fbpx

دمشق قلب الفرس النابض

0 193

سورية بين العروبة والفرس هذا ما يمكن تصوّره من الحملات الإعلامية المتبادلة بين العرب من جهة وبين نظامي أسد الطائفي ونظام الملالي الإيراني، وهي أشبه بقصة دائرة الطباشير والتي انتهت بإعلان مجلس الجامعة العربيّة على مستوى وزراء الخارجية العربية القرار رقم “8914” الذي يتضمّن عودة نظام أسد لشغل مقعد الجمهوريّة العربيّة السوريّة في الجامعة.

وقد جاء هذا القرار بعد سلسلة من الأحداث الإقليمية المصالحة بين المملكة العربيّة السعوديّة والنظام الإيراني، واجتماع الرباعيّة العربيّة في العاصمة الأردنيّة عمّان، وزيارة وزير خارجيّة نظام أسد الى عدد من الدول العربيّة، وتغاضي الإدارة الأمريكيّة عن خطوات التطبيع العربي معه لتتوّج هذه الأحداث بزيارة رأس النظام الإيراني إلى دمشق والتوقيع على عدد من الاتفاقيّات الاقتصاديّة والتجاريّة والسياسيّة والعسكريّة طويلة الأمد.

والذي أعلن فيها الطرفان التزامهما بالحلف التاريخي المعقود بينهما والمبني على رؤية سياسيّة واحدة وعقيدة واحدة وأهداف واحدة التي أثبت انتصارهما على “المؤامرة الكونيّة” صحتها وقوتها وضرورة استمرارها وتمتينها، وشعور بشار أسد بنشوة هذا الانتصار دفعه وبكل صفاقة ودناءة إعلانه عن أبديّة هذا التحالف الذي أرسى قواعده والده، من خلال دعمه النظام الإيراني ضد العراق في الحرب العراقية الإيرانية وأن ذلك الدعم والتحالف هو جوهر الرؤية والعقيدة المشتركة بينهما وأن الدعم الإيراني له هو تأكيد النظام الإيراني على عمق ذلك التحالف ضد العرب وأهل السنة، من خلال تجنّبه الإشارة إلى وجود القوات الأمريكيّة في سوريّة.

إن توقيت زيارة رئيس النظام الإيراني الذي جاء بعد تهافت العرب على النظام وتقديم عروضهم السخية له على أمل إعادة سورية الحضن العربي لهو دلالة واضحة بأن حضور الرئيس الإيراني واستقباله بشعارات طائفية إنما هو إعلان انتصار النظام الإيراني على العرب وهزيمتهم في معاركهم في فك ارتباط النظام السوري عنه، وكأنّهما يقولان بأنّ على العرب غسل يديهم من سورية كما غسلوها من العراق ولبنان واليمن ليكتمل مشروع الهلال الشيعي الممتد من طهران حتى المتوسط.

وكما أنّ الإعلان عن حجم ونوعية الاتفاقيات المعقودة بينهم والقطاعات التي شملتها تؤكد أن النظام الإيراني احكم السيطرة الفعلية على مقدرات سورية من كهرباء وطرق وسكك حديدية وفوسفات ونفط وتخطيط المدن والتي تعتبر من أهم الضروريات اللوجستية في أي مشاريع لإعادة الإعمار مما يمنح النظام الإيراني القدرة على التحكم في مشاريع إعادة الإعمار ووضع شروطه الخاصة عند التعاقد باعتباره المستثمر الحصري لها وبالتالي حوّل سورية الى المحافظة الايرانيّة الـ “33” بعد تحويله العراق للمحافظة “32” هو رسالة للعرب بأن حتى مشاريع إعادة الإعمار لن يكون لهم فيها نصيب إلا بالقدر الذي يتفضّل به المالك الجديد للبلاد.

المخزي في هذا الأمر هو موقف النظام الرسميّ العربي المهزوم أمام المشروع الإيراني التوسّعي وهذه الهزيمة هي نتيجة حتميّة لتخاذله مع الثورة السورية لدرجة قبوله بعمليات التطبيع مع نظام أسد بناءً على صفقة تطبيع علاقته مع النظام الإيراني الأمر مكّن من إعادة تأهيل نظام أسد ويتعالى عليهم ويحمّلهم مسؤولية وتبعات المؤامرة الكونية عليه ويشترط عليهم لقبول عروض التطبيع دفع الخسائر التي تسببت بها الحرب وتعويضه عنها وإعلان استسلامهم وقبولهم بهزيمتهم أمام المحور الإيراني، وعدم التدخل في حربه على الشعب السوريّ.

وهذا ما جسّدته نتائج رباعيّات عمّان وقرار مجلس الجامعة العربيّة على المستوى الوزاري والذي حصر سقف اهتمامات النظام الرسميّة العربيّ بما يلي:

التركيز على معالجة الوضع الإنساني الذي أختصره النظام بوجوب تسليمه المساعدات الانسانيّة وإغلاق المعابر وإلغاء العمل بآلية تقديم المساعدات عبر الحدود، ولتجنيبهم الحرج من شمولهم بالعقوبات الدوليّة فقد أصدر لهم بشار أسد قانون احداث صندوق دعم ضحايا الزلزال كمخرج لهم لتفادي العقوبات الدوليّة وأصبح بإمكانهم تعويمه مالياً قدر ما يشاؤون.

وبخروج القوات غير الشرعيّة من سورية فالكل يدّعي الشرعيّة حتى النظام الإيراني والذي يؤكّد شرعيته من خلال كمّ الاتفاقيّات والمعاهدات الموقّعة بينهما ونوعيتها وطول آجال العمل بها، وهم بذلك يقصدون أو يشيرون إلى الوجود العسكريّ التركيّ في الشمال دون غيره.

والتركيز على إعادة اللاجئين وهو ما يهمّهم كورقة ابتزاز للأمم المتحدة لزيادة مخصصاتكم من أموال دعم اللاجئين، والضغط على الشعب السوريّ للقبول بالحلول الاستسلاميّة المطروحة.

ومكافحة الإرهاب هذا المصطلح الفضفاض الذي لا وجود له في القانون الدوليّ الذي سيكون ذريعتهم للقضاء على ما تبقّى من الثورة.

وأصبح حال العرب حِيال الشعب السوريّ حال الذي يضربُ أخماساً بأسداسٍ ويصح عليهم قول الشاعر:

إِذَا أَرَادَ امْرُؤٌ مَكْرًا جَنَى عِلَلاً

وَظَلَّ يَضْرِبُ أَخْمَاسًا لِأَسْدَاسِ

وبعد كل حدث وما سيحدث من نتائج عن إعادة نظام أسد إلى الجامعة العربيّة التي تُشبه وضع بيوض طائر ” الوقواق ” في أعشاش طيور أخرى من انتقال سوريّة من قلب العروبة النابِض إلى قلب الصفويّة النابض، المر الذي يفرض علينا لِزاماً نحن السوريين إعلان حرب التحرير الشعبيّة كضرورة ثوريّة وعربيّة وقوميّة ودينيّة للتخلّص من المحتلّين و”العرب المُتأيرنين”، ونقض أركان المشروع الإيراني و”العربيّ المُتأيرِن” في القضاء على الثورة السوريّة من خلال نسف المعطيات التي بني عليها هذا المشروع وضرب الاستقرار في مناطق النظام عبر عمليات عسكريّة مدروسة تستهدف المراكز الحيويّة للميليشيات الطائفيّة والميليشيات الإيرانية والمرتزقة الروسيّة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني