fbpx

العنف الجنسي

0 193

يعرف
العنف الجنسي بأنه كل فعل أو قول أو إشارة ذو طابع جنسي يفرض بالإكراه أو القوة
موجه ضد أي ضحية رجل أو امرأة أو طفل أو فتى أو فتاة أو القائم على النوع
الاجتماعي ويحدث عادة باستغلال ظرف معين أو حالة قائمة مثل ما ينجم عن الخوف من
العنف أو الاحتجاز أو الاعتقال أو الاضطهاد النفسي أو إساءة استعمال سلطة.

تطرق
القانون السوري للعنف الجنسي ببعض المواد القانونية في قانون العقوبات لكنه لم
يغطي كل ما يندرج تحت صنف العنف الجنسي ولم يسمه عنفاً بل ظل قاصراً على التسميات
التقليدية كالاغتصاب والفحشاء والخطف والإغواء والتهتك وخرق حرمة الأماكن الخاصة
بالنساء ولم يتطرق للتحرش الجنسي. بالإضافة إلى أنه لم يجرم بعض الأفعال المنطوية
على العنف الجنسي كحال معظم الدول الإسلامية ألا وهو اغتصاب الزوجة كون المادة
القانونية /489/ من قانون العقوبات السوري قد عرفت الاغتصاب بأنه “من أكره
غير زوجه بالعنف أو التهديد على الجماع”

العنف المجتمعي

كما
أن التناقض بين القانون وما بين العادات والتقاليد حيث يطغى العرف على القانون
المادة /491/ من قانون العقوبات “من جامع قاصراً لم يتم الخامسة عشرة من عمره
عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات في حين أن العادات في بعض المناطق تبيح زواج
القاصرات والقاصرين بالرغم من تجريم كل من له علاقة بواقعة زواج القاصر وفق تعديل
قانون الأحوال الشخصية /2019/

للأسف
يتم الإفلات من العقاب لتراخي تطبيق القانون رغم أن النص غير كاف لردع تلك الجرائم
ويعزز الإفلات كون العرف لا يعتبرها جريمة

في النزاعات المسلحة

كثيراً
ما يستخدم العنف الجنسي في النزاعات المسلحة وهو ليس بجديد حيث يتخذ من قبل بعض
الأطراف المتنازعة وسيلة ضغط أو سلاح أو تكتيك لتحقيق مكاسب في الحرب أو للإذلال
أو الانتقام وهو يشكل خطراً على الأفراد والمجتمعات فكان دافعاً قوياً لتصدي
المجتمع الدولي عبر منظماته لتلك الجرائم للنتائج السلبية الناجمة عنها.

على
مستوى الأفراد يترتب عليها من آثار مدمرة، نفسية، وبدنية، واجتماعية، واقتصادية وصعوبة
التكيف مع الوضع. وتأثيره على أقارب الضحايا، وشعورهم بالعجز، والضعف عن حماية أقربائهم
يعزز شعورهم بالانتقام.

كذلك
التأثير السلبي على المجتمع وتفكيك روابطه ويساهم في نتائجها الخطيرة كونها جرائم
(غير مرئية) حيث يتم التكتم عليها خوفاً من نظرة المجتمع الجاهل محملاً الضحية المسؤولية
ولتفادي الحاق الأذى والضرر بالضحية من قبل الجناة ما يزيد في تدمير النسيج
الاجتماعي.

يختلف
تأثير العنف الجنسي في النزاعات المسلحة بحسب الضحية امرأة، أو رجل أو طفل فالغالب
أن النساء هم الأكثر تعرضاً للعنف الجنسي بسبب حالات الضعف الناتجة عن النزوح أو
التهجير أو اللجوء أو فقدان المعيل قتلاً أو اعتقالاً والاضطرار للعمل لإعالة أسرهن
فيقعن ضحايا من يستغل حالتهن ويشكل تهديداً لحياتهن فترغم بعض النساء على ممارسة
الجنس بالإكراه المادي والمعنوي واستغلال حاجاتهن لحماية أطفالهن (الجنس مقابل الغذاء)
وخوفهن من تقرير يودي بهن إلى الاعتقال كما حدث مع إحداهن: (في مكان إقامتي بعد
النزوح ، تردد علي شخص وطلب مني ممارسة الجنس فرفضت فوشى بي إلى جهات أمنية بتقرير
كاذب) وتكلم أحد الجناة متفاخراً بفعلته الشنيعة حيث قال (صعدت معي إحدى المهجرات
وتكلمت عن معاناتها وحاجتها للمال لإطعام أطفالها فعرضت عليها ممارسة الجنس مقابل
مبلغ خمسمائة ليرة سورية فوافقت ومارست معها ولم أعطها أي مبلغ مقهقها منتشياً
بإجرامه)

هذا
جزء من معاناة إنسانية قد لا تظهر مثل باقي الانتهاكات وتبقى غير مرئية. من هذا المنطلق
وللتخفيف من ارتكابها تكاتفت جهود المنظمات الدولية المهتمة بالجرائم العنف الجنسي
في النزاعات المسلحة والاستفادة من الحظر المطلق لأشكال العنف الجنسي من قبل القانون
الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان والقانون الدولي الجنائي بمواجهة أي أحد وفي
أي وقت.

حددت
الأمم المتحدة اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في النزاعات المسلحة وهو /19/
حزيران بموجب القرار رقم 293/69/ وكان هذا القرار تأكيد على اعتماد قرار مجلس الأمن
رقم /1820/2008/19/ حزيران الذي ندد بالعنف الجنسي المرتكب من قبل الجماعات
الإرهابية وغيرها من أساليب الحرب لإذلال المدنيين وكونه يمثل عقبة في طريق السلام.

أنشأ
القرار 1888/2009 الصادر عن مجلس الأمن مكتب الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية
بالعنف الجنسي في حالات النزاع.

مكافحة
الإفلات من العقاب على جرائم العنف الجنسي هو جانب أساسي في ردع ومنع هذه الجرائم
وعنصر مركزي في توفير فرص التعافي للضحايا الناجيات والناجين من العنف الجنسي في
النزاعات المسلحة

القانون
الدولي الإنساني يحظر الاغتصاب والاعتداءات الجنسية الخطيرة لكنه لم يصنفها على أنها
انتهاكات جسيمة للاتفاقيات الدولية لكن يمكن وضعها تحت بند التعذيب أو المعاملة
اللاإنسانية وهذا التفسير لاقى قبولاً لدى المحكمة الجنائية الدولية اليوغسلافية
ما يعني الولاية القضائية العالمية.

اذن
يعتبر الاغتصاب والاعتداءات الجنسية على حد سواء من جرائم الحرب ودليل صارخ على
التعذيب بموجب نظام روما الأساسي الذي تقوم عليه المحكمة الجنائية الدولية وقد تمت
ملاحقة عدة قضايا من المحاكم الدولية وكان التطور في تفسير القانون قد فتح آفاقاً
جديدة فتظافرت فروع القانون لمساندة بعضها وتعويض النقص فيما بينها وسد الفجوات.

تحث
اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأطراف المتنازعة على احترام القانون الدولي
الإنساني وعدم خرق الالتزامات الدولية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني