انتخابات الكوكب
لن نخوض في سبر أغوار العملية الانتخابية الأمريكية وطرق اختيار مرشح كل حزب، المناظرات والانتخابات العامة وما يليها من انتخابات واختيارات المجمع الانتخابي لأن تلك المحاور باتت معروفة ومكررة.
ولكن ما سنتناوله في هذه المقالة هو نتائج ومخرجات اختيار أحد مرشحي الحزبين سواء الجمهوري أو الديموقراطي ومدى تأثير ذلك على السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية.
بالنسبة للسياسة الداخلية فأغلب مساراتها تتعلق بالبطالة والضرائب والمعاشات وسبل تحسين المستوى المعيشي وغيرها من المسائل الداخلية التي تلعب دور هاماً ومحورياً في عملية اختيار الرئيس. ولكن ما يهمنا هو السياسة الخارجية الأمريكية وما النتائج التي يمكن أن تترتب على اختيار الرئيس. وما يجب أن نتفق عليه ومنذ البداية أنه ومهما كان الرئيس الأمريكي القادم جمهورياً أم ديموقراطياً فإن الثابت الوحيد في السياسة الأمريكية هو المصالح الأمريكية، أما المتغير فهو الأدوات التي سوف تستخدم لتحقيق تلك المصالح. ولتوضيح هذه الفكرة لابد من التنويه لأمر هام وهو التمييز بين الاستراتيجية العامة الدائمة وبين الاستراتيجية الآنية المرحلية.
بالنسبة للاستراتيجية العامة الدائمة فهي تتميز بالثبات الحيوي ومن أبرز مرتكزات هذه الاستراتيجية:
1- الأمن القومي الأمريكي بأبعاده الداخلية والخارجية وأقصد بالخارجية انتشار القواعد العسكرية الأمريكية في مختلف انحاء العام وذلك لحماية المصالح الأمريكية بشكل مباشر أو لحماية الدول المؤمركة التي تسير بالركب الأمريكي.
2- ضمان هيمنة أمريكا على المنظمات الأممية واستمرار الضغط عليها من خلال التحكم بآليات تمويل تلك المنظمات أو استغلال نفوذها وسطوتها على الدول لإصدار او منع صدور قرار يتعارض والمصالح الأمريكية.
3- افتعال أزمة ما وإدارتها ومن ثم حلها بحسب ما تراه أمريكا يحقق مصالحها.
4- استمرار دعم الحركة الصهيونية العالمية لوجود مصالح مشتركة وخاصة من الناحية الاقتصادية وترسيخ الأيديولوجيات التي تضمن التحكم بالمسارات والميول الفكرية مستخدمة عدة أساليب منها السيطرة شبه المطلقة على سوق المعلومات.
5- استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل التي تمثل أحد مرتكزات القوة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بل حتى يكون لذلك الدعم دور هام في لعب إسرائيل دوراً إقليمياً أو حتى دولي ودعمها على الأصعدة كافةً حتى أن وصل الامر بإسرائيل لارتكاب شتى ضروب الجرائم ضد الإنسانية.
الاستراتيجية الآنية المرحلية: وهذه الاستراتيجية يتم بلورتها وتجهيزها للتعامل مع متغيرات أو تحولات أو اختلافات في توازنات العلاقات الدولية القائمة أو بروز أزمات مفاجئة وبالتالي تسارع الإدارة الأمريكية لتحضير استراتيجية آنية مرحلية للتعامل مع تلك التطورات المتسارعة، وبالتالي محاولة الاستفادة من تلك التطورات والاوضاع الآنية كما حدث في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما خسر العالم وتدمر وربحت أمريكا وازدادت ثراء وقوة.
وكما يحدث الآن في الحرب الروسية/الأوربية فسوف ينهار الطرفان من الناحية الاقتصادية والعسكرية وستكون المستفيدة الأبرز هي أمريكا.
والآن لابد من التطرق إلى السياسة الامريكية التي تخص القضايا العربية والإقليمية ولو من باب التكهنات واستشفاف لطريقة تعامل أمريكا ومدى رغبتها في حلحلة الملفات التقليدية في المنطقة، وسنركز على بعض الملفات.
بالنسبة لإيران سيستمر مسلسل العقوبات وتقليص الدور الإيراني في المنطقة مع المحاولة لبعبعة إيران لتستمر دول الخليج بشراء الأسلحة الأمريكية لمواجهة خيالية بين إيران ودول الخليج ولكن الهدف هو ملء الخزينة الأمريكية بالأموال الخليجية.
بالنسبة للملف السوري فهو ملف معلق وغير مفعل بشكل ملموس ومنذ مدة طويلة بل وتم إسقاطه من سلم الأولويات الدولية ولو لبعد حين وإذا ما تم تفعيل هذا الملف فسيكون أسلوب لبعثرة بعض الاوراق الإقليمية واستخدامه كأداة في صفقات مع أطراف أخرى وخاصة أنه ملف معقد ويرتبط بملفات متعددة.
بالنسبة للملف الفلسطيني فمهما كانت طريقة التسوية وخاصة المتعلقة بأحداث ما بعد السابع من أكتوبر فلن تخرج عن النمط الداعم لإسرائيل وبأي حل سواء جيوسياسي أو ترتيبات بعيدة المدى.
وفي نهاية المطاف لابد من التأكيد أن سياسة أمركة العالم ستبقى مستمرة ولو لمدى بعيد رغم المحاولات الروسية والصينية وبعض الدول لتقويض هذه السياسة ولكن يبدو وإلى الآن ولفترة قادمة سيكون أي تغيير في قواعد اللعب السياسية الدولية أو إيجاد حل لملف ما لابد أن يكون ممهوراً بالختم الأمريكي.