fbpx

خطاب الكراهية

0 218

اعتقد ان خطاب الكراهية عمق الجرح النازف في خاصرة السوريين بعد ان تعثر المشروع الوطني الذي يعيد بناء هوية وطنية حديثة مركبة تخرج الذوات الكسيرة للسوريين من ازمة خانقة في مستوى الهوية وتصريف هذا الاختناق عبر قنوات المشروع الوطني بتعبيرات سياسية وقانونية تعيد بث الطمأنينة والامن والأمان للسوريين افرادا وجماعات وجعلها علاقات مدنية سياسية قانونية وليست علاقات مأزوم ومستلب هوياتي.

ان هاجس الخوف الدائم من خطاب الكراهية له دلالاته على ارض الواقع وهو الذي يمهد عادة للصراعات الداخلية والحروب الاهلية. ويمزق بنية المجتمع واضعاف بنية الدولة كما حدث في دول عديدة منها البوسنة والهرسك وراوندا واليمن وسوريا وليبيا ويكون له تداعيات خطيرة على مكانة الدولة والمجتمع والافراد عموما الى حد التمزيق والتفتيت.

خطاب الكراهية هو استثمار سلطة أصلا بدءا من النظام وعلى مدار عقود وتم استئنافه مع القوى والميليشيات المحتكرة للعنف والثروة. دون وجه حق او مستند شرعي اللهم الا شرعية الامر الواقع وهي تستثمر في خطاب الكراهية لابل تصنعه وتغذيه في مجتمعاتها من اجل تأجيج المشاعر لذوات جريحة أصلا بغية التحشيد القومي والمذهبي الذي يمنح هذه القوى زمنا أطول للاستحواذ على السلطة والامساك بها فترة أطول لاحتكار العنف والقوة والثروة والاعلام وتستخدمه في ضخ مزيد من الأحقاد القومية والمذهبية والدينية.

فاللغة الخطابية للكراهية هي لغة انفعالية عاطفية هوجاء لا تعتمد على العقل. فقط هي ناشرة للخوف والعنف والقتل عبر خطاب القدح والذم وصولا الى العنف والقتل والغاء الاخر يتم مواجهته بذات السلوك كرد فعل مما يجعل حاضنة الاكراه قد توفرت من تزرير القوى والحوامل الاجتماعية (كما يظهر في تسجيلات وفيديوهات مسربة لرجال دين شيعة يشتمون السنة ثأرا للحسين)

عندما يمارس الخطاب الاثني والقومي في بلد متنوع ومتعدد قد يشكل خطرا محدقا على المكونات وهذا ما حدث ويحدث في سوريا ولئلا يتحول هذا الحقد الى فضاء واسع لنشر الكراهية والتصادم يمكن العمل على نشر ثقافة مضادة (لغة التسامح واعادة الحقوق لأصحابها وجبر الضرر والمصالحة والمسامحة.

ان هذا الخطاب التحريضي يواجه بعقل منفتح واعي متصالح مع نفسه ومع الاخرين.

مما ندعو له ونعمل لأجله هو ابدال هذا الخطاب الكريه بخطاب اخلاقي انساني يرفع من قيم العلم والفكر والعيش المشترك معززا بثقافة السلم الاهلي والتعايش والاعتراف بالآخر واعتبار حق المواطن ان يعيش بحرية وكرامة في مجتمع امن يتوافق ويقبل بالتنوع القومي والطائفي والديني ومناهضة كل اشكال التمييز ونبذ كل ما يهدد الوحدة الوطنية. واحترام ثقافة التعدد والتنوع والاختلاف.

شيوع ظاهرة الكراهية واستغلالها سياسيا:

-في ضوء ما تشهده بلادنا من تمييز طائفي وقومي وديني وعنصري نرى بان خطاب الكراهية يرتفع ويقوى ويعزز وبالمقابل يضعف الاعتدال والسلم الأهلي. وهذه المتمايزات والتجاذبات الحدية هي من شكل الخطر ودق الناقوس بقدوم هذا الوباء المرضي وانتقاله للجسم وتلويث للمجتمع وللأخر الشريك في الوطن………

ان خطاب الكراهية انتجها العقل المستبد وكرسها السياسي والاعلامي والديكتاتور للاستمرار في تكريس مفهومهم وأيديولوجية حزبهم واجنداتهم الملوثة وتأصيل التمزق والعداء مما شكل ضعفا في التنوع والتعدد المجتمعي.

لقد قدم القوميون خطاب إقصائي للأخر او محاولة صهره في بوتقته.

ومازلت اذكر خطابات الكراهية في محافظة الحسكة (بترول العرب للعرب والكرد مالهم اي شيء وغيرها كثير من الأمثلة) وكذلك الخطاب الديني والطائفي أيضا كرس لغة التكفير والالحاد وقتل الأخر.

والتمييز على اساس طائفي كان خطابا ممنهج ومقصود ومهووس بماض سحيق مرفوض (فيديوهات شيعية تحرض على قتل الاخر وبعث ماضي وذر الرماد في الوعي ويجعل صاحبه ان يذهب للتعميم على كامل المكون صابا الزيت على النار بتمزيق المجتمع

( (عروبي سياسي او اعلامي حاقد يحرض على الاكراد كقومية باعتبارهم انفصاليين) واخر كردي اعلامي يحرض على قتل اهل ادلب وعبر الهواء مباشرة هذه الاصوات النشاز يجب مقارعتها بالوعي والعقل الجمعي وبالخطاب المتسامح .

النظام الطائفي يستعمل خطاب طائفي تحريض بمواجهه خصومه. ويحرض الشيعة والعلويين على المكون السني مدعيا زورا وبهتانا بان الثورة قوامها اسلاميون غداه ورعاه ببث خطاب قومي بمواجهة التنوع السوري بكل تلوين (قانون الاحصاء وحرمان مواطنين كرد من الجنسية)

.

كيف نقوم بتفكيك الاشتباك؟

كيف نعالج بؤر التوتر والكراهية؟

كيف نعزز ثقافة المصالحة والمسامحة؟

ماهي التوصيات؟

لتحصين المجتمع الجديد من خطاب الكراهية والحقد والانتقام والثأر مستقبلا.

لابد من بناء سياج وعي وفكر متقدم لمفهوم المواطنة واحترام الاخر مهما كان مختلفا معنا وهذا ما فعلته جنوب افريقيا ونلسون مانديلا عندما قال: نريد بناء دولة للجميع وبدون انتقام او ثار وذلك عبر خطة وطنية مؤسساتية هدفها خلق تراكم ثقافي وانساني لمواجهة لغة التعصب والكراهية بمساعدة هيئات المجتمع المدني والسلم الاهلي واعطاء دور للأعلام الجاد والسياسي والشباب والمراءة دور في تعزيز هذه الارادة بإشاعة ثقافة التنوع والتعدد والاختلاف واحترام الاخر مهما كان نوع الاختلاف.

_ هدفها نشر روح التسامح والمصالحة وعدم نبش الماضي للوصول للسلم الاهلي.

_ تعزيز ظاهرة الاعتدال واحترام الراي الاخر عدم المغالاة في الطرح او ما يسمى تحديد السقف في الخطاب ولمواجهه الخصوم الذين يدعون الى تفكيك المجتمع

وكذلك لتذويب النزاعات والخلافات الصدامية في الواقع وعلى الارض وعدم زيادة الطين بلة

_ تدريس وتعليم مستدام في مكافحة الكراهية عبر التعليم والتدريب لقبول الاخر وبكافة المستويات التعليمية اي نموذج اكاديمي في المدارس عبر برامج الاختلاط والعيش المشترك

وكيفية التعامل مع الاخر والمختلف وايضا معرفة الهويات الصغرى وحقوقها في إطار الهوية الوطنية السورية والمواطنية (مع الحفاظ على خصوصية القومية او الدينية وانصافها)

المساهمة في تثبيت السلم الاهلي المجتمعي في مراحل العدالة الانتقالية او مرحلة البناء واعادة تأهيل بنيان الدولة

=_ خلق بيئة مناسبة في ظل قوانين ودستور تحمي الجميع وتراعي مصالح الجميع وخلق مناخ التسامح والمصالحة وحماية المواطن من اي مساس بحريته وكرامته والابتعاد عن خطاب المظلومية التي لحقت بالجميع بدون استثناء وعبر اعادة الحقوق لأصحابها وجبر الضرر.

على العموم الكراهية هي توظيف سياسي لعذابات السوريين التاريخية بكل اطيافهم من قبل أجهزة سلطات مستبدة تغلق أبواب إمكانية إيجاد مخرج وطني مشرف للازمة المستعصية على الحل

المخرج يكون عبر بوابه سياسية وقانونية ودستورية تلزم السوريين من اجل إعادة التلاقي في رحاب دولة المواطنة وبمضامين قانونية وحماية دستورية تؤسس لفكرة الحق والعدالة بالمعنى الجذري وتعيد اللحمة الى النسيج المجتمعي عبر تداوي الهويات تداويا قانونيا وسياسيا ومدنيا للخروج من مفهوم الملة والعشيرة بالمعنى المذهبي والقومي والسياسي والسعي الجدي لبدائل فعالة وتوافق سوري عليه أخلاقيا وسلميا

كلنا امل ان يسود التسامح والسلم الاهلي واحترام المساواة امام القانون وعدم التمييز بين افراد المجتمع باعتبارهم مواطنين واحترام المواثيق الدولية والعمل مع العالم المتمدن والاستفادة من تجاربها وتكريس الاعلان العالمي لحقوق الانسان كجزء من ثقافة جديدة نتبناها جميعا.

عبر خطاب ديمقراطي متقدم بمواجهه عناصر الحقد والكراهية

خطاب جاد يدعو للسلم الاهلي والاعتدال.

نبذ كل اشكال التمييز بين المواطنين على اساس عرقي او قومي او ديني او جنس او لون او طائفه عبر قنوات المصالحة وحل القضايا العالقة التي كانت قد انتجت الكراهية..

ان الالتزام بالقوانين والانظمة النافذة مسؤولية الجميع (بنية تشريعي عادلة وضامنة للحقوق للمواطنين) تحترم التعددية القومية والدينية والاثنية وتعزز التسامح والتضامن واستمرارية المحبة والاخاء بين ابناء الوطن..

علينا ان نعيش داخل القفص العائلي العالمي المتطور والولوج في المنظومة العالمية للإنسانية والحداثة والحرية والكرامة والعيش المشترك

مساهمة الأستاذ ابراهيم ملكي في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية”, التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي وتمّ نشرها في صحيفة نينار برس بالاتفاق مع الأستاذ ابراهيم ملكي.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني