fbpx

الحكومة المؤقتة في الداخل السوري.. إنجاز أم إعجاز

0 256

أعلن بيان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قبل قرابة سبع سنوات في التاسع عشر من آذار عام 2013، رسم بداية حكومة سورية مؤقتة معارضة لنظام الأسد في الخارج، الحكومة التي تعرف عن نفسها في مواقع التواصل أنها حكومة بناء مؤسسات الدولة على الأرض السورية.. فماذا قدمت هذه الحكومة خلال هذه السنوات ومالذي كان حجر عثرة في وجهها؟

الحكومة هي الأساس السياسي والإداري

الدكتور جواد أبو حطب
رئيس الحكومة المؤقتة الأسبق

رئيس الحكومة المؤقتة الأسبق الدكتور جواد أبو حطب بدأ بالتساؤل عن مدى الحاجة في الشمال السوري وهل كانت لليوم أقوى حكومة في الدول المستقرة عندما تقع لديها كارثة إلا وتحتاج لمواجهتها إلى منظمات المجتمع الدولي لتساعدها في الحرائق والكوارث والزلازل.
ويرى أبو حطب أن أي حكومة اليوم من المفروض أن تكون مواردها على الأرض بيدها، لكن في الحالة السورية فهي تذهب للفصائل والمجالس المحلية بشكل مباشر ولا تعود للحكومة سواء القادمة من منظمة الأوتشا أو من الأمم المتحدة، وبالتالي هذا يقوي من منظوره منظمات المجتمع المدني لكنها ليست الدولة وإنما المفروض أن تكون جزءاً مهماً من الدولة.
فالحكومة كما يعرفها الرئيس الأسبق هي الأساس السياسي الإداري، فالقوانين الناظمة تضعها الحكومات، والحكومات ضعيفة دون موارد وضعيفة دون اعتماد دولي لها، فالمنظمات لا يمكن أن تحل محل الدولة أو الحكومة فهي لا تستطيع إعطاء هويات للشعب مثلاً ولا يمكن أن يكون هناك قضاء يتبع لمنظمة ولا شرطة تتبع لمنظمة، فنحن اليوم نغير من اسم الدولة ونسميها مؤسسة.
أضاف الطبيب السوري المعارض أنه لا ينكر أن الحكومة ضعيفة الأداء إلا أنها مهمة ولابد من تأمين سقف للقضاء والتعليم والصحة وضبطها كلها بمعايير الدولة ودون هذه الأمور لن يكون هناك دولة ولن نستطيع بناء دولة خلال فترة طويلة.
وتحدث أبو حطب عن صندوق الائتمان الذي يدعم مؤسسات كثيرة على الأرض منها المخابز والبذار والمجالس المحلية، تمويلها كان يأتي من المجتمع الدولي والحكومة المؤقتة توقع عليها، وبالنسبة للأمن فحتى المؤسسات الطبية كانت تدخل تحت سقف هذه الحكومة وحمايتها وكذلك التعليم، ووصول إيرادات التعرفة الجمركية للمعابر ساهمت قليلاً لكن الحاجة أكبر بكثير وضعف الإمكانيات إضافة للتنافسية بين منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وتمنى الرئيس السابق للحكومة أن تقوم الحكومة الحالية بما تستطيع ولربما الحكومة التي تليها لأن مرحلة بناء الدولة أمر مهم جداً.

خدمات الحكومة لا تفي الحاجة

الدكتور اسماعيل الخلفان
مؤسس وعميد كلية الحقوق في جامعة حلب في المناطق المحررة سابقاً والمدرس حالياً بجامعة غازي عينتاب التركية

مؤسس وعميد كلية الحقوق في جامعة حلب في المناطق المحررة سابقاً والمدرس حالياً بجامعة غازي عينتاب التركية الدكتور اسماعيل الخلفان قال لا تفي الخدمات التي تقوم بها الحكومة المؤقتة الحد الأدنى لحاجات سكان المناطق المحررة رغم محاولاتها والوزارات التابعة لها تحسين خدماتها، ويعود ذلك إلى عدة معوقات برأيه أهمها ضعف التمويل لدى الحكومة المؤقتة خاصة بعد توقف الدعم الأوربي لها، وعدم وجود الحكومة المؤقتة على كامل الأراضي المحررة بل هي موجودة على بقعة منها فقط في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وعدم وجود سلطة فعلية للحكومة المؤقتة على الأرض وعدم التنسيق بينها وبين الجهات الأخرى كالمجالس المحلية لتقديم الخدمات للمواطنين على الشكل الأمثل. 

ويضيف الخلفان لن يتحقق حل هذه المعوقات إلا بوجود الحكومة المؤقتة أكثر على الأرض واقترابها أكثر من الشعب ومساعدته في تأمين الحد الأدنى من الخدمات خاصةً مع صعوبة الوضع المعيشي لسكان المناطق المحررة وضعف أو انعدام الخدمات المقدمة إليهم، كما يجب على الحكومة المؤقتة زيادة التنسيق مع الجانب التركي في مختلف الجوانب الخدمية ليكون عملها أكثر فعالية على الأرض وأكثر تلبية لاحتياجات المواطنين، ولعل أهم أمر يجب عليها القيام به هو تأمين فرص عمل للعاطلين عن العمل وما أكثرهم في المناطق المحررة، أو على الأقل تأمين مساعدات مالية شهرية لهم أو إعانات إغاثية كما يحصل في البلدان الأخرى.

لم نجد أي خدمات تقدمها الحكومة المؤقتة

المحامي عبد العزيز الدرويش
عضو مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار في حلب

عضو مجلس فرع نقابة المحامين الأحرار في حلب المحامي عبد العزيز الدرويش تحدث عن الحكومة المؤقتة في السابق عندما كانت تدعم نوعاً ما القطاع الصحي وقطاع التعليم ولكن بالحدود الدنيا، إلا أنه منذ سنتين تقريباً حتى الآن لم نجد أي خدمات تقدمها الحكومة السورية المؤقتة بسبب التموضع الجغرافي للقوى على الأرض وبسبب وقف الدعم المالي للدول المانحة واقتصار موارد الحكومة المالية على جزء من موارد بعض المعابر الحدودية، و برأي المحامي السوري لا تزال احتياجات السكان في المناطق المحررة تنوء عنها الحكومة المؤقتة وغيرها من القوى المسيطرة على الأرض فقطاع التعليم الآن شبه متوقف في بعض المناطق، قطاع الصحة مقتصر على دعم بعض المنظمات لا تفي بالحاجة، قطاع خدمة البنى التحتية أيضاً متوقف بنسبة كبيرة.
قال الدرويش لذلك نجد أن كل القوى المسيطرة ومنها الحكومة المؤقتة غير قادرة على تلبية احتياجات المواطن الأساسية.

لا يوجد أي معوقات لعمل الحكومة

جمعة العيسى
رئيس المجلس المحلي لمدينة قباسين

رئيس المجلس المحلي لمدينة قباسين وريفها جمعة العيسى قال: إن الحكومة المؤقتة لم تقدم لمنطقتنا أي مشاريع خدمية أو بنى تحتية باستثناء ما نستلمه من مادة الطحين من مؤسسة المطاحن التابعة للحكومة المؤقتة بسعر أرخص بقليل عن السوق وهذا على حساب الجودة نوعاً ما وهو غير كاف لتغطية الاحتياجات، علما بأننا بإرسال قائمة باحتياجات المدينة منذ فترة لكن إلى الآن لا يوجد أي جديد.

وأضاف رئيس المجلس المحلي فيما يخص معوقات عمل الحكومة.. لا يوجد أي معوقات لعمل الحكومة في منطقتنا ونحن جاهزون للتعاون في سبيل النهوض بالواقع الخدمي والمعيشي في قباسين وريفها.

ضعف الدعم معوق أساسي

هدى سرجاوي
مديرة تجمع المرأة وعضوة المجلس المحلي سابقاً

مديرة تجمع المرأة وعضوة المجلس المحلي سابقاً هدى سرجاوي قالت: إن الحكومة المؤقتة عملت سابقاً على إدارة مشاريع تتركز بشكل خاص في مجالي الصحة والتعليم، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي في الأغلب، ويتم التمويل لهذه المشاريع بالطريقة ذاتها التي يتم فيها دعم مشاريع منظمات المجتمع المدني، وفي الغالب فإنّ المتابعة من قبل الممول تتم مباشرة مع إدارة هذه المشاريع، ويقتصر دور الحكومة المؤقتة فيها على إشراف عام لا أكثر.

وأضافت سرجاوي أيضاً: إن الحكومة المؤقتة لا تقوم ضمن هذه المشاريع المحدودة بإدارة عمليات التعليم والصحة في المناطق التي ما زالت تحضر فيها أو تلك التي كانت موجودة فيها، إذ تتولى السلطات التركية عملياً إدارة كامل الخدمات في مناطق درع الفرات (وهي منطقة الوجود الوحيدة للحكومة المؤقتة حالياً)، فيما تتولى حكومة الإنقاذ إدارة الخدمات بكاملها في منطقة إدلب الكبرى، وكانت المجالس المحلية في ريف دمشق وريف حمص الشمالي ودرعا تتولّى الإدارة الفعلية لمعظم الخدمات في تلك المناطق إلى حين خروجها عن سيطرة المعارضة، أما في الفترة السابقة كانت الحكومة المؤقتة تشرف على بعض المشاريع في إدلب بتمويل محدود ما جعل التواصل ضعيفاً بين المجالس المحلية والحكومة المؤقتة.

وترى العضوة السابقة في المجلس المحلي أن أهم المعوقات هو ضعف الدعم المالي رغم وجود عدد كبير نسبياً من المشاريع التي تديرها الحكومة نظرياً، والمدعومة من ممولين أوروبيين في الغالب، إلا أن تمويل هذه المشاريع لا يصل إلى الحكومة، حيث يتعامل الممولون مباشرة مع الجهات المستفيدة، من مجالس محلية وغيرها، ويتم استخدام الحكومة المؤقتة كغطاء رسمي لا أكثر، وفي بعض الأحيان تحصل الحكومةُ على نسبة محدودة من هذا التمويل. 

الحكومة تعاني من تحديات أساسية

فايز الكاطع
مدير معبر تل أبيض الحدودي

مدير معبر تل أبيض الحدودي فايز الكاطع قال تعتبر الحكومة السورية المؤقتة هي الذراع التنفيذية للمعارضة السياسية والتي يشكل كل من الائتلاف السوري وهيئة التفاوض واجهتها السياسية والتشريعية نوعاً ما، فيما تتكون الحكومة المؤقتة من عدة وزارات تنفيذية منها الدفاع والداخلية والإدارة المحلية والمالية. 

وأضاف الكاطع أن هياكل هذه الوزارات يجب أن تكون داخل الأراضي السورية في مناطق نفوذ الجيش التركي الذي يعتبر الجيش الوطني السوري الذراع العسكري للحكومة المؤقتة ممثلاً بوازرة الدفاع، ولكن تعاني هذه الوزارات وأجهزتها التابعة لها كما يرى الكاطع من تحديات أساسية يمكن تلخيصها بمايلي: 

أولها الصراع الداخلي بين المكونات العسكرية للجيش الوطني وعدم امتثالها بشكل حقيقي لوزارة الدفاع ما سبب اضطراباً مستمراً في حالة الاستقرار لدى عامة الناس وثانيها محاولة القوى العسكرية التحكم بجميع المكونات الحكومية الأخرى كالاقتصاد والقضاء والزراعة على الرغم من وجود إدارات مختصة لتلك الأجسام، أما ثالثها فهو قلة الدعم الدولي أو انعدامه أساساً حيث تعتبر إيرادات المعابر المورد الأساسي للحكومة المؤقتة، ويتمحور البند الرابع برأي مدير المعبر الحدودي بعدم وجود القيادات من الصف الأول في الحكومة السورية المؤقتة على الأراضي السورية واعتماد مدينة عينتاب مكاناً دائماً لها، أما الخامس عدم وجود تبعية حقيقية للمجالس المحلية في الداخل السوري لوزارة الإدارة المحلية إلا شكلياً وآخرها عدم وجود خطة متكاملة أو هيكلية ثابتة ومتواصلة جغرافيا للبنية التحتية للخدمات في مناطق سيطرتها.

بين العجز عن العمل والتعجيز الحاصل نتيجة عدم المشاركة الفعالة للقوى التي من المفترض أن تكون منضوية تحت راية الحكومة السورية المؤقتة، تقف هذه الحكومة قاصرة عن تلبية حاجات الشعب السوري في مناطقها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني