fbpx

سوريا الأولى في معدلات الفقر بنك سوريا الغذائي والواقع الجديد

0 399

بعد ما يقارب عشر سنوات على الثورة السورية وبحسب التقرير السنوي للأمم المتحدة للعام 2019 فقد قدر عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر بما يقارب 83% وهذا يعني استنفاذ السكان للقدرة على التكيف مع الواقع المعيشي في المجتمعات المحلية بعد أن كانت سوريا في عام 2010 حسب التقرير الوطني الاول للتنمية المستدامة من بين الدول المحققة لأهداف القضاء على الفقر هذا الواقع الجديد شكل تغيراً جذرياً في واقع حياة بنك سوريا الغذائي كما تسمى المنطقة الزراعية في شمال وشرق سوريا حيث بات السكان الذين يعتمدون في غالبيتهم على الزراعة ويعمل في هذا القطاع ما يقارب 17% من القوى العاملة في المنطقة ونسبة قليلة لاتزال تعمل في القطاعات الحكومية المتهالكة أصلاً والذين لا تتعدى رواتبهم في حدها الأقصى 60000 ليرة سورية أي أقل من 40 دولار شهرياً بالإضافة إلى نسبة تعمل مع الإدارة الذاتية تعتبر رواتبهم أضعاف رواتب موظفي الدولة ولا تصل في أقصاها إلى 150000 ليرة سورية ما يقارب 100 دولار شهرياً في حين تحتاج الأسرة المتوسطة إلى ما بين 250000/300000 ليرة سوريا شهرياً لتأمين أساسيات الحياة وهو ما يقارب الـ 150 دولار شهرياً ليس فقط العاملون برواتب شهرية يعانون من عدم كفاية الوارد المادي فأصحاب المهن الحرة باتوا اليوم يحتسبون أجورهم بالدولار.

ع.ع يعمل في ميكانيك السيارات يقول إن الارتفاع الكبير في سعر الدولار تسبب في فروقات كبيرة في أسعار قطع الغيار التي يستخدمها في عمله ما تسبب بمشاكل كبيرة للعاملين في هذا القطاع فبالإضافة لسعر القطع المرتفع يقوم العاملون باحتساب أجورهم بالدولار.

م.م.أ صاحب محل لبيع المواد الغذائية أكد أن غالبية المشترين يكتفون بشراء المواد الأساسية بالحد الأدنى وذلك بسبب ارتفاع الأسعار حيث يحتسب التجار أسعار المواد بالدولار ويعمدون إلى احتساب فائدة البضائع أيضا بالدولار لتحقيق الربح الكافي.

خ.أ صاحب محل ألبسة قال إن أغلب البضائع الموجودة في الأسواق قادمة من دمشق وحلب ولكن الضرائب الباهظة وأجور النقل وما يُدفع من أتاوات على الطرق يدفع التجار لرفع أسعار البضائع لتتناسب مع ما يدفعونه حتى تصل إليهم ويتمكنون من تحقيق الربح الكافي ليتناسب مع أسعار المواد الأخرى في الأسواق وتأمين مستلزماتهم من طعام وشراب.

ولم يقتصر تأثير هذا الواقع المالي الجديد على أصحاب المهن والموظفين وأصحاب الأعمال الحرة فقط فحتى الأطباء والصيادلة وأصحاب مخابر التحاليل ودور الأشعة باتوا يطالبون برفع تسعيرة المعاينات والدواء وصور الأشعة والتحاليل ويعزون ذلك إلى الفرق الكبير بين الليرة السورية والدولار الذي يؤثر على وارد هذه القطاعات.

الملفت للنظر هو دخول مبالغ مالية بالعملات الأجنبية من الخارج إلى مناطق شمال وشرق سوريا حيث غالبية العوائل لديها ابن مغترب على الاقل وهؤلاء يشكلون دعماً كبيراً لأسرهم في الداخل.

ب.أ أحد المستفيدين من مبالغ مالية تصله من الخارج قال: إن أصحاب شركات الحوالات باتوا يسلمون الحوالات بالليرة السورية او يحولونها إلى دولار دون دفع الفرق بين اليورو والدولار مؤكداً أن هذا الامر هو عملية نصب على صاحب الحوالة وفي ظل انعدام الرقابة فإنهم يستسلمون للأمر الواقع.

في ظل هذه الظروف الاقتصادية يوجه بعضهم أصابع الاتهام إلى الإدارة الذاتية وحزب الـ pyd كون أغلب التجار المتحكمين في تجارة المواد الأساسية هم تجار تابعون للإدارة والحزب ويعملون بعلمهم وتحت سلطتهم وإن تقاعس الإدارة عن محاسبة هؤلاء التجار وإلزامهم بتأمين المواد بأسعار مناسبة وهو ما تستطيع الإدارة الذاتية تطبيقه إن أرادت يتسبب في زيادة الفجوة بين إمكانيات السكان المادية وأسعار المواد وإن الربح الفاحش الذي يحققه هؤلاء التجار يحصل أشخاص في الحزب والإدارة الذاتية على نسبة منه مقابل عدم السماح لتجار آخرين تأمين المواد للسكان.

المنطقة التي تعتمد على الزراعة كوارد رئيسي لأغلب سكانها تقف اليوم في مواجهة حالة جوع حقيقية، الإدارة الذاتية والدولة قررت شراء القمح بسعر يقارب 30 سنتاً للكيلو غرام الواحد وهو ما يعتبره المزارعون خسارة كبيرة لهم في ظل ارتفاع أسعار كل المواد الأخرى وارتفاع تكاليف الحصاد والزراعة والأسمدة.

بنك سوريا الغذائي الذي طالما حقق سكانه أرباحاً جيدة من عملهم بالزراعة يتجهون اليوم وفي ظل استمرار هذه الاوضاع إلى عدم زراعة المحاصيل مفضلين إبقاء الأرض بوراً على زراعتها وخسارة الموسم أمام أعينهم.

ربما تكون مناطق شمال وشرق سوريا هي الأقل تضرراً مقارنة بباقي مناطق سوريا لكن يبقى الدخل المحدود كارثة في مواجهة هبوط العملة السورية أمام العملات واستغلال التجار وذوي النفوذ للوضع والتكسب من جوع السكان وتحطيم حلمهم بالاكتفاء والتعايش مع واقع الحرب الدائرة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني