التربية والتعليم وأثرها النفسي على البناء المجتمعي
نعيش كأفراد وكأسر، وننقل المعرفة والعلوم والمعلومات والأخبار والمهارات من جيل إلى جيل، ففي العصور القديمة كان الإنسان يتبادل هذه الخبرات في الصيد مثلاً، من خلال تجارب يقوم بها، وينتقي بالتالي التجربة الناجحة، ويضعها أمام باقي أفراد جماعته التي يعيش بينها، من أجل نقل خبرته، ليتعلمها بقية الأفراد، كي يطوروا من أنفسهم، ويحسنوا من شروط حياتهم.
بقيت عملية نقل الخبرة والمعرفة إلى أن ظهرت المجتمعات الحديثة، التي تبنّت فكرة التربية والتعليم، وأدركت أن للتعليم ضرورةً وأهميةً كبيرة في المجتمع، وأدرجت التعليم في سنوات مبكرة من عمر الطفل، لأنها وجدت أن التعليم هو الأساس لنمو الطفل إلى حد كبير، قد يرسم لاحقاً شكل مستقبل حياة الفرد.
يكتسب الطفل من خلال التعليم مهارات اجتماعية جيدة، ولا يحتاج إلى كثيرٍ من التوجيهات والنصح، كما يحتاجها الطفل في الصفوف المتقدمة، وذلك بسبب مدى الانتباه الواسع الذي يتمتع به الطفل في مراحله الأولى من عمره.
ورأى بعض الباحثين المختصين بعلم النفس، أن الطفل الذي يلتحق ببرامج التعليم المبكر، تقلُّ لديه المشاكل السلوكية، ولا يتورط بالجرائم في مرحلة المراهقة حتى بداية سن الرشد، لأن ممارسة السلوكيات الإيجابية في البيت والمدرسة، والاعتياد عليها، تعزز لديه هذه السلوكيات أكثر فأكثر، فمثلاً، عندما يعتاد الطفل الاصطفاف مع زملائه في باحات المدرسة بشكل متناسق ومرتب، وعندما يخاطب أستاذه بلباقة واحترام، تتشكل بذلك بنيته النفسية السوية المبنية على النهج القويم.
إذن ما هو مفهوم التربية والتعليم؟
التربية والتعليم: هو عبارة عن مصطلح شاسع يشير في معناه إلى السبل والطرق التي تمكن الأفراد من اكتساب المعارف والمهارات التي يتوصلون من خلالها إلى فهم صحيح لأنفسهم وللبيئة المحيطة التي يعيشون بها وللبيئات الأخرى.
ومعنى التربية: هو تعهد الطفل بالرعاية الشاملة للتغذية المعنوية والمادية إلى أن يشتد عوده،
وقد وضع أفلاطون مفهوماً للتربية، حيث قال: إن التربية هي إعطاء الجسد والروح أكبر قدر ممكن من الجمال والكمال، وهذا الأمر يعتمد على الناحية الكمية من التربية، وذلك عن طريق مزاولة الأنشطة البدنية والعقلية كافة التي تؤدي إلى الكمال.
ويعتبر مفهوم التربية أشمل من مفهوم التعليم، حيث أن التعليم يعتبر جزءاً من التربية، إذ يقتصر التعليم على المعلومات المقدمة من قبل المعلم، بالإضافة لعدد من الاتجاهات والمهارات داخل الصف، أما التربية فإنها توجد داخل الصف وخارجه ويقوم بمهمة التربية المعلم وغيره.
وقد اتسمت التربية فيما مضى (التربية البدائية) بالمحاكاة والتقليد، وكان الجوهر فيها التدريب التدريجي والآلي والمرحلي، أما في وقتنا المعاصر، أخذت التربية أشكالاً كثيرة ومختلفة لا بأس بها، كالأسلوب الحواري مثلاً، وأسلوب التوازن بين الاحتياجات النفسية والجسدية والعقلية، وأسلوب التحفيز، ومبدأ الثواب والعقاب، وأساليب أخرى كثيرة.
خصصت الحكومات مدارس للتربية والتعليم، وجعلتها على شكل مؤسسات لتتحمل مسؤوليتها رسمياً أمام حكوماتها، وذلك لمتابعة سير بناء وإرشاد الأطفال من نواح تربوية وتعليمية ونفسية أيضاً، حتى يتحقق جوهر التربية بالفعل، وذلك عبر وضع قواعد لتربية الطفل، يرفض بشكل قاطع أسلوب الضرب، وضرورة التحدث والنقاش مع الطفل، بدلاً من أسلوب التلقين، وإلقاء الأوامر والتعليمات، وانتظار عملية التنفيذ المطيع، دون النظر إلى رؤية وفكر الطفل بعناية واهتمام، وهناك الكثير أيضاً من القواعد التربوية الأخرى، تحدّدها هذه الحكومات وفق رؤيتها المستقبلية لها.
ومن المفترض أن توضع هذه القواعد التربوية من قبل الحكومات بالتوافق والملاءمة، والمرافقة لقواعد التربية المنزلية الأسرية، بحيث تصبح هذه القواعد متناغمة مكملة لبعضها، معززة للسلوكيات السوية على أكثر من صعيد.
إن معنى التعليم بالأساس، هو نقل هذه القواعد والمعارف بصورة متوافقة مع الطفل، حيث تتسم بطابع علمي وأخلاقي قيمي، يعمل على تدريب وتحفيز عقل الطفل على المحاكاة، وليس على التقليد، واختبار وإدراك ومشاهدة النتائج بعينيه، وتحريض دماغه على عملية البحث والتجربة، ليتمكن بعد ذلك بنفسه، من التمييز بين الخير والشر، وبين الصحيح والخاطئ، بمبدأ التحريض الفكري والعصف الذهني، الذي يسمح للطفل بالحق الكامل في أن يختار الحلول المقترحة، ويختبرها بعقله دون تلقين، أي بدون استخدام العلم بشكل كبسولات جاهزة، تنصب فقط في عقله دون اختبار ومتابعة بنفسه، وانتظار يوم الامتحان لكتابة ما حفظه فقط في ذاكرته، والذي يحدد بالتالي نجاحه من عدمه.
ومع استمرار وممارسة عملية التعليم الصحية والصحيحة وقواعدها المنهجية المدروسة، يصل الطفل إلى قناعة علمية مختبرة، توصله إلى التحرر الفكري من جميع أنواع التبعية المفروضة عليه، وتحفزه بالتالي على الابتكار والإبداع وبناء مستقبله بشكل حر وسوي وصحي وبكامل إرادته وشغفه.
كل ذلك من أجل بناء مجتمع متطور ومتكامل، يقوم على أبناء أصحاء تربوياً وتعليمياً ونفسياً وسلوكياً، قائم على خطط تربوية تعليمية، تتماشى مع متطلبات هذا العصر، الذي تتطور فيه بعض البلدان بشكل متسارع، بينما يبقى بعضها الآخر في مكانه، فبالصحة النفسية للأفراد، وحالة العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته، يستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية، وبتكريس القدرات الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بتفان وفاعلية، تبنى المجتمعات وتتقدم، وتصبح أكثر قدرة على العمل الإيجابي وإثبات الذات.
بقي أن نقول، للتربية والتعليم أهمية كبرى في إصلاح المواقف التي طورها الأطفال بشكل خاطئ في بعض الأحيان، عندما يستوعب الطفل مجموعة من المواقف والمعتقدات غير الصحيحة ويتبناها، يأتي دور ووظيفة ومهمة التربية والتعليم لاختبار هذه المعتقدات، التي لا أساس لها من الصحة، وإزالتها من عقله بشكل حضاري وصحي، وهنا بالضبط تكمن أهمية وضرورة العمل الجاد لتطوير العملية التربوية والتعليمية.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”
خالف ظني،لو كانت المقالة تتكلم عن الوضع الحالي للطلاب وخاصة بفترة مابين العمر 22 حتى 29فهذه الفئة ظُلمت وأصبحت ضائعة كما أنه تم استغلالها في اعمال شاقة أو أعمال غير لائقة وغير متناسبة مع ماكانوا عليه كرؤيتنا المتكررة للشاب صاحب الدراسات والشهادات العليا وهو يعمل في جمع القمامة.
انقطاعهم أصبح في كفة وتجاهل الجهات لهم في كفة أخرى،
توجه نخبة الشباب السوريين للعمل في أماكن لم تكن في دائرة توقعاتهم يضعف الدولة كما يقلل من مكانة المجتمع السوري،كما أن ذلك طريقا لفساد الدولة ودوائرها من خلال تسلّم المناصب من قبل أشخاص ليسوا كفئً لها وبالتالي سخط الشعب على الحكومة،
فلا أتوقع توقف للحروب والحرب في ظل الفشل التربوي الذي يعاني منه المجتمع.
كما للحالة النفسية التي تمتلك الطالب حالة قاسية قد تودي بالطالب الى نتائج كارثية كالإنضمام لجماعات قتالية كردة فعل للحالة التي تنتاب الشخص،أو ردود فعل أقسى من ذلك.
كل ذلك والفشل للدولة ولمؤسساتها تتحمله الجهات المسؤولة الآن من حكومات مؤقتة ومسؤلين عاملين في خارج الدولة،كما للإعلام والصحافة جزء تتحمله من فشل الحاضر والمستقبل ويرجع ذلك لقلة طرح الموضوع وتداوله في الإعلام…..