fbpx

حرب السفارات، أم حرب أوكار التجسس

0 96

المعهد التشيكي السلوفاكي للدراسات المشرقية

April 9, 2024

غرد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم 1 نيسان/ابريل2024، عبر منصة تويتر “تم استدعاء السفير السويسري باعتباره ممثل المصالح الاميركية في إيران، وتم اعتبار اميركا مسؤولة عن الهجوم على القنصلية الايرانية كونها حليف لإسرائيل[1]“.

هجمات إسرائيل على المصالح الإيرانية في سوريا، مستمرة منذ سنوات طويلة، ولكن يوم الأول من نيسان 2024، كانت هجمتها الأقوى من حيث التأثير لكونها استهدفت مبنى مجاور للقنصلية الإيرانية ولأجزاء من حرم القنصلية الإيرانية، وهذا يعني تعدي واضح على مقر دبلوماسي يصنف وفق القوانين الدولية على انه جزء من الاراض الإيرانية رغم انه خارج حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أيضا قتل في هذا الهجوم أهم القياديين الإيرانيين الذين خططوا بالتنسيق مع حماس والجهاد الإسلامي لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024 في المستوطنات الإسرائيلية المجاورة لغزة، وهم (محمد رضا زاهدي، محمد هادي حاجي رحيمي، مهدي جلالتي، حسين أمان اللهي، محسن صداقت، علي آقا بابائي، وعلي صالحي روزبهاني)، كما قتل في هذا الهجوم تسع شخصيات أخرى منهم ستة سوريين، وأحدهم شخصية ارتباط بين الحرس الثوري الإيراني وفرع أمن الدولة السوري.

يعتبر محمد رضا زاهدي المنسق الأعلى لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في سوريا ولبنان، حيث تتدرج في عدة مناصب قيادية منذ انضمامه لقوات الباسيج الإيرانية في العشرين من عمره.

لعب زاهدي بتكليف من قاسم سليماني وأحمد الكاظمي دورا مهما في هيكلة الجناح العسكري لحزب الله، وكان الحاج عماد مغنية من المقربين جدا لزاهدي، ورسما سوية هيكلة الانفاق التي تمر من مناطق القلمون نحو سهل البقاع اللبناني.  

بعد اطمئنان الحرس الثوري لنشاط عماد مغنية، عاد زاهدي لإيران عام 2005 ليتسلم قيادة مقر “ثار الله” التابع للحرس الثوري الإيراني لهدف إدارة أمن محافظة طهران، في 21 يناير/كانون الثاني 2006، تحطمت طائرة تقل أحمد كاظمي، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، وقتل على أثر ذلك الحادث، فجرى تكليف محمد رضا زاهدي ليكون البديل في قيادة القوات البرية للحرس الثوري الإيراني.

في فبراير/ تشرين الثاني 2008، تم اغتيال القيادي العسكري الأبرز في حزب الله عماد مغنية في العاصمة دمشق، وكان لذلك الاغتيال أثرا بالغا على الحرس الثوري الإيراني، حيث شكك الكثيرين من الايرانيين بأن يكون جهاز الأمن السوري مخترق من قبل الإسرائيليين، لذا كلف قاسم سليماني، محمد رضا زاهدي بإدارة الملفين السوري – اللبناني من جديد.

مهام زاهدي في لبنان وسوريا، كانت ضمان إيجاد تابعين مخلصين للحرس الثوري الإيراني، لذا عمل على شقيين رئيسيين:

  • الشق الشعبي، والهدف الرئيسي هو قبول إيران شعبيا عبر تقديم جملة من الخدمات من أبرزها:
  • عزز دور المراكز الثقافية الإيرانية في المدن السورية.
  • بناء الجوامع “الحسينيات” التي تقدم مساعدات مالية للفقراء، في لبنان وسوريا.
  • كثف من المنح الدراسة للتعلم في الجامعات الإيرانية.
  • الشق الأمني، ويهدف هذا الشق التخلص من العناصر غير الموالية لطهران، ومن أبرز الخطوات:
  • تهميش الدور الأمني البارز للواء آصف شوكت، عبر اقالته من شعبة المخابرات العسكرية، من خلال ترفيعه الى رتبة لواء وربطه برئاسة الأركان، وهو منصب اداري لا تأثير له في دولة أمنية مثل سوريا.
  • تقليص صلاحيات شعبة المخابرات العسكرية في سوريا، وجعل القيادة الأمنية الاعلى بيد فرع أمن الدولة السوري، المحسوب على المخابرات الايرانية.
  • تكثيف البعثات التدريبية للعناصر الأمنية السورية داخل طهران.
  • نقل ملفات العناصر الفلسطينية المحسوبة على حماس، الى الحرس الثوري الإيراني.
  • زرع الخلافات بين فريق 14 آذار اللبناني، تمهيدا لتهميشهم سياسيا وأمنيا.
  • انضمام زاهدي إلى مجلس شورى[2] حزب الله اللبناني، ليضمن اضطلاع الحرس الثوري على كل قرارات الحزب.

تاريخياً كانت حركة حماس جزء من تنظيم الاخوان المسلمين، ولطالما تلقت دعما من الجناح العربي الداعم للفلسطينيين، وكانت سوريا مركزا للدعم اللوجستي والتدريبي لهذه العناصر، في حين كان تنظيم الجهاد الإسلامي محسوبا على طهران، بشكل تدريجي نجح زاهدي، بزرع قنوات الثقة مع حركة حماس، وكلف لاحقا المستشار العسكري محمد هادي حاجي رحيمي في إدارة ملفات حركة حماس.

عماد مغنية قبل اغتياله كان مكلفا من قبل الحرس الثوري الايراني بحفر شبكة أنفاق في الجنوب السوري، مشابهة لتلك المتواجدة في جنوب لبنان، إلا أن هذا المشروع تعطل بعد مقتله، ولم ينجح زاهدي في إعادة هذا المشروع للحياة بسبب اندلاع الثورة السورية، الا ان المستشارين الإيرانيين كانوا دائمي الزيارة للمواقع الحدودية الإسرائيلية-السورية، وعندما سيطرت المليشيات الشيعية على مساحة واسعة من مناطق النظام السوري، نشرت مقاتلين لها من جنوب دمشق وصولا للقنيطرة، ما يدلل أن مشروع الانفاق إلى جوار الحدود الإسرائيلية لم يمت من أذهان الإيرانيين.  

هذا الواقع كانت تدركه تل أبيب، لذا ركزت في هجماتها على المليشيات الشيعية أكثر من تركيزها على وحدات الجيش السوري، وأعلنت بشكل واضح شعار “ضرورة مغادرة القوات الإيرانية الأراضي السورية”، لأن وجود الأذرع الإيرانية إلى جوار الحدود الإسرائيلية هو تهديد واضح للأمن القومي الإسرائيلي.

عموم تلك المعطيات تشعر الراصد للمشهد الشرق أوسطي أن قنوات التوافق بين تل أبيب وطهران مستحيلة، وحتى ان ارادت واشنطن تهدئة الطرفين قبل الانتخابات الأميركية في نوفمبر/تشرين الأول 2024، فهي غير قادرة، وهو ما يهدد باشتعال الجبهة الشمالية لإسرائيل.

دبلوماسياً إيران غير قادرة على إحراج إسرائيل، فالإيرانيين تاريخ غير مشرف في استهداف البعثات الدبلوماسية، ففي العام 1979 احتل الإيرانيين السفارة الأميركية في طهران[3]، واحتجزوا 52 أميركيا، كما استهدفت جماعة الجهاد الإسلامي المدعومة من طهران السفارة الإسرائيلية[4] في العاصمة الأرجنتينية في 17 آذار/مارس 1992.

كما اثبت مقتل سبع جنرالات إيرانيين في وقت واحد داخل القنصلية الإيرانية بدمشق، أن هذه القنصلية هي غرفة عمليات عسكرية متقدمة لطهران في الأراضي السورية، وقد ترقى لمستوى وكر تجسس رفيع المستوى يرفع علم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أي انها بعيدة كل البعد عن معايير العمل الدبلوماسي المعني بحماية مصالح المواطنين الإيرانيين في الأراضي السورية.


[1] X, @Amirabdolahian, April 01, 2024
https://twitter.com/Amirabdolahian/status/1774931580177334404?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1774931580177334404%7Ctwgr%5E44f00ceb18caa72e55be98054f4d24b0047ecbb5%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Farabic.rt.com%2Fworld%2F1552457-D8B9D8A8D8AF-D8A7D984D984D987D98AD8A7D986-D8AAD985-D8A5D8B1D8B3D8A7D984-D8B1D8B3D8A7D984D8A9-D985D987D985D8A9-D8A5D984D989-D988D8A7D8B4D986D8B7D986-D8B9D982D8A8-D987D8ACD988D985-D8A5D8B3D8B1D8A7D8A6D98AD984D98A-D8B9D984D989-D982D986D8B5D984D98AD8A9-D8A5D98AD8B1D8A7D986-%2F

[2] Iran military leader killed in Syria was member of Hezbollah’s Shura Council, source says, Middle East Monitor, April 9, 2024
https://www.middleeastmonitor.com/20240409-iran-military-leader-killed-in-syria-was-member-of-hezbollahs-shura-council-source-says/

[3] The Office of the Historian, The Iranian Hostage Crisis

https://history.state.gov/departmenthistory/short-history/iraniancrises

[4] AIPAC, The Bombing of the Jewish Center in Buenos Aires, 26 Years On: Handiwork of Iran’s Global Reach
https://www.aipac.org/resources/26-years-since-amia-bombing-3zjsy-xzces-c9peh

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني