fbpx

الائتلاف ومؤتمره السنوي العام.. ما ينتظره السوريون هو الإصلاح الحقيقي

0 365

كي لا يبدو الأمر وكأنه مجرد تراشق تصريحات بين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من جهة، وبين من يهاجمونه في كل إجراء أو موقف أو قرار من جهة أخرى، وحتى لا يحسّ السوريون بأنهم خذلوا، فإن الاجتماع السنوي للهيئة العامة للائتلاف الوطني، التي يبلغ عدد أعضائها سبعة وسبعين عضواً، ينتمون لمكونات سياسية وعسكرية ثورية مختلفة، مطالب أن يرسّخ قيم الإصلاح الشامل، وفي مقدمتها ممارسة العملية الديمقراطية، وتطبيق النظام الأساسي الجديد، من خلال إجراء انتخابات شفافة، لاختيار قيادة هذه المؤسسة، التي تمثّل السوريين أمام المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة.

إن قيام الهيئة العامة للائتلاف بانتخاب رئاسة جديدة (رئيس ونواب رئيس وأمين عام المجلس)، يعني فعلياً أن يعكس اختيارها للقيادة الجديدة جدية السير ببرنامج الإصلاح الشامل الذي طرحته مجموعة التغيير في الائتلاف الوطني، التي يقودها السيد سالم المسلط.

برنامج الإصلاح الشامل لا يخصّ الائتلاف فحسب، بل أنه يمسّ عميقاً العلاقة بين قيادة الثورة والمعارضة وبين حاضنتيها الشعبية والثورية، ولهذا لا يمكن القول إن ثمة إصلاح حقيقي بدون أن يمسّ هذا الإصلاح جوهر أهدافه المتمثلة بالعلاقة المذكورة.

إن أحداً لا يحتاج إلى كثير من الفهم ليعرف أن القضية السورية دخلت منذ أول يوم تفاوض، درباً مسدوداً، هذا الدرب ما كان لينسدّ لو أن الائتلاف استطاع بناء العلاقة العميقة والفاعلة مع قاعدتيه الشعبية والثورية.

الشعارات لا تكفي لتغيير ملمح الإحباط الشديد لدى السوريين، والإصلاح الحقيقي ليس مجرد استبدال وجوه قديمة بأخرى جديدة، ولذلك ستكون الهيئة العامة للائتلاف مسؤولة عن محاسبة قيادتها حيال موضوع تنفيذ البرنامج الإصلاحي المنشود.

إن البطء الذي يعاني منه تنفيذ برنامج الإصلاح، لا يمكن تحميله كليّاً لبنية قيادة الائتلاف، وهذا يعني، أن أنساق الائتلاف لم تعمل بعد بتضافر فعّال على دفع عربة برنامج الإصلاح الشامل، والسبب هو غياب استراتيجية عمل تنفيذي، يقود إلى تحقيق أهداف هذا الإصلاح.

وفق هذه الثغرات الموجودة مادياً، يجد مهاجمو الائتلاف ممن يطلقون على أنفسهم زوراً تسمية (تيار الإصلاح) مساحتهم الكافية لمهاجمة الخطوات الإصلاحية والتشكيك بها، ومحاولة تصويرها بالعجز، من أجل إسقاط البرنامج الإصلاحي، الذي ينبغي عليه إعادة عربة الائتلاف الوطني إلى سكتها الحقيقية (الشعبية والثورية).

إن عدم ممارسة الهيئة العامة للائتلاف لدورها في تفعيل النظام الأساسي، وتحديداً بما يخصّ الاستحقاق الانتخابي، فإنها بصورة ما ستساهم في إبطاء تنفيذ برنامج الإصلاح الشامل.

إن القول بتوافقات تنظيمية داخلية في الائتلاف لا نعتقد أنها تخدم تعميق خطوات الإصلاح بل ربما أبقتها في حيّز الشكلية، وهذا لن يخدم قضية الشعب السوري وثورته، وتعديل ميزان القوى الداخلي أولاً بما يفرض على أعداء الثورة وحلفها تنفيذ القرار الدولي 2254.

السوريون إذاً، وعبر أسئلتهم التي تصلنا، يسألون عن حقيقة تنفيذ برنامج الإصلاح، فهذا البرنامج يجب العمل على تقوية شروط تنفيذه في حاضنتيه الشعبية والثورية، كذلك تحسين شروط عمل الائتلاف في الساحتين الإقليمية والدولية.

المطلوب شعبياً وثورياً من الهيئة العامة للائتلاف متابعة برنامج الإصلاح عملياً، وليس إعلامياً فحسب، ولذلك، ننتظر أن تتم عملية اختيار قيادة الائتلاف في المؤتمر العام السنوي للهيئة العامة للائتلاف عبر تطبيق النظام الأساسي وعبر انتخابات شفافة وديمقراطية.

إن إصلاحاً سياسياً وتنظيمياً في مؤسسة الائتلاف لا قيمة له بدون تنفيذ برنامجه عملياً، وهذا يقطع على المتآمرين على عملية الإصلاح فرصة لعبهم من خلال ثغرات لا تتم معالجتها، لذلك، ننتظر من المؤتمر ممارسة دوره بأمانة من أجل الانتقال بالنضال السياسي والتفاوضي والديبلوماسي من صيغته السابقة الضعيفة إلى صيغة عملية فاعلة.

وننتظر من المؤتمر انتخاب قيادة سياسية منسجمة مع برنامج الإصلاح، وليس قيادة سدّ أعذار، قيادة هي من عمل على وضع برنامج الإصلاح الشامل، الذي ينبغي أن ينعكس واقعياً على صورة إنجازات سياسية واضحة، تخدم الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى نظام دولة المؤسسات والمواطنة المتساوية.

إن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأعضاء السبعة والسبعين في ممارسة الديمقراطية وترسيخها، وأي تخلٍ عن هذا الدور ينبغي نقده علنياً وبصورة شعبية وثورية.

فهل ستمرّر الهيئة العامة للائتلاف انتخابها الديمقراطي لشخصيات تعمل بانسجام فكري وسياسي وطني وديمقراطي عميق؟ أم إن السوريين سينتظرون مزيداً من الوجع والإحباط وفقدان الثقة بقياداتهم؟ أسئلة ننتظر الإجابة عليها من الائتلاف الوطني بشقيه القيادي وهيئته العامة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني