دول أخرى مثل روسيا التي تُصنّف كل من خرج على نظام أسد وتركيا التي تُصنّف الميليشيات الانفصالية الكردية.

وحيث أنّ القانون الدولي الإنساني لا يعترف بما يُسمّى الحرب على الإرهاب كإحدى صور النزاعات المسلّحة التي قصرها على فئتين هما النزاعات المسلحة الدولية والنزاعات المسلحة الداخلية. فإنّه لا يُفهم من هذا الطرح سوى التجييش والتحريض على استهداف المناطق المحررة وخاصّة في إدلب، مع العلم أنّ ’’قسد‘‘ منظمة إرهابيّة وفقاً لتصنيف تركيا وبعض الدول بسبب قيادة حزب الاتحاد الديموقراطي PYD الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK لقواتها والتي تعمل لحساب نظام الأسد.

كما أنّ قسد ووفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية الصادر بتاريخ 17/4/2024 متّهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيّة المعنون بـ’’في أعقاب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية‘‘ جاء فيه: ’’ظلم وتعذيب وموت أثناء الاحتجاز في شمال شرق سورية، أن سلطات الإدارة الذاتية في المنطقة مسؤولة عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق أكثر من’’56,000‘‘ شخص مُحتجزين لديها. ويشمل هذا العدد حوالي 11,500 رجل، و14,500 امرأة، و30,000 طفل احتُجزوا في 27 منشأة احتجاز على الأقلّ ومُخيَّميْ احتجاز، وهما الهول وروج.

وتُعتبر سلطات الإدارة الذاتية الشريك الرئيسي للحكومة الأمريكية والدول الأخرى الأعضاء في التحالف الذي هزم تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا، كما إن الولايات المتحدة الأمريكية ضالعةٌ في معظم جوانب منظومة الاحتجاز.

ورغم مرور أكثر من خمس سنوات على الهزيمة الإقليمية لتنظيم الدولة الإسلامية، لا يزال عشرات الآلاف من الأشخاص مُحتجزين تعسفياً إلى أجل غير مُحدَّد. ويُحتجز كثيرون من هؤلاء في ظروف غير إنسانية، كما تعرَّضوا للتعذيب، بما في ذلك الضرب المبرِّح، والإبقاء في وضعيات مُجهدة، والصعق بالصدمات الكهربائية، فضلاً عن العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي. كما تعرَّض آلاف آخرون للاختفاء القسري، وفُصلت نساء بشكل غير مشروع عن أطفالهن.

ومن بين المُحتجزين في منظومة الاحتجاز ضحايا لتنظيم الدولة الإسلامية. فهناك بين المُحتجزين أعداد، إن لم يكن مئات، من الضحايا الأيزيديين. وهناك كثير من النساء والفتيات الأخريات المُحتجزات كُنّ ضحايا للزواج القسري من عناصر في تنظيم الدولة الإسلامية، كما إن كثير من الصبية والشبان المُحتجزين هم من ضحايا تجنيد الأطفال على أيدي التنظيم‘‘.

– اشتراط انسحاب الجيش التركي أولاً: إن الاعمال الإرهابية التي تنفِّذها ميليشيات حزب الاتحاد الديموقراطي PYD الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني PKK ضد الدولة التركيّة انطلاقاً من الأراضي السوريّة تُعتبر وفقاً لنصوص القانون الدولي عملاً من أعمال العدوان والإرهاب، كونها تستهدف المدنيين، ترعاها بعض الدول الأوروبية ويتحكّم بها ويدير عمليّاتها النظام السوري.

وإن الحديث عن انسحاب الجيش التركي يستدعي أولّاً الحديث عن شرعيّة أو قانونيّة أي التدخّل العسكري في سوريّة ويقتضي الرجوع إلى اتفاقيّة أضنة لعام 1998 المُبرمة بين الحكومة التركيّة وبين النظام السوريّ كونها المرجع القانوني الذي يتم اللجوء إليه لتحديد مدى التزام النظام السوري بنصوص هذه المعاهدة وإيفائه بتلك الالتزامات التي تضمنتها بنود الاتفاقيّة وملحقاتها الثلاث وأهمّها:

عدم السماح لعناصر حزب العمال الكردستاني في الخارج بدخول سورية، وإغلاق معسكرات الحزب في سورية، والتزام الجانب السوري بعدم السماح بأي نشاط ينطلق من أراضيه بهدف الإضرار بأمن واستقرار تركيا. وعدم السماح بتوريد الأسلحة والمواد اللوجستية والدعم المالي والترويجي لأنشطة الحزب على أراضيه. والتي قامت وبناءّا عليه بتصنيف الحزب على أنه منظمة ’’إرهابية‘‘ وحظرت أنشطته والمنظمات التابعة له على أراضيها، وتعهّدت بعدم السماح لأعضاء الحزب باستخدام أراضيها للعبور إلى دول ثالثة أو منحهم الملاذ الآمن أو منحهم وثائق هوية مزورة والامتناع عن تحريض البلدان الأخرى الأعضاء في جامعة الدول العربية ضد تركيا.

وقد تضمّن الملحق الثالث شرطاً في غاية الأهمية حيث ورد فيه: في ضوء ما سبق، وما لم تُوقِف سورية هذه الأعمال فوراً، مع كل العواقب، تحتفظ تركيا بحقها في ممارسة حقها الطبيعي في الدفاع عن النفس، وتحت كل الظروف للمطالبة بتعويض عادل عن الخسائر في الأرواح والممتلكات.

وعليه فإن عدم التزام النظام السوري بنصوص اتفاقية أضنا وقيامه بالتحريض المُستمر ضد الدولة التركيّة وكيل الاتهامات لها، وقيامه وبالتعاون والتنسيق مع قوات’’قسد‘‘ في إرسال أو السماح لأعضاء من هذه التنظيمات وبالاشتراك مع عملائه لتنفيذ أعمال إرهابيّة ضدّ المدنيين أو استهداف المنشآت المدنيّة والأسواق ودور العبادة يُعتبر عملاً من أعمال العدوان المنصوص عنه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ” 3314″ لعام 1974 الفقرة السابعة التي تنصّ على أن: “إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال السابقة، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك”.

الأمر الذي منح الدولة التركيّة الحقّ في الدفاع عن أمنها القومي وعن استقرارها السياسي وحماية شعبها من خلال اللجوء للمادة “51” من ميثاق الأمم المتحدة التي تنصّ على أنّه: ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء “الأمم المتحدة” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه. ولا يتوقّف استخدام هذا الحق على إذن أو موافقة أحد حتى مجلس الأمن الدولي، إذ أن الشرط الوحيد في هذه المادة هو وجوب تبليغ مجلس الأمن بالتدابير التي اتخذتها أو التي ستتخِذّها الدولة التركية، للحيلولة دون تفاقم الأمور بما يُهدد السلم والأمن الدوليّين. وهو ما تضمّنته رسالة الحكومة التركيّة الى مجلس الامن الدوليّ.

– شرط البناء على الامر الواقع في كل منطقة حتى يبدأ مسار التأسيس: وهذا يعني تكريس الأمر الواقع والاعتراف بالكيان الانفصالي الذي تسعى ’’قسد‘‘ الحصول عليه بكافة الطرق والوسائل الاحتياليّة، أو بالتوسّل بالقوات الامريكيّة أو بالدعم الغربي لمشروعها الانفصالي الذي لم تعد دوافعه خفيّة على أحد من أن هذا الدعم بدافع الضغط على الحكومة التركية للاستجابة للمطالب الغربيّة في عدد من الملفّات التي تُعتبر من اعمال السيادة الوطنيّة التركيّة.

– شرط العمل على مبادئ دستورية أو ما فوق دستورية تستوحى من قيم الحداثة والديموقراطية وحقوق الانسان انطلاقاً من الشرائع الدولية وبيان جنيف وكذلك ما قد يكون مفيدا من النقاط الـ 12. والتوافق على مبادئ الهوية السورية والدولة اللامركزية والفصل ما بين الدين والدولة وعلى أولوية التوافق ذاته: وهذين المطلبين هما مدخلان لتكريس الفيدرالية ’’اللامركزيّة‘‘ التي ليس لها أيّة مقومات في سوريّة لأنّها في حالة انهيار اقتصادي واجتماعي وثقافي خطير، وعدم وجود مؤسسات وطنيّة للحماية من أثار الفيدرالية السلبيّة وحماية الوحدة الوطنيّة، وغياب الديموقراطية والاستقرار، وغياب قادة وشخصيات وطنيّة مخلصين وعلى قدر كير من الوطنيّة والضمير الحيّ والوعي عالي المستوى والتفكير متفاهمون مع بعضهم ملتزمون بتنفيذ رؤيتهم في الوحدة الوطنيّة، وفي ظل انتشار الجهل بالثقافة والتعصّب الأعمى والاهتمامات والمصالح الفئويّة الضيّقة وتفكّك المؤسسات الوطنيّة الحامية للمصالح الاستراتيجيّة والانسجام الوطني في ظل الحريّة السياسية إضافة للفقر وتشريد تهجير أكثر من نصف الشعب السوريّ الامر الذي ينسف أي مقومات لنجاح الفيدراليّة في سورية التي يسعى اليها ’’الانفصاليّون‘‘ تحت مسمّى اللامركزيّة.

وبناءً على ما سبق فإنّ ’’قسد‘‘ آخر من يحقّ له الكلام عن الإرهاب والدستور والديموقراطية والحداثة والهويّة السوريّة والفيدراليّة‘ وكل من يساهم في هذه المسارات المنحرفة عن جادة الانتماء الوطني السوري إنّما يساهم في ضرب وحدة الأرض والشعب السوري، وبالتالي سيكون في مواجهة الاغلبيّة السوريّة الرافضة للمشاريع العابرة للحدود والتي تتناقض مع القيم والثوابت السوريّة، وسيكون الفشل والزوال مصيرها كما هو مصير نظام أسد الطائفي الاستبدادي الذي تحوّل إلى مشروع ’’خيانة وعمالة عابر للحدود‘‘.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني