هيئة المفاوضات السورية.. وحدتها وتغيير تكتيكها التفاوضي ضرورة
في حوار مع الدكتور برهان غليون الرئيس الأول للمجلس الوطني السوري، أجراه معه موقع “عربي 21” قال: أستبعد أن يكون للدعوات التي يطلقها بعضهم من أجل المصالحة أو التقارب مع نظام الأسد أي نتيجة أو أمل بالتحقق، مشككاً في إمكانية التوصل مع النظام إلى أي حل، شاملاً كان أم جزئياً.
وكان سبق حديث الدكتور غليون اجتماعٌ في جنيف يومي 30/31 آب المنصرم لمجموعة أصدقاء سوريا، وقد حضر الاجتماع إحدى عشرة دولة وثلاث منظمات دولية.
الاجتماع كان مخصصاً لدراسة وضع القضية السورية على أصعدتها كافة، التفاوضية والسياسية والإنسانية، وهذا الاجتماع يمكن اعتباره خطوة جيدة بعد أن فقدت القضية السورية اهتمام المجتمع الدولي بها لأسباب مختلفة وعديدة.
لكن قبل الخوض ببنية هيئة المفاوضات ومكوناتها، والعطب الذي أصيبت به منذ انتخاب ثمانية أعضاء مستقلين جُدد بدلاً من القدامى، الأمر الذي أبقى هيئة التفاوض بحالة شلل حتى اللحظة، ينبغي الإشارة إلى حالة الشلل المعنية التي عطلّت حركة هيئة مفوضة دولياً بالسعي بوضع خطة عمل متكاملة لدفع المجتمع الدولي على الضغط على النظام الأسدي وحلفائه من أجل التقدم بتنفيذ سلال القرار 2254 أو على الأقل إنجاز سلتها الدستورية.
إن وحدة هيئة المفاوضات ودون وضع شروط من أي مكون من مكوناتها، واعتماد قاعدة اتخاذ التوافق على اتخاذ أي قرار يمس جوهر وظيفة ودور ومهام هيئة المفاوضات.
هذه الوحدة إن تتم في الأيام القادمة سنقول بملء الفم من أن من يعرقل وحدتها هو صاحب مصالح شخصية ضيقة على حساب الشعب السوري المكافح وثورته العظيمة.
وحدة هيئة المفاوضات ضرورة حاسمة وعلى السوريين بأطرهم المختلفة تعرية وفضح من يعرقل عمل هيئة مفاوضات تمثل كل السوريين، فالأمر يتعلق بوطن مستباح، عرضة لتقاسم النفوذ فيه، وعرضة لتمزيقه إلى كانتونات لن يستفيد منها سوى من خطط من سنين طويلة الوصول إليها.
لقد قامت هيئة المفاوضة بصورتها القائمة حالياً بنشاط فعال على المستوى الدولي، حيث ألقى رئيسها الحالي الدكتور بدر جاموس كلمة في الأمم المتحدة، أظهر فيها حقيقة ما يجري للشعب السوري من النظام الأسدي وحلفه الإيراني/الروسي.
وحدة هيئة المفاوضات يجب أن تترافق باستبعاد أعضاء غير فاعلين على مستوى شرح القضية السورية وحشد الرأي الدولي حولها، وهذا لا يمكن القبول ببقائه على أساس أنه محاصصة مكونات.
لقد بذلت هيئة المفاوضات بصيغتها الحالية التي حظيت باعتراف دولي توضّح في اجتماع جنيف الماضي مع إحدى عشرة دولة وثلاث منظمات دولية.
إن إعادة الحياة والفعالية لهيئة المفاوضات يحتاج أولاً إلى وحدتها أمام الشعب السوري وأمام العالم، ويحتاج تغييراً عميقاً وصارماً في إعادة إنتاج مرتكزات وجودها الشرعي دولياً وشعبياً وهي تقدر عليه.
تغيير التكتيك لدى هيئة المفاوضات يتطلب وضع برامج عمل لفتح سلال التفاوض الأربع وعدم الاكتفاء بالسلة الدستورية فحسب، وهذا لن يتم بالمناشدة، أو بتقديم تنازلات هنا أو هناك، فالشعب السوري وثورته قادران على إنتاج طرائق متعددة تنتهي بترحيل نظام القتل والإبادة، إذا ما وحّد أطره القيادية ووضع برنامجيه المرحلي والاستراتيجي، فبدون ذلك لا تملك هيئة المفاوضة من غطاء سياسي سوى الدعم الدولي المحدود العاجز حتى اللحظة عن تحقيق نقطة اختراق واحدة في جدر النظام الصماء.
إن هيئة المفاوضات الحالية بقيادة الدكتور بدر جاموس يجب أن تجد الوسيلة التي يمكنها من خلالها تصحيح علاقتها بالمملكة العربية السعودية، وهذه مهمة ينبغي على السيد جاموس وضعها ومثيلاتها أولوية ارتكاز لوحدة وفعالية هيئة المفاوضات.
السعوديون طوال تاريخهم يتصفون بالمواقف العاقلة التي تخدم الأمة، وهم معنيون اليوم باستقبال هيئة المفاوضات السورية ودعمها، وهذا يتلاقى مع استراتيجية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يريد على ما نقرؤه في نهجه السياسي من بناء تنمية شاملة تقودها السعودية ومصر، وهذا يجعل منهما قاطرة التغيير في أوضاع المنطقة.
السعوديون والمصريون ومن مقدمات مختلفة هما من أحبط محاولة حكومة عبد المجيد تبون إعادة النظام الأسدي إلى الجامعة العربية، لأنه لم يمتثل ولن يمتثل لقراراتها بشأن الوضع السوري.
إن نشاط هيئة المفاوضات يجب أن يكون على مستويات عدة منها ديبلوماسي وسياسي وشعبي سوري، فبدون ذلك سنبقى نقفز ضمن مربعنا الأول المستمر.
تغيير التكتيك لدى هيئة المفاوضات يجب أن يجد دعماً ملموساً فاعلاً من قوى الثورة السورية وأطرها، مثل حشد الرأي والقيام بمظاهرات سلمية، وأعتقد أن هذه التوجهات موجودة لدى هيئة التنسيق الوطنية ولدى هيئة المفاوضات الحالية.
والسؤال الذي ننتظر الإجابة عليه من طرفي هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي ومن هيئة المفاوضات السورية بوضعها الحالي: متى ستتحدان وتشكلان فرق عمل فعالة فالوضع السوري من سيء إلى أسوأ.