نظام بشار الأسد: سيادة وهمية وتبعية واقعية
يدعي نظام بشار الأسد أنه يحافظ على سيادة سوريا ويدافع عنها من التدخلات الخارجية، ولكن الواقع يظهر أنه يعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي من روسيا، التي تمارس نفوذها على القرارات الهامة في سوريا.
وفي هذا التقرير، سأستعرض بعض الأدلة على هذه التبعية وآثارها على الشعب السوري والمنطقة.
الدعم العسكري الروسي للنظام السوري
منذ بدء الثورة السورية في عام 2011، كانت روسيا المصدر الرئيسي للسلاح والمستشارين العسكريين للنظام السوري (نظام بشار الأسد). وفي عام 2015، قامت روسيا بتدخل عسكري مباشر في سوريا، بحجة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن في الحقيقة استهدفت معظم غاراتها الجوية مدن وقرى وبلدات سورية مكتظة بالسكان. وبفضل هذا التدخل، تمكن النظام السوري من استعادة السيطرة على مناطق واسعة كانت خارج نطاق سيطرته، ومن تحقيق تقدم على حساب الثوار في الجبهات الشمالية والجنوبية.
ولا تزال روسيا تقوم بدور رئيسي في تأمين السماء السورية ومنع أي تهديد جوي ضد النظام السوري، كما تشارك في عمليات القصف والاستطلاع والتدريب والإشراف على القوات السورية التي باتت عبارة عن ميليشيات طائفية.
الدعم السياسي والدبلوماسي الروسي للنظام السوري
ليس فقط على المستوى العسكري، بل وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي، تقف روسيا إلى جانب النظام السوري وتحميه من أي محاولة للضغط عليه أو للمساءلة عن جرائمه. فقد استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي 16 مرة لمنع صدور أي قرار دولي يدين النظام السوري أو يفرض عليه عقوبات أو يطالب بتحقيق دولي في انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها قوات الأمن التابعة للنظام السوري.
كما تعمل روسيا على تقويض أي مبادرة سياسية لحل الأزمة السورية بغض النظر عن مصدر تلك المبادرات، إلا إذا كانت تحترم مصالحها كدولة احتلال وتحافظ على بقاء الأسد في السلطة الذي يعطي شرعية لهذا الاحتلال الروسي.
فقد رفضت روسيا الاعتراف بالمجلس الوطني السوري أو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية وبكل الأحزاب السياسية السورية المعارضة كممثل شرعي للشعب السوري، وحاولت فرض حلول سياسية تشمل ممثلين عن النظام السوري وبعض الفصائل الموالية لها فقط، مثل مؤتمري موسكو وسوتشي اللذان لا يمتان بأية صلة للشعب السوري ولمطالبه المشروعة.
وتستمر روسيا في التأكيد على أن مصير الأسد يجب أن يحدده الشعب السوري، وليس الدول الخارجية متجاهلة كل ملايين المواطنين السوريين الذين هتفوا وتظاهروا سلمياً مطالبين بالتغيير السلمي للسلطة في سوريا، ومتناسية أنها هي ذاتها دولة خارجية تتدخل بالشأن السوري الداخلي وهذا مخالف للقانون الدولي.
الدعم الاقتصادي والإنساني الروسي للنظام السوري
بالإضافة إلى الدعم العسكري والسياسي، تقدم روسيا دعماً اقتصادياً وإنسانياً للنظام السوري، لمساعدته على تخطي الأزمة المالية والمعيشية التي يعاني منها مقابل نهبها ثروات البلاد الطبيعية.
فقد وقعت روسيا مع النظام السوري عدة اتفاقيات في مجالات النفط والغاز والكهرباء والزراعة والنقل والتجارة والاستثمار، ومنحته قروضاً وتسهيلات مالية لتمويل إعادة الإعمار المزعوم وتأمين السلع الأساسية.
كما تقوم روسيا بتقديم مساعدات إنسانية وغذائية وطبية للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وتدعي تقديم تسهيلات لعودة اللاجئين السوريين من الدول المجاورة ولكن هذا غير صحيح فالعائدون ليسوا في مأمن من الاعتقال والتغييب في سجون نظام بشار الأسد.
آثار التبعية السورية لروسيا على الشعب السوري والمنطقة
يمكن القول إن الدعم الروسي للنظام السوري له آثار سلبية على الشعب السوري والمنطقة، فهو يساهم في استمرار الحرب والعنف والقمع والانتهاكات، ويعرقل أي حل سياسي عادل وشامل يلبي تطلعات الشعب السوري ويحقق السلام والاستقرار. فبفضل الدعم الروسي، يتمكن النظام السوري من الصمود أمام الضغوط الدولية والإقليمية، ومن تجاهل مطالب الشعب السوري.