fbpx

التداول بالليرة التركية في الشمال السوري.. تزامناً مع تهاوي العملة السورية

0 346

سجلت الليرة السورية انهياراً غير مسبوق مع البدء بتطبيق قانون قيصر الأمريكي، الأمر الذي رفع الأصوات المطالبة بإيجاد حل للأزمة، ودفع ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺷﻤﺎﻝ ﻏﺮﺑﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ إلى اﻋﺘﻤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ، حيث ﺗﻮﺟﻪ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ في إدلب ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ بها بعد قيام حكومة الإنقاذ ﺧﻼﻝ ﺍلأيام الماضية ﺑﺠﻠﺐ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﻟﺐ، وطرحها ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﻭﻣﺤﺎﻝ ﺍﻟﺼﺮﺍﻓﺔ لتدﺍﻭﻟﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، كذلك في مناطق ريف حلب ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ للحكوﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺆﻗﺘﺔ تم تثبيت ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ وأجور العمال بالليرة التركية.
وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري يتحدث لـ نينار برس عن تداول الليرة التركية بقوله: “ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻓﻲ الشمال السوري، ﻟﻜﻦ ﺑﻔﺌﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻘﻂ، ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻓﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻧﻴﺔ، ﺑﺸﻜﻞ ﻳﺘﻴﺢ ﺩﺧﻮﻟﻬﺎ في ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻼﺕ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ .”
يؤكد المصري أهمية تداول العملة التركية في تخفيف حدة التذبذب بسعر صرف الليرة السورية، وتحاشي الأسعار المرتفعة التي يطبقها التجار على البضائع بحجة ضعف الليرة، كما تساهم هذه الخطوة في استقلال مصير مناطق المعارضة عن مصير ﻋﻤﻠﺔ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻷﺳﺪ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ الإسهام في إضعافه وانهياره.
اتسعت في إدلب خلال الأيام القليلة الماضية دائرة التعامل بالليرة التركية في المعاملات التجارية والأسواق، رغم ما تواجهه هذه الخطوة من تحديات، حيث ﺣﺪﺩﺕ ﺷﺮﻛﺔ “ﻭﺗﺪ” ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭﺩﺓ ﻟﻠﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ إدلب ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺑﻴﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ، وكذلك تم تسعير مادة الخبز، كما ﺃﻋﻠﻨﺖ حكومة الإنقاذ ﻋﻦ ﺻﺮﻑ ﺭﻭﺍﺗﺐ ﺍﻟﻤﻮظفين وﺗﺜﺒﻴﺖ ﺃﺟﻮﺭ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻴﺎﻭﻣﻴﻦ ﺑﺎﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ.

وفي السياق ذاته أبدى ﺳﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ رغبة كبيرة ﺑﻮﻗﻒ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ المتهاوية.

عمار القراط صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة إدلب قام بتسعير بضائعه بالليرة التركية يوضح سبب ذلك بقوله: “نقوم باستيراد بضائعنا من تركيا بالدولار الأمريكي، بينما نبيعها للأهالي بالليرة السورية، وتكمن المشكلة لدينا في تراجع أسعار الليرة السورية في اليوم الواحد أمام الدولار عدة مرات، ما يجعل بيعنا خاسراً في كثير من الأحيان، لذلك يعتبر ﺍﻟﺤﻞ ﺍﻷﻣﺜﻞ ﻟﺘﻔﺎﺩﻱ ﺍﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﺎﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻼﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﺳﻌﺎﺭﻫﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﻤﻼﺕ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ.”

باسم التيزري نازح من معرة النعمان وهو عامل مياوم يشعر بالرضا بعد حصوله على أجره بالليرة التركية وعن ذلك يتحدث قائلاً: “ﺃﺩﻯ انهيار الليرة السورية في الآونة الأخيرة وﺍﻧﺨﻔﺎﺽ قيمتها الشرائية ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻕ ﻷﺳﻌﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺎﺕ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ، حتى لم يعد بإمكاننا شراؤها.”

يبين التيزري أنه كان يحصل من عمله على 3000 ليرة سورية يومياً، وهذا المبلغ زهيد لا يكفي لتلبية حاجاته الأساسية مع تراجع سعر الليرة السورية بشكل يومي، لذلك بات من الضروري أن يقبض العمال أجرتهم بالليرة التركية باعتبارها أكثر استقراراً.

بعض أهالي إدلب أعربوا عن استيائهم بعد بدء التداول بالليرة التركية بسبب تعرضهم ﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﺷﺮﻛﺎﺕ ﻭﻣﺤﻼﺕ ﺍﻟﺼﺮﺍﻓﺔ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻟـ 6.5 ﻟﻴﺮﺓ ﺗﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺪﻳﺮﻫﺎ “ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ”، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻌﺎﺩﻝ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ 6.8 ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ سيطرة ﺍﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻴﺔ ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ ﺭﻳﻒ ﺣﻠﺐ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ.

أبو أحمد نازح من مدينة كفرنبل إلى أحد مخيمات سرمدا الحدودية لا يجد فائدة من استبدال العملة وعن سبب ذلك يقول: “نحن تحت رحمة الصرافين، كما أن الليرة التركية ﻻ ﺗﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ، ناهيك عن أن ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻨﻴﺔ لاتزال مرتفعة ﺗﺰﺍﻣﻨﺎً ﻣﻊ ﺗﺪﺍﻭﻝ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﺮكية.”

ﺑﻴﻦ وطأة الحرب وﺗﺨﺒﻂ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ، يعيش أهالي إدلب ﺣﺎﻟﺔً ﻣﻦ القلق، وتزداد معاناتهم بعد أن ﺃﺗﻌﺒﻬﻢ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وارتفاع الأسعار.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني