fbpx

خطة إصلاح الائتلاف.. أعداؤها متضررون منها وضجيجهم جعجعةٌ بلا طحن

0 192

التغيير والإصلاح سمتان من سمات التطور الطبيعي، وهذان الأمران ضروريان لاستمرار البنية المحددة، سواءً كانت بنية سياسية أو اجتماعية أو ثقافية وفكرية.. إلخ.

وحين نقول، إن التغيير والإصلاح ضروريان، فنحن أمام بنية ما، تحتاج بمرور الزمن إلى تغيير في تكوينها ومسارها استجابة لمتغيرات الواقع، الذي تؤثر فيه عوامل لا تملك البنية المحددة قدرة الحفاظ على ذاتها نقية صافية، كما لو أنها تحيا في مطلق.

هذه الحالة، يمكن مناقشتها بموضوعية وحيادية علمية مع حالة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، فهذه المؤسسة، كانت تخسر رصيدها بالتدريج في حاضنتيها الثورية والشعبية، والسبب في ذلك، هو محافظتها على ذات بنيتها، رغم تغيرات عميقة وواسعة حدثت في بنية الواقع وحركته، ونقصد بحفاظها على بنيتها ثابتة، أنها تستخدم ذات الخطاب وذات الأدوات، في مواجهة واقع متغيّر، نتيجة تأثره بتغير مصالح الفاعلين فيه.

ولنكن واضحين تماماً، لماذا كان الناس من قبل ينفضّون عن سياسات الائتلاف ويشكّكون بها؟، هل الأمر يتعلق بحركة الواقع فحسب، التي لا يستطيع الائتلاف امتلاك وجهة أفقها؟ أم أن الأمر له بعدان؟ أحدهما يتعلق بحركة الواقع الخارجية، وثانيهما يتعلق بأداء بنية الائتلاف الوطني.

لا يجب نكران أن مؤسسة الائتلاف فيما مضى، قبل حركة الإصلاح فيها، كانت تضع بيضها كله في سلة المجتمع الدولي، من أجل الحل السياسي في سوريا، الذي ارتأت الأمم المتحدة عبر مجلس أمنها، أن يتمّ عبر تنفيذ القرار 2254، دون أن تضع ضوابط زمنية وعقابية على من لا يلتزم بتنفيذه.

هذه الحالة، مع عطالة عمل مؤسسة الائتلاف، التي سببها تفوق المصالح الفردية والذاتية على المصلحة الوطنية لقوى الثورة، جعل من أداء مؤسسة الائتلاف أداءً غير منتج، لا بل كان يتمّ القياس عليه بمقولات يصنعها متوهمون وجهلة بطبيعة الصراع على سوريا وفيها، هذه المقولات غير صالحة للحياة، لأن من يتبناها ويعمل عليها كان لا يحاول استنباط إمكانية صلاحيتها في الواقع، وبناء عليه، انبرت مجموعاتٌ وانبرى أفرادٌ بشنّ هجمات لا قيمة لها في حركة الواقع وتغييره، حيث تنحصر هذه القيمة في إثارة زوابع من التشكيك الصغير التافه، الذي لا يخدم اختصار الزمن نحو الانتقال السياسي في البلاد وفق القرار الدولي المذكور.

اختصار الزمن يولد من قدرة خطة الإصلاح الشامل على تحقيق تطوير بنيته، وتلاحم هذه البنية مع الحاضنتين الشعبية والثورية، وهو ما تعمل عليه قيادة خط الإصلاح الشامل في الائتلاف، التي تتعرض لعمليات اصطياد في مياه عكرة، تقوم بها مجموعة فشلت من قبل في تحقيق أي إصلاح أو اختراق، يخدم القضية السورية للخلاص من الاستبداد.

فهل لا تزال خطة الإصلاح جارية وفق برنامجها؟ أم أنها تتعثر قليلاً ثم تعاود الانطلاق من جديد بقوة أكبر؟ هذه العملية لا تزال مستمرة، رغم ضرورة تعميق الديمقراطية في انتخاب قيادات الائتلاف.

ومن هذا المنطلق يمكننا القول: لا أحد يدافع أو يهاجم أو ينتقد أداء مؤسسة تمثّل الرأي العام الوطني، دون أن يكون قادراً على تقديم بديل عن أدائها، فما نراه من تصيّد وتحريف للكلام، وتضليل في بناء الواقعات، تتعرض له مؤسسة الائتلاف وقيادتها، إنما يصبّ في اتجاه خلق التعطيل ومحاولة الإرباك والتشويش، دون القدرة على تقديم رؤىً، لا تدخل في حيّز المصالح الذاتية، كما تفعل ذلك مجموعة تمّت إقالتها من الائتلاف، وأطلقت على نفسها اسماً ملتبساً (تيار الإصلاح) لاستمرار خدعها للسوريين على أنها “جوهر الإصلاح”، في وقت بقيت تشغل فيه مناصب متقدمة في مؤسستي المجلس الوطني والائتلاف تجاوز عشر سنوات، دون نتائج في أي اتجاه، باستثناء تعطيلها لدور الائتلاف، للمحافظة على امتيازاتها الشخصية والفئوية.

النقد أو الدفاع حق مشروع، ينبغي بناؤه على القدرات والتأثير الذي تمتلكه المؤسسة المعنية، التي تقود عمل الشأن العام، وفي الوقت ذاته، تكون هذه المؤسسة قادرة على تمثيله أمام العالم. أما أن تجهل الجهة الناقدة طبيعة المرحلة، وقدرات هذه البنية الوطنية الهامة، فهذا يمكن تحديده على أنه مجرد عمليات تشويش وإعاقة، ويمكن أن نطلق عليه قولاً دارجاً هو “أسمع جعجعة ولا أرى طحناً”.

منتقدو خطة إصلاح الائتلاف ينقسمون إلى الأقسام التالية: الأول يدافع عن خطة الإصلاح ويطالب بتوفير زمنٍ لتنفيذها، وعدم الحكم على خطواته المرحلية، وانتظار نتائج عملية الإصلاح، وهذا برأينا موقف لا يخدم الإصلاح في مؤسسة الائتلاف، لأنه يراكم جزئياً أخطاءً يمكن معالجتها وقت حدوثها دون انتظار، كذلك نقد الخطوات المتتالية يصحح المسار في كل خطوة من خطواته.

القسم الثاني: هو القسم الذي يعارض الإصلاح ويلبس ثوبه، رغم معرفة السوريين بأن رداء هؤلاء الإصلاحي رداء فضفاض عليهم، فهم منتجو التعطيل والاستئثار بالميزات المفيدة شخصياً، ولهذا يبنون على كل خطوة إجرائية أو قرار يصدر عن الائتلاف قصصاً مزورة أو مضللة توقعاً منهم أنهم يربكون ويضغطون على الائتلاف وقيادته على إعادتهم إلى مربع امتيازاتهم.

أما القسم الثالث والأهم في مسيرة الائتلاف الإصلاحية، فهم من يطالبون بتعميق الإصلاح خدمة للثورة السورية، ولإنجاز الانتقال السياسي على قاعدة حشد الرأي العام الشعبي والثوري السوري خلف عمل هذه القيادة، وهم من يطالبون بتوفير النقد البنّاء للخطوات الإصلاحية لتصحيح مسارها، أو لتغييرها بخطوات أكثر إنتاجاً للتغيير المفيد.

إن تطبيق النظام الأساسي الجديد الذي تمً إقراره في الأشهر المنقضية، والذي حدّد شكل اختيار الهيئة العامة في الائتلاف لقيادتها (رئيس الائتلاف ونوابه الثلاثة والأمين العام للمجلس) عبر انتخابات شفافة، إنما هو تعميق للخط الإصلاحي، وابتعاد عن أسلوب المداراة لبعض الشخصيات، وهذه العملية، يجب أن تتم وفق النظام الأساسي الجديد، دون الأخذ بنتائج النظام الأساسي قبل تعديله.

السوريون في مرحلة الانعطاف الدولي والإقليمي بعد الحرب الروسية على أوكرانيا بحاجة إلى تعميق إصلاح بنية الائتلاف، ولا يحق لأي كان تأجيل تعميق وإتمام الإصلاح الشامل، لأنه سيقدم دون قصد خدمة لأعداء التغيير وأعداء الثورة السورية.

إن ثقافة التشكيك بالإصلاح الشامل الجارية الآن دون تقديم بدائل فاعلة وقادرة على العيش، إنما هي ثقافة المنهزمين الذين لا يعترفون بهزيمة طوباويتهم التي يعيشون في أبراجها. فالثورة فعل تغيير يحتاج إلى زمنه، وليس إلى حرق المراحل، أو تدمير أسس العمل الفاعلة في هذا التغيير.    

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني