العلوية السياسية حلم الطائفة وفخ الأسد
بين عامي 1970-1971 بدأت النكبة السورية الكبرى بوصول حافظ الأسد لحكم البلاد والسيطرة عليها بشكل كامل، طامساً تحت حكمه الهوية السورية ومبرزاً هويةً إجبارية جديدة سميت فيما بعد سوريا الأسد.
لم يُرد علوية سياسية
الدكتور برهان غليون
أستاذ علم الاجتماعي السياسي في جامعة السوربون
الدكتور برهان غليون أستاذ علم الاجتماعي السياسي في جامعة السوربون يرى أن الأسد لم يرد في الأصل بناء علوية سياسية لكنه وجد نفسه غارقاً فيها لأنه أراد أن يرسخ حكمه ويديم سيطرته ويحولها إلى سلطة وراثية دائمة، ويقطع الطريق على أي تغيير أو انتقال للسلطة، وهو ما يجري حتى الآن مع الابن، يقول الأكاديمي السوري: فلم يجد أمامه إلا تحويل الطائفة التي ينتمي إليها إلى عصبية مرتبطة به وحامية له ومستعدة لتقديم شبابها وقوداً لحروبه ومعاركه.
يضيف غليون: وقد وقعت الطائفة بالفعل ضحية هذا الوهم لأنها كانت فاقدة أيضاً للقيادة الدينية والسياسية، هكذا تعزز حكمه باستناده إلى قاعدة صلبة ومضمونة طائفياً وقبلياً وطبقياً فيما بعد، لا تؤثر فيها إرادة السوريين الآخرين من حيث هم شعب وطبقات ومصالح ومثقفون وأفراد مواطنون، وهي عصية على تأثيراتهم ونفوذهم مهما نشطوا سياسياً وأقاموا من تحالفات وأظهروا من اعتراضات وخرجوا في احتجاجات وكتبوا من انتقادات.
وأكد غليون: لذلك أرى أن نشوء السلطة الطائفية أو بالأحرى الدولة العميقة “الطائفية” أو الموازية، التي بناها الأسد لحماية سلطته وتأبيدها، لم يكن نتاجاً لطموحات أو تطلعات علوية طائفية، أي طائفية علوية مسبقة، ولا وجود لعصبية علوية قوية كما يميل بعضهم إلى الاعتقاد، فقد كان العلويون الطائفة الأكثر تشتتاً وافتقاراً للتنظيم والتعصب من جميع الطوائف الأخرى، وإنما كان بالعكس نتيجة عمل منظم ومقصود وسياسة منهجية اتبعهما الأسد الحاكم ومن التحق به من أعضاء الحزب والجيش لاختطاف أبناء الطائفة وإجبارهم على الدخول في مشروعه واستخدامهم كدرع له ضد بروز أي مطالب سياسية ديمقراطية، وبالتالي ضد نشوء أو بروز الشعب ككيان سياسي وصاحب تطلعات سياسية من حقوق وواجبات فردية، ومن ثم مواطنة مشتركة ومتساوية.
وخلال حديثه قال أستاذ علم الإجتماع السياسي وراء الطائفية العلوية التي بناها الأسد يوجد انقلاب الأسد على الدستور الجمهوري ذاته، وما سميته في كتابات مبكرة، الانقلاب الدائم، أي تمديد أجل سلطة الانقلاب من دون نهاية، وبالتالي ترسيخ سلطة عائلية وراثية تلغي الجمهورية نفسها للأبد أيضاً.
النظام الأسدي مركب
ميشيل كيلو
معارض سوري
يرى المعارض السوري ميشيل كيلو أن النظام الأسدي مركب، قاعدته الاجتماعية فعليا هي المنتسبين لأجهزته بالدولة العميقة، يعني في الأجهزة السرية والمخابرات البيروقراطية المرتبطة بالمخابرات وطبعاً الجيش، لكن غالبية هذه الدولة العميقة مُشَكَلة في الأصل من عناصر أخذوا من الطائفة العلوية وتحولوا لطائفة سلطة، بالتالي لا مشكلة لديهم في البطش بالطائفة العلوية إذا تطلبت مصالحهم كسلطة البطش بهم، كما حدث في الثمانينيات عندما عانى العلويون في الأرياف مثل غيرهم من الطوائف عندما أصبح هناك عجز اقتصادي عام في البلاد.
لذلك من وجهة نظر كيلو يجب التمييز بين الناس في القاع الاجتماعي الذين يؤخذ قسم منهم ويدخل في السلطة فيرى هذا القسم نفسه بدلالة السلطة والنظام ينمي لديهم فكرة الاختلاف عن المجتمع، وأنهم يجب أن يبقوا بحالة دفاعية لأن المجتمع ضدهم، وهذا ما يسري اليوم ويعمل كثر على تأكيده لدى العلويين وغير العلويين أنهم في خطر.
بعد ذلك كما يقول المعارض السوري تأتي مرحلة الدولة العميقة المتمثلة بالسلطة الظاهرية الحكومية والبرلمانية والقضائية والمدارة فعليا من قبل الدولة العميقة وفوقها المنسق الأعلى للدولة العميقة بأجهزتها وجيشها وبيروقراطيتها ومخابراتها والذي أشرف على تحويل بعضهم من القاع الاجتماعي من طائفيين منتمين لفئة اجتماعية إلى طائفيين يطلبون سلطة، معادين لكل الفئات الاجتماعية عند الضرورة، هنا يمكن الحديث عن العلوية السياسية لأنها علوية السلطة وليست علوية المجتمع لأن علوية المجتمع ليس لها علاقة بالسلطة.
كما كتب رئيس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي ميشيل كيلو، إن الضحية الرئيسية في الوضع الحالي هي الطائفة العلوية وقد كتب مقالاً طويلاً شرح فيه الموضوع تحت عنوان “الطائفة المظلومة” لأنها لا قرار لها بشيء وهي جزء من الشعب السوري تعاني مثله وتتفق مع أغراض لا تحقق مصالحها وتهدد وجودها ولا تأخذ موقفاً منها مع الأسف.
إذاً العلوية السياسية هي الشكل التي استغلت به السلطة الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف لكنها ركّزت عليها بشكل خاص ووضعتها بواجهة المجتمع وحولتها إلى ضحية لسياساتها، والجزء الأكبر من الشباب العلويين تمت التضحية بهم في هذه المعركة من أجل الدفاع عن نظام يدعي الدفاع عنهم، علما أنه الخطر الأكبر عليهم.
الدولة الأمنية التسلطية
الدكتور عبدالله تركماني
الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة
الدكتور عبدالله تركماني الباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة قال: أَسست سلطة آل الأسد، إضافة إلى أدوات العنف المتعددة وآليات التفكيك المجتمعي، منظومة الولاء على آليات فساد تديرها الأجهزة الأمنية.
وقسم تركماني الدولة الأمنية التسلطية إلى ثلاثة أركان، هي: إرهاب الدولة والإيديولوجية القومية والإعلام الموجّه. وثمة مبادئ عدة تضمن هذه الأركان وتعززها، من أهمها: مبدأ الاحتكار الفعّال للسلطة والثروة والقوة، ومبدأ الغلبة والقهر، ومبدأ شخصنة السلطة.
ويرى الباحث في مركز حرمون أن تشخيص مدى طائفية هذه السلطة خاطئ ومن يعتقد أنها تمثل نظام طائفي خاص بطائفة ما، فهو ليس نظام حكم الطائفة العلوية، لأنه ببساطة لم يكن في خدمتها. بل على العكس، كانت الطائفة العلوية، ولا تزال، في الأسر، وكان السوريون “العلويون”، ولا يزالون، محتجزين رهائن بيد آل الأسد، ويمكن اكتشاف ذلك من الدراسات الاقتصادية والاجتماعية التي تظهر أحوال أغلب السوريين من أبناء هذه الطائفة.
لكن في الوقت ذاته يقول الدكتور تركماني إن الممارسات الطائفية سجلت حضوراً علنياً متزايداً في سنوات بشار أكثر من أبيه، بفعل تدهور أجهزة التعبئة الاجتماعية البعثية. ومن العوامل المعزّزة لصعود الطائفية، واقعة التوريث نفسها، وأنّ بشار كوريث لأبيه لا يمكن أن يكون رئيساً دستورياً منتخباً، وأنّ واجبه كوريث هو أن يورّث الحكم لابنه من بعده. ومع تراجع وظائف الدولة الاجتماعية (وليس سلطتها القمعية) وصعود دور الثروة بفعل لبرلة الاقتصاد، صعدت القرابة والطائفية أيضاً.
واختتم تركماني بالقول المشكلة في هذا الوضع الشاذ أنه أبقى السوريين في حيّز الهويات الفرعية المغلقة، الإثنية والطائفية والمذهبية والعشائرية، ولم يسمح لهم، في الوقت ذاته، بالتبلور والتعبير عن ذواتهم، أي أنه أبقى السوريين مجالاً لتلاعبات وتوظيفات السلطة، وضمن ذلك وضعهم في مواجهة بعضهم.
الحكم الجملكي
المحامي أكثم نعيسة
مدير مركز الشام للدراسات الديمقراطية
المحامي أكثم نعيسة، مدير مركز الشام للدراسات الديمقراطية وضّح كيف تنشأ الطائفية السياسية عادة وذلك حين تنضج إيدولوجيا الطائفة بوعيها لذاتها كجماعة “حاكمة” أو متنافسة على النفوذ السياسي في البلد المعني، وتشكل تبعاً لذلك تعبيراتها السياسية، وقال لعل تقاسم السلطة في لبنان بين مجموعة من الطوائف السياسية يعد النموذج الأكثر سطوعاً لمفهوم الطائفية السياسية، حيث نرى على سبيل المثال أن المارونية السياسية والشيعية أو السنية أو الدرزية” قد تقاسمت السلطة وفقاً لعقد قسمة نجم عن مسار طويل من الصراعات المسلحة والذي تمخض عنه اتفاق الطائف.
أما في الحالة السورية يرى نعيسة أن النموذج الذي ساقه المفكر المرحوم صادق العظم في طرحه للمصطلح الإيديولوجي “العلوية السياسية” الفارغ فكرياً والأقرب إلى التعبير الشعبوي، مجافياً بإطلاقه لهذا المصطلح قواعد الحفر المعرفي لبنية السلطة في سوريا ونظامها السياسي، ويعتقد مدير مركز شام للدرسات أنه ما كان يتوجب عليه أن يفعل ذلك كمفكر معرفي.
ويعتقد نعيسة بقدر ماهي غريبة ومشوهة هذه التركيبة بقدر ماهي من المرونة التي استطاعت من خلالها أن تستجيب إلى حركية قواعد التوازنات القائمة عليها سلطة الأسد وتتفاعل معها وتطورها لتشكل سابقة جديدة في آليات الحكم الديكتاتوري والتي أطلق عليه بعض المثقفين “نموذج الحكم الجملكي”، وبهذا أستطيع الافتراض بأن الأسد وفيما لو اعتمد في بناء سلطته على تشكيل ما يسمى بالعلوية السياسية، لما كانت الأزمة لتسير في هذه المنحى من الشعور الطائفي ولما وصلت إلى المآل الذي وصلت إليه، وكانت من منظوره النخب العلوية بتعبيراتها السياسية المختلفة لتلعب دوراً مهماً وإيجابياً لصالح طموح الشعب السوري، أو بأقل تقدير لكانت قد ساهمت في تخفيف جموح النظام الوحشي في مواجهة الشعب.
الطائفة إحدى حواضنه
الدكتور عبد القادر نعناع
باحث وأكاديمي سياسي سوري
الدكتور عبد القادر نعناع باحث وأكاديمي سياسي سوري لم يتفق مع اصطلاح السياسية العلوية بشكل كلي فقال: إنه بغض النظر عن دقّة المصطلح وضبطه، فقد أعاد حافظ الأسد، إنتاج المجتمع السوري، من خلال تعزيز خطوط الفصل الهُوِيّتِيّة والسياسيّة، وبناء حواضن اجتماعيةٍ لمشروعه، على عدّة مستويات. ففيما كان البعث الحاضن الأكبر حجماً للنظام، فإنّ الأسد اعتمد على الرافعتين الأمنية والعسكرية اللتين أعاد إنتاجهما، والرافعة الاقتصادية “ذات الطابع السني”، وحاضنٍ مشيخيٍ سنيٍ، وروافع وحواضن عديدة خلقها، لتتناسب مع شكل الحكم الديكتاتوري الفردي.
ويرى الباحث السوري أنّه حُكْمٌ فردي، فلا مكان للطائفة “العلوية”، بصفتها طائفة، إلّا بقدر ما تخدم استمرارية النظام والفرد، فالطائفة لم تكن شريكاً لحافظ الأسد في الحكم، بقدر ما كانت إحدى روافعه وحواضنه
ومن وجهة نظر الأكاديمي السوري ربّما تمّ تحويل العلوية لتكون الحاضن الأكثر موثوقيّة، بعد عمليات تحديثٍ مشوّهة للطائفة، لم تؤدِّ سوى إلى انخراطها في آلة النظام، وربط مصيرها بمصيره. وخصوصاً أنّه دفعها لتكون في مواجهةٍ علنيةٍ مع السنّة منذ أحداث الثمانينيات، ما جعلها متورّطةً إلى درجة عدم القدرة على الانسحاب، وبات كثيرٌ من أبناء الطائفة مقتنعاً أنّ الانفكاك عن النظام يعني مواجهة الأكثريّة السنيّة دون حماية، ما أثار القلق من طروحات القصاص والإبادة الجماعية، فاندفعوا نحو مزيد من التورط بعد عام 2011.
ولم يعف الدكتور نعناع الطائفة من تحمّل مسؤولية تاريخية وإنسانية عمّا يجري في سورية منذ عام 1970، ولن تجدي دعوات التسامح، دون وجود مراجعاتٍ حقيقيةٍ داخل الطائفة، تدفع نحو الانفكاك عن النظام أولاً، وخلق صيغةٍ تصالحيةٍ نابعةٍ من داخل قيادات الطائفة، ضمن عملية العدالة الانتقالية، قادرةٍ على تجاوز الاستعصاء الإنساني والسياسي الحاصل في سورية.
الطائفة العلوية كانت ضحية السياسة العلوية
الدكتور عثمان صالح
مدير مركز الدراسات الاستراتيجية التركمانية
الدكتور عثمان صالح مدير مركز الدراسات الاستراتيجية التركمانية يعتقد أننا يجب أن نبدأ بتعريف مصطلح العلوية السياسية وإظهار الفرق بينه وبين مصطلح السياسة العلوية لكي نفهم الصورة الكاملة للمشهد السياسي السوري السائد في سورية.
وعرّف صالح مفهوم العلوية السياسية أنه يعني إيجاد أشخاص ينتمون للطائفة العلوية يديرون الدفة السياسية في البلاد ويكونون أصحاب القرار المؤثر وهذا مالم نجده في فترة حكم الأسد الأب وحتى الابن فلم يكن هناك أشخاص سياسيون من الطائفة العلوية قادرون على لعب هذا الدور بل بالعكس رأينا أن اعتماد حافظ الأسد كان على نخبة من السياسيين غير العلويين في مراكز صنع السياسة العامة لسورية شرط تقديم الولاء والطاعة الكاملة لرأس السلطة ما يوضح أن لا اهتمام حقيقي من قبل السلطة بإيجاد طبقة العلوية السياسية بقدر ما كانت هذه السلطة تبحث عمن يحقق السياسة العلوية بغض النظر عن الانتماء الطائفي.
لذلك يظن مدير مركز الدراسات الاستراتيجية أن الطائفة العلوية كانت بشكل أو بآخر ضحية السياسة العلوية التي مارستها السلطة عبر خمسين سنة من الحكم الطائفي ومحاولة احتكارها السلطة ما سينعكس سلباً في قادم الأيام على الطائفة العلوية بعد سقوط النظام في دمشق.
العلوية السياسية تشكل خطراً على التوريث
فرمان محمود
عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي البارتي
فرمان محمود عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي البارتي لا يعتقد أن الأسد سعى لبناء العلوية السياسية في سوريا، وبدلاً من ذلك كان هدفه ضمان حكم عائلته لسوريا إلى أقصى ما يمكن، والعمل على ضمان توريث الحكم تباعاً ضمن عائلته، واستند برأيه لتنفيذ غايته إلى الاعتماد على أبناء طائفته في شغل المراكز المهمة والحساسة في الجيش والأجهزة الامنية من جهة وإقامة شبكة علاقات اقتصادية سياسية مع طبقة كبار التجار في البلد وربطها مع الخارج، يضاف إلى هذين العاملين إعادة انتاجه للوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والإيدولوجي لدى عامة الشعب السوري بما يسمح لديمومة مشروعه السلطوي الاستبدادي التوريثي.
ويرى عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي البارتي أن الأسد كان قادراً على تأسيس علوية سياسية بصفته مؤسساً وحاكماً مطلقاً لنظام استبدادي دكتاتوري، ولكن تلك العلوية السياسية كانت ستشكل خطراً كبيراً على توريث السلطة داخل العائلة، لأنه بوجود العلوية السياسية سيكون أمام نخبة علوية سياسية تؤثر في القرار السياسي.
وأضاف محمود نتيجة لكل ذلك حاول الأسد إبقاء العلويين على تلك المسافة البينية بين العلوية السياسية والطائفة العلوية، وبمعنى أدق لم يسمح للطائفة العلوية بالوصول لحالة العلوية السياسية عبر الاعتماد على الطائفة في جميع مفاصل الدولة السورية، وهذا الموقع البيني أوقع الطائفة العلوية في شرك الأسد وتوهمت بأنها تشكل علوية سياسية وأن عائلة الاسد واجهة لهذه العلوية السياسية، وبرأيه لذلك مع انطلاقة الثورة السورية كانت الطائفة العلوية مستعدة للدفاع عن هذا الوهم في اعتقاد منها أنها تدافع عن علوية سياسية فكانت أكثر الطوائف تضرراً، وقد بات لزاماً على الطائفة العلوية الوعي بحقيقة الوهم الذي عمل الأسد على زرعه لديهم والخروج من الفخ الذي نصب لهم.
لا إشكال في مصطلح “العلوية السياسية”
معاذ السراج
معارض سوري وعضو في حزب الإخوان المسلمين
معاذ السراج معارض سوري وعضو في حزب الإخوان المسلمين قال: إن سوريا في عصرها الحديث لم تشهد اصطدامات على أساس طائفي أو عرقي، حتى في أثناء الثورة، رغم الدفع الكبير بهذا الاتجاه. وبصورة عامة فإن البيئة الاجتماعية والثقافية السورية لا تستسيغ هذا الطرح.
كما يرى السراج أنه من الجيد أن تُطرح مسألة بهذه الحساسية من مدخل سياسي وليس ديني، وبهذا الاعتبار الإيجابي، فلا إشكال في مصطلح “العلوية السياسية”، كمدخل لبحث مسألة ظلت محظورة على النقاش لعقود طويلة.
يوضح المعارض السوري فكرته من خلال سرد وصول حافظ الأسد للسلطة، والهيمنة المطلقة، التي لم تكن عفويةً. كان وراءها تخطيط وعمل وطموحات غير محدودة.. وحتى الانفتاح على إيران، و”تحديث” الجهاز الديني، (عام 1980 أرسل مئات الطلاب إلى “قم” لدراسة المذهب الجعفري)، والحصول على اعتراف بالطائفة، يأتي في هذا السياق.. لكن حصيلة نصف قرن من تاريخ سلطتهم، تؤكد أن حافظ الأسد، وابنه لم يكونا في وارد مشروع دولة ولا أمة، وليسوا مؤهلين لذلك.
السراج قال: ليس من الإنصاف تحميل ما فعله آل الأسد على أبناء الطائفة العلوية كلهم، مهما بلغت أعداد مؤيديه بينهم، فالظلم لا يواجه بالظلم، بل من الإنصاف، أن نذكر أن بين العلويين مصلحين كثر، ووطنيين معروفين، رفضوا توصيفهم كأقلية، ونفوا مقولات الاضطهاد والتمييز.
ويرى السراج أنه ليس سراً أن شخصيات علوية مرموقة، وعائلات معروفة، مثل عائلات خير بك وسليمان الأحمد وغيرها، عارضت حافظ الأسد وشجبت سياسته، وتعرضت بسبب ذلك للقمع والمطاردة والاغتيال، ولازال كثير منهم يقبعون في السجون.
إذا لا سياسة علوية بل تسييس للعلوية ولعب مكشوف على أبناء جزء مسحوق من الشعب السوري ظل سنوات طويلة ينتظر فرصة للنهوض أوهمه بها الأسد ابن الطائفة ومستغلها ولم يتوان وريثه عن تكرار الفعل بفداحة أكبر.