fbpx

حراك السويداء الثوري.. واقع وتحديات القيادة

0 86

بداية، أود التأكيد على أن الدعم الحقيقي لحراك أبناء السويداء والجنوب عامة يمكن أن يتم عمليا فقط من خلال القيام بنشاط ميداني يصب في نفس السياق، ويشكل أوراق ضغط فعالة؛ وما تبقى لا يتجاوز تأثيره الثوري صفحات التواصل الاجتماعي! إذا كانت إمكانيات القيام بحراك ميداني فاعل، يشكل دعما حقيقيا تحتاج إلى إرادة جماعية ما تزال ظروفها غير متوفرة في جميع مناطق سيطرة سلطات الأمر الواقع دون استثناء، فإن أفضل ما يمكن أن نساهم به قد يكون من خلال تقديم قراءات نظرية موضوعية، تحليلية، توضح الظروف، وتكشف المخاطر.

 نفعل هذا ونحن نتابع بقلق سلبيات ما يطفو على سطح المشهد السياسي السوري (كأنه بات متأصلا في المشهد السياسي النخبوي)، من خطاب التخوين والتشكيك، ولغة التهريج الثورجي التي يحاول أصحابها ركوب الموجة، تملقا وبحثا عن فرص، وأصوات حثالة الثورة النشاذ – الذين يجيدون لغة الشتائم، للتغطية على جهل سياسي متأصل، وانحطاط أخلاقي ثورجي -وظاهرة اليسار الثوري المعندة، التي لا تشكل أكثر من ردات فعل صوتية، آنية، يعتقد أصحابها بأن اللغة الثورية والخطابات النارية تحولهم إلى قادة ثور، وتغنيهم عن معرفة حقائق الوقائع وما تخلقه من تحديات وعقبات قد تحول اللحظة الثورية إلى خيبة أمل، ضاربين عرض الحائط بحقائق الواقع، وتجربة سنوات طويلة، وشروط نجاح حراك التغيير، التي ترتبط خاصة بضرورات السياق الثوري، وقيادة ميدانية وطنية تمتلك رؤية موضوعية لوقائع الصراع وموازين قواه وآليات العمل الثوري الفعالة![1].

بغض النظر، الحقيقة الواضحة التي يطيب لبعض الثوريين المزاودة عليها هي أنه من مصلحتنا كسوريين، ضحايا نفس النهج السياسي، ونعيش نفس الظروف ونواجه نفس الأخطار، التأكيد على المشروعية الوطنية لأهداف الحراك السلمي المطلبي الإصلاحي الذي يمارسه أبناء السويداء وواقعية تمثيله لمصالحنا جميعا، ومصداقية تكلم ناشطيه بلساننا، وتعبيرهم عن الهموم المشتركة، الاقتصادية والوطنية؛ وذلك في هذه اللحظة السياسية الثورية، بغض النظر عن مالات الصراع المستقبلية، التي تحدد نهاياتها معادلة موازين القوى الفاعلة وأجندات أصحابها، والتي بات يمثل فيها الحراك المدني المطلبي الديمقراطي في السويداء، بوحدة قيادته الدينية والسياسية، دوراً رئيسياً!.

في إطار همنا الوطني الديمقراطي المشترك ومحاولتنا تقديم ما هو مفيد وداعم في ظل ظروفنا الخاصة، أحاول تقديم قراءة حول مواقف القوى الفاعلة في حراك السويداء، في مسعى لكشف طبيعة التحديات التي قد تحول دون تحول الانتفاضة الراهنة إلى قاعدة ارتكاز ثورة ديمقراطية وطنية.
الجزء الأول: المرجعيات الدينية

أولاً: مجموعة ملاحظات توضيحية:

1- عدم اقتصار المرجعية الدينية على مشيخة العقل أولاً[2] والاستثناء السوري في قضية مشيخة العقل ذاتها، ثانياً[3]، وجهود النظام الدائمة لتجيير وظيفة مشايخ الدين ومرجعياته الروحية، ثالثا، لم يمنع في حالة السويداء الخاصة من وجود قاسم اجتماعي وطني مشترك، تمثل بالحرص على حماية وجود الطائفة، والحفاظ على مصالحها وهويتها، والتأكيد على رفض أشكال انفصال السويداء عن سوريا، والحرص على إظهار موقف القيادة الدينية الوطني والعروبي.

2- الدور الاجتماعي لمشيخة العقل، مهم جدا، وتأثير المشيخة كبير في أبناء الطائفة، وهذا يظهر حتى في الغير متدينين، ويوضح الطبيعة اللاطائفية لوظائف القيادة الدينية، الاجتماعية والسياسية.

3- إن تدخل رحال الدين عموما، ومشايخ العقل بشكل خاص في الوضع السياسي يقتصر غالبا على الظروف التي يظهر فيها تهديد للبنية الاجتماعية، أو حالة تهديد وجودي عام.

4- بعد انطلاق حراك ربيع 2011 السلمي، وما أعقبه من نجاح جهود دفعه على مسارات الخَيار العسكري الطائفي، تبنى مشايخ العقل الثلاثة مواقف أقرب إلى الحياد، وقد أكد الشيخ البلعوس حينئذ انهم ليسوا مع الثورة ولا مع النظام، وأنهم موحدون، عروبيون وإنسانيون.

5- مع تصاعد الاحتجاجات في السويداء، سعت قيادات الحراك المدنية لتوحيد الصف بين مشايخ العقل والقيادات الشعبية، كما ادركوا بشكل خاص أهمية دفع الشيخ حكمت الهجري إلى المشاركة الفاعلة في الحراك من خلال الإشادة بموقفه وتكريس دوره القيادي، علما انه قد لا يكون العامل الوحيد في تجذر المواقف التي أتت في بيانه الأخير، طالما ما زال للنظام تابعين في كل المواقع!.

على أية حال، لقد بات انحياز المرجعية الدينية المتمثلة بمشيخة العقل والمراجعة الروحية، والمشايخ بشكل عام، واقعا ملموسا بعد حوالي أسبوع من تواصل حراك سلمي شعبي، مطلبي، يمثل إرادة الرفض الجماعي للحالة الاقتصادية الأمنية والسياسية القائمة، خاصة بعد 2014؛ قد يعطي مجموعة من المؤشرات:
أ- مصيرية وخطورة اللحظة السياسية الراهنة على السويداء، كمجتمع مدني وقيادة دينية وكيان اجتماعي.

ب- إدراك القيادة الدينية لضرورة حسم خياراتها السياسية لصالح الناس في الشوارع وساحات المدن، وقد باتت الخيار الوحيد لحماية الجميع، الذات والآخر ؛ حركة الاحتجاج الشعبية الواسعة والقيادة الدينية ذاتها؛ بعد أن تبين حجم خيبات الأمل من إمكانية قيام النظام بأية مبادرات إنقاذية، تساعد رجال الدين على تحمل مسؤولياتهم الدينية والوطنية والاجتماعية وتحافظ على موقعهم القيادي، الديني والاجتماعي.

ت-إدراك القيادة الدينية بأهمية وجودة العباءة الدينية لتعزيز وحماية حركة الاحتجاج الشعبية، وتحويلها الى قوة فاعلة، قادرة على انتزاع الحقوق المشروعة.

ث-حرص المرجعية الدينية على إبقاء أبواب التفاوض مفتوحة مع النظام، من خلال تأكيد جميع بياناتها على الحفاظ على مؤسسات الدولة الرسمية العامة والخاصة وعملها وعلى سقف أهدافها السياسية، محاربة الفساد، والإصلاح، تحت سقف الدستور السوري.

ثانياً: قراءة في مواقف وافكار القيادة الدينية، من خلال البيانات المُعلنة.

في بيانات شيوخ العقل المتتالية، التي برز فيها موقف وبيان سماحة الشيخ حكمت الهجري رغم تأخره على زملائه في المشيخة، نجد تعبيرا عن انحياز المرجعية الدينية لحراك الشارع السلمي ومطالبه، كما نجد التأكيد على الوجه الوطني الإصلاحي للحراك.

1- الشيخ يوسف جربوع بعد خمسة أيام من الحراك، وفي يوم الخميس/17 التقى الشيخ يوسف جربوع بعدد من رجال الدين وأبناء السويداء، وأصدر بياناً مصوراً أكد فيه تأييده للحراك، اعقبه صدور بيان باسم الشيخين يوسف جربوع وحمود الحناوي، حددا فيه ستة مطالب للنظام[4].

من الجدير بالذكر أنه عقب البيان نشرت مواقع محلية في السويداء صورة تجمع المشايخ الثلاثة في دارة قنوات، بعد تلبية سماحة شيخي العقل يوسف جربوع وحمود الحناوي دعوة الزيارة السنوية إلى حجرة الشيخ أبو حسين ابراهيم الهجري.

2- في نفس السياق، أتى لاحقاً بيان الشيخ حمود الحناوي، أكد فيه أن صوت المتظاهرين ووقفتهم لا رجعة عنها لإيجاد الحل الحاسم، فللصبر حدود، كما أكدت كلمات وجمل بيان الشيخ حمود الحناوي بشكل موجز على نفس الأهداف والدوافع والسياقات التي شرحها لاحقا الشيخ الهجري في بيانه[5].

شرح لاحقاً بيان الشيخ الهجري، يوم السبت 19 الجاري، دوافع الحراك وأسبابه بالقول: بيعت البلاد، ونهبت الثروات، وتعددت الأعلام على أرض الوطن، مؤكدا حق الناس أن تصرخ وتستغيث، من حق الناس أن تتوقف عن عمل أصبح يجلب لهم الإذلال، ومن العيب أن نرى هذا التدمير ونبقى صامتين.

أ- تحدث بيان الشيخ حكمت الهجري عن واقع الحال في المحافظة، قائلاً:

على مستوى الأمن والأمان، أصبحنا نحن المكلفين بأن نحمي أنفسنا.. والجهات الأمنية غائبة ومغيبة عند ضرورة وجودها! إلا لقمع الكلمة، ولتوجيه أزلامها العابثين وفق أوامرها ضد أهلهم، أصبح أبناؤنا أذلاء في الخارج بسبب ما يحصل في الداخل، عائلات تموت غرقاً أو في البراري بحثاً عن لقمة عيش، في سوابق ذل لم يعرفها الشعب السوري عبر التاريخ.. تفشت المخدرات والممنوعات والرذائل في مهد الاديان، يتم تدمير العلم والمتعلمين والتنمر عليهم وتغيير المفاهيم.. إذلال للموظفين والعاملين والعمال لم يسبق له مثيل لا في العالم ولا عبر التاريخ.

ب- فضح وتعرية الأساليب التي تُستخدم في مواجهة مطالب عادلة، تحمي المواطن، وتحصن الوطن، وقد رفع الصوت عالياً محذراً:

لا تزاودوا ولا تحرفوا توجهات الاحتجاج، واحذروا من تكرار ما يشابه ما مررنا به سابقاً، ولم يعد الشعب يطيق الذل أكثر، أصلحوا، أوقفوا النهب وسرقة مقدرات الوطن!.

ت- التأكيد على سياق الحراك الإصلاحي وسقف مطالبه السياسية الوطنية، الدستورية:

اعملوا وفق ما ينصه الدستور والقانون بأصوله، وخاصة حين ينص على حق الشعب أن يطالب، وعلى حكومته أن تستجيب، لأن الشعوب لا تخطئ، ولمصلحة الدولة أن تتجاوب مع شعبها حين يكون مسؤولوها من صميم الشعب بروح وطنية عالية بلا طمع ولا أنانية ولا خوف، ولم يعد الشعب يقبل بالحد الأدنى الذي كانوا يحاولون أخذه منا أصلاً.

ث- التأكيد على وحدة مصير السوريين، وضرورة تعاضدهم في مواجهة أخطار تهدد مصالحهم المشتركة؛ وكان لافتاً توجيه تحية للسوريين من الذين وصفهم بالغيارى والشرفاء والأحرار الذين جاهروا بكلمة الحق بقوله لا نزال في جل احترام وتقدير وامتنان للغيارى الشرفاء من أبنائنا شيباً وشباباً، وكل إخوتنا من أحرار الوطن في كل المحافظات السورية، فلا مساومة على ذرة من كرامة وأصالة وانتماء لوطن سوري واحد كامل متكامل بكل أطيافه وتلاوينه الدينية والطائفية والمناطقية.

ثالثاً: في الاستنتاجات

أعتقد أنه ثمة معادلة دقيقة يحب على القوى السياسية والمدنية الوطنية الديمقراطية أن تدرك أخطار عدم إدراكها، ومعرفة وسائل الحركة بين حديها.

من جهة أولى، أهمية الوجود والقيادة الدينية لتعزيز وجود الانتفاضة وديمومتها وطابعها الشعبي، ونجاح الإجراءات والخطوات التي يمكن اتخاذها على صعيد الإدارة الذاتية، وما تشكله كمظلة حماية محلية، في علاقاتها من سلطة النظام، والقوى الفاعلة الأخرى.

من جهة ثانية، إذا كان النظام مشغولاً حالياً بمعاركه مع الولايات المتحدة حول ملف قسد، وغارقاً في هموم نتائج سياساته الاقتصادية، وليس من مصلحته اللجوء إلى حلول أمنية، فإنه لن يقف متفرجاً، وسيعمل جاهداً لإجهاض الحراك بوسائله الخاصة، وقد تكون ورقة المرجعية الدينية أحدها، من هنا، فإن نجاح القيادة الدينية في السيطرة على قيادة الحراك، يُتيح لها دفعه على طريق تسوية ما مع النظام، ولصالحه.

بناء عليه، أعتقد أن التحدي الأخطر الذي يواجه حراك السويداء قد يأتي عبر بوابة الصراع الداخلي للسيطرة على قيادته، ودفعه على طرق الاحتواء.


[1]– خطب ثورجية، متعالية، منفصلة عن حقائق الوقائع، تسيء للحراك السلمي ومطالبه المشروعة، مثيرة للشفقة!.

(ثورة السويداء قدمت نموذج فاجئ العالم بأسره وسوف يكون لها صدى وتداعيات عابرة للحدود، ستشل حزب الله في لبنان وتنهي طغيانه وتسلطه على الدولة اللبنانية واغتيالاته الممنهجة.
ستقطع يد إيران وسموم مخدراتها في سوريا ولبنان ودول المنطقة التي أغرقتها الكبتاغون.

ستكشف عن ضعف قدرة المجرم بوتين على حماية الطغاة في العالم، وهذا سوف يعطي جرعة أوكسجين وأمل للشعب الفنزويلي لإستعادة النظام الديموقراطي بعد أن حل محله النظام الشيوعي الطاغي منذ عام 98 ودمر البلد بكافة مقوماته وجلب الكارثة والمجاعة كما فعل حزب البعث في سوريا وكلا الحزبين هم أبناء المدرسة الستالينية الهمجية الحقيرة.

لذلك يتوجب على الموالين والمؤيدين للأسد أن يفروا من سفينة البعث الغارقة وينجوا بأنفسهم قبل فوات الأوان.

كما أدعو الدبيكة والرزيخة والنخيخة أن ينزلوا إلى ساحة الكرامة بين أهلهم وأن يبلوا بلاء حسناً في الدبكة والرزخة والنخة كما اعتادوا وألا يبدلوا تبديلاً، وكي يتركوا صفحة بيضاء ولو لمرة واحدة للتاريخ ولأبنائهم.

[2]– التي يقتصر دورها في الأوضاع الطبيعية على تيسير الأمور الدينية، الزواج والأحوال المدنية، تفسير الأمور الحياتية المتغيرة زمانياً وفقاً للعقل، والذين يليهم من حيث التأثير سياسيو المجالس، أصحاب مراكز اجتماعية من حل وعقد في المدن والبلدات التي يقيمون فيها، ورجال الدين العاديين، مثل أبرزهم الشيخ الراحل وحيد البلعوس.

[3]– حيث يبرز مشايخ عقل ثلاثة؛ الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي ويوسف الجربوع؛ تمثل ثلاث مناطق جغرافية، منطقة الشمال، يمثلها الشيخ حكمت الهجري، منطقة المدينة، يمثلها الشيخ يوسف جربوع، والمنطقة الجنوبية، يمثلها الشيخ حمود حناوي.

قد يكون الشيخ يوسف جربوع هو الأضعف لأنه ليس أصيلاً في المشيخة، بينما يحتل الهجري موقع المشيخة الأولى، ولهم بعض سمات القداسة الدينية، بينما يأتي الحناوية في المرتبة الثانية.

[4]– 1- تغيير حكومي وتشكيل حكومة جديدة قادرة على إدارة الأزمة وتحسين الواقع وإيجاد الحلول وعدم ترحيل المسؤوليات.

2- التراجع عن كل القرارات الاقتصادية الأخيرة، والعمل على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين وتحقيق الحياة الكريمة، وإزالة كل العوائق والمظاهر التي تسبب إهانة المواطنين.

3- محاربة الفساد والضرب على أيدي المفسدين بكل مصداقية وتقديمهم للعدالة.

4- تمارس المؤسسة الأمنية والشرطية دورها في الحفاظ على الأمن وأن تكون عوناً للمواطن لا عليه.

5- المحافظة على وحدة الأراضي السورية وتحقيق السيادة الوطنية.

6- إعداد دراسة تشغيل معبر حدودي لمحافظة السويداء لإنعاشها اقتصادياً.

[5]– من موقعنا نوجه إلى جميع السوريين الأعزاء عامة وإلى أبناء طائفتنا الكريمة مايلي:

إن كرامة المواطن من كرامة الوطن وحياته من حياة الشعب.

إن حياة الوطن من حياة الأمة وحياة الأمة من حياة افرادها فالفرد أساس في الدولة والجميع يعلم اليوم بالأخطار المحدقة بالناس، والتسلط والإتاوات والاستبداد.

فمن حق المواطن أن يطالب بصوت جريء ووقفة لا رجعة عنها لإيجاد الحل الحاسم فللصبر حدود.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني