إيران على طريق الشهداء
يحضر الأثر الاجتماعي والسياسي والثقافي لشهداء الانتفاضة الشعبية التي تشهدها إيران، ودورهم في تعميق وتوسيع الاحتجاجات المستمرة على مدى الأسابيع الماضية، مع نهاية الأسبوع العاشر للفعاليات.
نفخ الشهداء على مدى الأسابيع الماضية في روح الوحدة الوطنية، كرسوا قيم التضامن في جميع أنحاء البلاد، وسلطوا الضوء على الروابط التاريخية بين مكونات المجتمع الإيراني، المتنوع الثقافات.
كل شهيد يسقط على الأرض في زاهدان، خاش، سراوان، مهاباد، سنندج، باوه، وكامياران صدى لصرخة “من زاهدان إلى طهران” أو “من كردستان إلى طهران” أضحي بحياتي لإيران، الذي تردد في البلاد ليخلق واقعاً جديداً في مواجهة سياسة التفتيت التي يتبعها الملالي.
تعطي الدماء النازفة من جثث الشهداء على الأرض الإيرانية معنى للوطن، وإيران، لتحبط مؤامرة النظام الذي يحاول تبرير جرائمه وقتله للمواطنين البلوش والأكراد والعرب بإلصاق رغبة الانفصال بهم.
يرفع المنتفضون شعار “الأكراد والبلوش والأذريون، يطالبون بالحرية والمساواة” لتقديم معنى مختلف عن مفاهيم المواطنة الصورية القائمة على الاضطهاد والتمييز والاستغلال في ظل نظامي الشاه والملالي، وإبطال شعوذة وديماغوجية الإصلاحيين المزيفين ودعاة التسوية والاستسلام الذين يحاولون حرف انتفاضة الحرية وإسقاط النظام، من خلال تقليص وتحجيم الرغبات الحقيقية للشعب، وخفض سقف المطالب، توطئة للدخول في مساومات مع حكم الولي الفقيه.
يجددون عهدهم في وداع شهداء الانتفاضة بهتاف “لم نقدم قتلى للمساومة ومدح الزعيم القاتل” لايصال رسالة واضحة برفض خفض الاسقف التي رفعها الشهداء بالدماء التي جاءت امتدادا لدماء الذين سبقوهم على مدى العقود الماضية.
قدمت الإيرانيات خلال الاسابيع الفائتة بديلاً حضارياً لثقافة وتقاليد العصور الوسطى التي حاول نظام الملالي تكريسها في العقود الماضية، ووضعن بنزولهن إلى الشارع صيغ مختلفة للمساواة بين الرجال والنساء في إيران الحرية والديمقراطية، تليق بالأهداف التي استشهد الشباب لتحقيقها، ويربط غليان دماء الشهداء الذين يتساقطون في المواجهات مع أجهزة الملالي جيل الشباب بخلفية الانتفاضة، ممثلة بالدماء التي روت الأرض في انتفاضة 20 حزيران 1981 وملحمة 27 سبتمبر 1981 و30 ألف سجين أعدمهم النظام في مجزرة عام 1988.
تدفن مراسيم تأبين الشهداء، التقاضي لهم، تجديد العهد، معهم، والتأكيد على رسالتهم دعوات التسوية، لتُبقي على دوران عجلات الانتفاضة وتوسيعها وتجذيرها، وتعمق المتغيرات، استناداً إلى تراكمات إرث الأوائل، الذين أناروا طريق الحرية للشعب الإيراني، ووضعوا أساسات انتصار الثورة الديمقراطية.