fbpx

قلعة الرحبة الفراتية بين الماضي والحاضر

0 442

تقع قلعة الرحبة على الضفة اليمنى لنهر الفرات قر ب مدينة المياذين، التي تبعد عن مدينة دير الزور مسافة 45 كم. وهناك أكثر من رأي حول تاريخ هذه القلعة، التي رمّمها مالك بن طوق بن عتاب التغلبي أيام الحكم العباسي في زمن الخليفة المأمون.
سُميت قلعة الرحبة بهذا الاسم بسبب اتساعها وسعة أراضيها، فهي تتوسط سهلاً زراعياً خصيباً، منحها أهمية إضافية. لكن هناك من يقول، أن هذه القلعة تمّ إنشاؤها على يد الأراميين، حيث استقروا في هذه المنطقة، وبنوا مقراً لهم فيها.
لكن العرب في عهد ازدهار الخلافة العباسية اكتشفوا القيمة الاستراتيجية للمنطقة وقلعتها كحاضرة من حواضر نهر الفرات، وهو أمرٌ دفع مالك بن طوق إلى ترميم هذا الصرح العظيم. مما جعل الناس يطلقون على هذه القلعة اسم “قلعة مالك بن طوق”. وهو اسم تغيّر مع مرور الزمن، ليصير اسم القلعة “قلعة الرحبة”.
وفي معرفة خصائص هذه القلعة الهامة وموقعها، يمكننا القول أن القلعة تبعد مسافة 5 كم عن مدينة المياذين السورية، في الجهة الجنوبية الشرقية منها. وهذه القلعة تعتبر معلماً أثرياً، لا يزال شاهداً على عصور متتالية.
لكن هذا الصرح العظيم شهد فترة ازدهار أيام الحكم الأيوبي لبلاد الشام، فهم اعتبروها ذات موقع استراتيجي، يتحكم بطرق البادية الشامية (السورية).
حكم القلعة عبر تاريخها ٌرابة 60 حاكماً من حضارات ومراحل زمنية مختلفة، فقد حكمها القرامطة والأيوبيون والمماليك والحمدانيون والسلاجقة، ولم يهملها المغول حين غزوا بلاد الشام، حيث قاموا بمحاصرتها، لكنهم فشلوا في احتلالها والسيطرة عليها بسبب كونها حصناً منيعاً.
حكم مالك بن طوق قلعة الرحبة والتي كانت مدينة في عهده مدة أربعين عاماً، حيث قام بترميمها وتحصينها وزيادة منعتها. فمالك اعتبرها ذات شأن عسكري كبير.
تتكون قلعة الرحبة من ثلاثة طوابق وسورين أحدهما داخلي والآخر خارجي. يبلغ طول السور الخارجي 274 متراً، بينما يبلغ طول السور الداخلي 137 متراً.
يقع مدخل القلعة الرئيس في الجهة الغربية منها، هذا المدخل يبدأ بجسر خشبي يمر عليه الداخلون إلى هذه القلعة.
وبالنسبة للقيمة الأثرية لقلعة الرحبة، فهذا الموقع الأثري شهير لأنه جمع بين خصائص التحصين والقيمة الأثرية، فالقلعة ذان بناء متين الجدران والأسوار، وهو أمر ساعد في بقاء هذه القلعة صامدة بوجه نوائب الطبيعة والبشر.
في الثورة السورية، ونتيجة لغياب الرقابة على المواقع الأثرية، تعرضت قلعة الرحبة إلى عمليات تنقيب وسرقة لقطعها الأثرية، :ما حدث مع كل المواقع الأثرية التي شهدت فصول الفوضى في سوريا.
بقي أن نقول أن قلعة الرحبة دليل إضافي على قيام حضارات سورية قديمة على ضفاف نهر الفرات منذ غابر الزمان، وهو أمر يؤكد قدرة هذه البلاد على تجديد إرثها الحضاري وبناء أمجادها دائما.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني