قسد وبدعة المنهاج
للأسبوع الثاني على التوالي يُضرِب أهالي منبج عن بعث أبنائهم إلى المدارس احتجاجاً على تغيير المناهج الدراسية المعمول بها لدى وزارة التربية في حكومة الجمهورية العربية السورية.
لا أدري كيف سولت لهم أنفسهم هذا الفعل القاتل المدمر للنسيج الاجتماعي، وكأنهم يعيشون في غيبوبة عن التاريخ وصروفه، مع أنهم ما زالوا يرضعون من نفس الشطر الذي رضع منه الاتحاد السوفييتي، والذي لم يستطع – على جبروته – تغيير البنى الثقافية الروحية للشعوب التي سيطر عليها باسم الماركسية، المستغرب أكثر أنهم يكنون العداء السافر للدولة التركية التي يقولون إنها تحرمهم من حقوقهم الثقافية اللغوية، ويحاولون اليوم فعل ما فعله بهم الأتراك.
وحدة رأي لا سابق لها – في تاريخ هذه المدينة الضاربة جذورها في التاريخ، والمعشقة بمذهبات دينية مسيحية وإسلامية – من معلمين إلى أهالي الطلاب إلى الكوادر الإدارية على تباين انتماءاتهم العرقية والسياسية.
كتلة صلبة متماسكة إلى اليوم رغم كل أساليب الترهيب والترغيب، سواء في الاجتماعات المتكررة من قيادات قسد مع الكوادر الإدارية، أو حتى من جولاتهم الميدانية على المدارس في المدينة والريف.
تطور موقف أبناء منبج سواء في الريف أو المدينة من الاعتراض السلبي إلى الاعتراض العلني، فتجلى في صور تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي من حرق للكتب الجديدة، أو مطاردة السيارات الجالبة لهذه الكتب، أو القيام بالمظاهرات المنددة بفرض منهاج يخالف قيم وثوابت المجتمع، أو فضح ممارسة بعض الانتهازيين والمنتفعين المنسلخين عن ثقافتهم وبيئتهم الاجتماعية.
تحتاج منبج إلى مشاركة أخواتها الأخرى في شرق الفرات كالرقة والطبقة ودير الزور والحسكة في هذا الرفض لهذه المناهج حتى يشكلوا ضغطاً واسعاً على إدارة سوريا الديمقراطية، هذه المكاسرة ليست لصالح أبناء المنطقة، فلذلك يتطلع عقلاء المنطقة إلى التصرف بحكمة كيلا تنزل المنطقة إلى مالا يحمد عقباه. ويناشدون بذات الوقت منظمة اليونسكو والمنظمات العاملة بذات الصلة إلى التدخل وإيجاد الحلول القانونية لعودة مليون طالب أو أكثر إلى صفوف دراستهم.