fbpx

مساهمة الأستاذ بكر جعفر في مبادرة معاً في مواجهة خطاب الكراهية

0 157

أشكركم جزيل الشكر على دعوتكم لي كسوري و ككردي ينتمي الى المكون الايزيدي لإبداء تصوراتي و وجهة نظري الذي يعبر الى حد ما عن وجهة نظر مجلس ايزيديي سوريا حول موضوع الكراهية و نتائجها الكارثية على المجتمع السوري بكل مكوناته .

فبداية وحسب تصوري كل إنسان يرى وطنه من خلال المنطقة التي ولد فيها و البيئة التي ينتمي اليها ، ولطالما ونحن بصدد موضوع نبز الحقد و تجنب خطاب الكراهية بين مكونات الوطن السوري التي بات يخضع لأقسى أنواع الحقد والكراهية منذ أن تفخخت الثورة السورية بالأسلمة و العسكرة والمال السياسي.

فالحقد والكراهية والتعصب الديني والقومي يا إخوتي ويا أخواتي هي من صناعة الحكام والأنظمة الإستبدادية الفاسدة بمساعدة النخب الفكرية والسياسية والثقافية والدينية الكاسدة الذين يقومون بنشر السموم والأكاذيب لإفساد العدالة الاجتماعية و تكريس حالة الإستبداد ، من خلال إثارة التعصب القومي والعرقي والطائفي والمذهبي أو القبلي أو حتى المناطقي الذي يؤدي ليس لإفساد الحياة الثقافيةوالاجتماعية فحسب بل يأخذ المجتمع بأكمله امام ازمة أخلاقية يصعب حلها و إصلاحها.

وللأسف هذا ما حصل في وطننا السوري منذ أن تم تفخيخ الثورة السورية بالأسلمة والعسكرة والمال السياسي الذي دمر البلاد و أفسد العباد و كذلك في المجتمعات العربية والاسلامية المثقلة أصلاً بالأزمات المركبة قبل غيرها نتيجة إنتعاش الاسلام السياسي الذي يسعى بكل إنتماءاته وتعدد اسمائه الأخذ بالمجتمع الى حالة ماقبل الدولة، والعروبية السياسية التي يأخذ بالفرد الى حالة اللاوطن ، فكلاهما معاً يخلقان حالة ديماغوجية لإطالة عمر الطاغاة والمستبدين وبقاء المجتمع بعيداً عن قيم العلمانية و الوطنية والديمقراطية ، وللأسف فإن شأنا أم أبينا فهذه الحالة تحظى بجماهير لايستهان بها وذلك نتيجة الجهل الثقافي والاجتماعي و غياب الدور الوطني والديمقراطي للفئات المثقفة والتي ( للأسف ) في الكثير من الحالات تحول بعضهم الى عداء لقيم الحضارية والوطنية والديمقراطية ،في ظل غياب اي مشروع وطني أو ديمقراطي حضاري ينقذ المنطقة من الويلات والصراعات اللاأخلاقية – (وإن وجد أي مشروع من هذا النوع من قبل بعض الوطنيين) فحتما سيكون مستهدفاً من قبل الأطراف الدولية و الأقليمية المتكالبة على المنطقة، و للأسف دائما بغطاء عروبوي او اسلاموي اللذان على الأغلب يعيشان و ينتعشان على مبدأ الانقسام العرقي او الأثني او الطائفي الشيء الذي يزيد من حجم الحقد و الكراهية بين مكونات الشعب السوري في ظل حالة الجهل الذي ما زال يحكم حتى عقول بعض المثقفين ، فعندئذ تصبح الكراهية ناراً يستعر المجتمع بأكمله و بكل مكوناته وتتفكك معظم الروابط التاريخية والثقافية و الاجتماعية وتثير النعرات والحروب الأهلية، مما يأخذ بالمجتمع الى حالة العنف والانتقام..

و لا تنمو الكراهية إلا في المجتمعات غير المستقرة التي تغيب عنها ثقافة التنوع وقبول الآخر، وهنا يكمن الخطر المباشر على الأقليات الغير عربية والغير إسلامية الذين تعرضوا ومازالوا يتغرضون لأقبح الحروب هي التي تقوم على الكراهية، وأكثرها وحشية تلك التي ارتكبت بحق الايزيديين في شنكال على يد الاسلام الداعشي ، و ما يشهده الشعب الكردي في سوريا عامة ومنهم المكون الايزيدي في المناطق التي تحتلها تركيا و تسيطر عليها المعارضة السورية الاسلامية بمختلف مسمياتها لا تقل خطورة عما ارتكبه داعش من جرائم و ويلات بحق الانسان والانسانية ..

لذا ومن خلال جميع القاءات والمؤتمرات التي شاركنا فيها كمجلس ايزيديي سوريا من خلال تصورنا لسوريا المستقبل إقترحنا بفصل الدين عن مؤسسات الدولة ، والغاء مادة التربية الدينية في السنة الاولى والثانية من المرحلة الابتدائية في المدارس و تبديلها بمادة التربية والتعايش السلمي ..

والإعتراف بالديانة الايزيدية و تمثيل الايزيديين السوريين في مؤسسات الدولة على مبدا نظام الكوتا.

فلاشك الحديث هنا عن الحقد والكراهية يطول ، وعذرا منكم للإطالة لكن بإمكاننا ان نختصر بأن أهم الاسباب ( وليس كلها) التي أودت بسوريا الى ماهي عليها هو تخلي الدولة عن الموقف الوطني والديمقراطي وغياب العدالة الاجتماعية مع فقدان دور المثقفين العلمانيبن و الديمقراطيبن وعدم تأثيرهم على الجماهير في الساحة السياسية السورية ، و سيطرة العقلية العروبية والاسلامية على مفاصل القرار السياسي ( كمراكز قوة في سوريا) الشيء الذي ادى الى اتساع فجوة الخلافات الأثنية والعرقية والقبيلة في المجتمع السوري الذي لا يستطيع منذ تسع سنوات ان ينتج لنفسه معارضة تمثله ..

لذلك فمواجهة خطاب الكراهية لا تتوقف فقط عند حدود نقده، بل تتطلب أيضاً صياغة خطاب بديل وطني و ديمقراطي يؤمن بوجود الاخر لا بإقصائه .. خطاب المحبة والتضامن. و إعادة النظر بالخطاب الديني الذي بات يحتاج إلى صياغة جديدة بعيداً عن السياسة والاجندات السياسية.

ذلك فالنخب السورية ( بمختلف مكوناتها) مطالبة اليوم بأكثر من وقت مضى بنبز الكراهية وإجراء حوار وطني ديمقراطي على أسس المواطنة وضع رؤية استراتيجية شاملة لاستئصال وباء الكراهية.

مساهمة الاستاذ بكر جعفر في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية”, التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي وتمّ نشرها في صحيفة نينار برس بالاتفاق مع الأستاذ بكر جعفر

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني