fbpx

استحقاق انتخابات الائتلاف الوطني.. عجلة الإصلاح وما تقتضيه

0 180

بدأ ائتلاف قوى الثورة والمعارضة بدءاً من نيسان/أبريل الماضي عملية إصلاح شاملة في بنيته، هذه العملية، لا تقتضي تغيير الأشخاص فحسب، بل تتعلق بقدرة المكونات هذه المؤسسة على إعادة إنتاج بنيتها وآليات عملها، لتكون قادرةً على لعب دورها كمؤسسة تمثّل قوى الثورة والمعارضة، وقيادة سياسية تستطيع قراءة المتغيرات السياسية الإقليمية والدولية وأثر ذلك على القضية السورية.

الإصلاح الشامل ليس مجرد شعار سياسي أو تنظيمي يمكن التلطي خلفه، بل هو فعالية على كل مستويات عمل هذه المؤسسة في الداخل السوري وعلى المستويين الإقليمي والدولي، هذه الفعالية يجب أن تتبلور بنشاط سياسي واجتماعي وقانوني واضح، كما يجب أن تكون هذه الفعالية ذات نتائج ملموسة، على صعد حشد التأييد والتأثير بمسار القضية السورية المرتكزة أساساً على جوهر الثورة السورية، التي نادت ولا زالت تعمل من أجل انتقال سياسي عميق من دولة الاستبداد إلى دولة المؤسسات الديمقراطية.

وإذا أردنا استكشاف حدود عملية الإصلاح الشامل حتى اللحظة، وبصورة موضوعية، يمكننا القول، إن هذه العملية تجري إنما ببطء، فلا يزال هناك معوقات بنيوية في مؤسسة الائتلاف، تقف خلفها آليات تمثيل البنى المكونة لهذه المؤسسة، إذ يجب أن تكون هذه البنى ذات فعالية حقيقية على أرض الواقع، وتستطيع التأثير في محيطها الاجتماعي والسياسي، ما يعزّز من فعالية الائتلاف وقدرته على تمثيل حاضنتيه الشعبية والثورية.

لقد عمل الفريق الإصلاحي في الائتلاف على تعميق هذه الرؤية، ولكنه لم يستطع بعد تحويل هذه الرؤية إلى قوة دفع تاريخي، لأن هذه الرؤية لا يمكن تحقيقها دفعة واحدة، بل عبر برنامج عمل إصلاحي على مراحل زمنية، ولعل الاستمرار بهذا الإصلاح يحتاج إلى زمنٍ يمكن بلورته من خلال منح الفريق الإصلاحي الوقت اللازم لمتابعة هذه العملية.

لذلك تبدو عملية الاستحقاق الانتخابي بما يخصّ انتخاب قيادة جديدة، أو التمديد للقيادة الحالية ضرورية بنسبة ما لإنجاز مشروع الإصلاح البنيوي للائتلاف، وهذا يتطلب أن يكون الفريق الإصلاحي منسجماً مع نفسه ورؤيته لهذه العملية، إضافة إلى تحديده مواضع الإعاقة البنيوية، ليتمّ تجاوزها وترميم مواقعها بمكونات أكثر فعالية.

ومع ذلك، وكي لا نقع في فخّ التصفيق والمبالغة، بما جرى ويجري على مستوى أداء مؤسسة الائتلاف، يمكننا القول ببساطة وملموسية واضحة، أن نشاط الائتلاف تغيّرت أدواته وأساليبه عما كان يجري قبل عملية الإصلاح، فالائتلاف صار متابعاً نشطاً لكل ما يتعلق بمهامه كممثل سياسي معترف به دولياً، إذ نجده يقوم بالتصدي لكثير مما يواجه القضية السورية، فهو من جهة ينشط في هيئة الأمم المتحدة شارحاً المعوقات التي تواجه القضية السورية، والجهات التي تقف خلف هذه المعوقات، سواء النظام الأسدي أو القوى الإقليمية والدولية الداعمة لعدوانه على الشعب السوري.

كذلك يمكن القول إن مستوى انفتاح الائتلاف على حاضنتيه الشعبية والثورية في الداخل السوري وفي مناطق اللجوء المختلفة ازدادت فعاليته، حيث بدأت قيادة الائتلاف تتابع باهتمام شديد كل قضايا الحياة اليومية للسوريين في الداخل المحرر، إضافة إلى دفاعها عن السوريين في بلدان اللجوء، بما يتفق مع القوانين الدولية ومفاعيلها، وقد ظهر ذلك بالتواصل مع القيادة التركية، ومتابعة شؤون السوريين اللاجئين في لبنان.

لقد عملت قيادة الائتلاف الحاملة لمشروع الإصلاح الشامل على اللقاء المباشر مع القوى السياسية السورية، حيث تمّت مناقشة الكيفيات، التي يمكن توفيرها بصورة ملموسة، لتوسيع دائرة فعل الائتلاف في مسارات القضية السورية، تفاوضياً، وعلى مستوى العلاقات الإقليمية العربية، التي يجب أن تصبّ في مصلحة الانتقال السياسي خارج الاستبداد ونظامه الفظيع.

لقد تصدّت قيادة إصلاح الائتلاف لمحاولات قوى الثورة المضادة العربية، الهادفة لمحاولات تعويم النظام عربياً، ففضحت هذه المحاولات وعملت على حشد الرأي العام الشعبي والعربي والدولي ضد هذه المحاولات المضرّة بالشعب السوري ومستقبل ثورته.

ومع ذلك هناك خطوات يجب أن تتمّ على مستوى وحدة قوى الثورة والمعارضة، وتحديداً ما يتعلق منها بالعلاقة بين الائتلاف وهيئة التنسيق الوطنية ومنصتي القاهرة وموسكو، على قاعدة عدم التفريط بجوهر القرار الدولي 2254 كرزمة واحدة، وهذا يمكن التوصل إليه بعد حدوث تغيير عميق في المواقف الإقليمية، بعد شنّ الروس لحربهم على الشعب الأوكراني، وتداعيات هذه الحرب على المنطقة برمتها.

إن فعالية الإصلاح في بنية الائتلاف لا تتعلق فقط بالنسق السياسي، الذي قطع أشواطاً مقبولة، بل يتعلق بفعالية هذه البنية في الدفاع المستمر والدؤوب عن حقوق السوريين أنى كانوا، سواء ما يتعلق بحياتهم اليومية، أو تهيئة الداخل المحرر للاستحقاقات السياسية والتطويرية، وبناء النموذج الجاذب والمستقطب على ركائز الاستقرار الاقتصادي والسياسي وقبلهما الأمني والاجتماعي.

وفق ما تقدّم، ينتظر السوريون من مكونات الائتلاف في هيئته العامة، التجديد للقيادة العاملة في مشروع الإصلاح الشامل، وتعزيز قوتها من خلال عزل المعوقات عن طريقها، ونقصد بالمعوقات، استبعاد الأشخاص والمكونات السياسية المعرقلة لمشروع الإصلاح، ورفد بنية الائتلاف بقوة شبابية فاعلة علمياً وثورياً، تحظى باحترام الفئات الشعبية التي تمثلها هذه القوة الشبابية.

إن هذه الخطوات ستساعد أكثر فأكثر في تحويل الرأي العام الدولي لمصلحة التغيير والانتقال السياسي في سوريا الجديدة، ما يختصر زمن المعاناة التي يحياها السوريون في بلدان لجوئهم وفي أماكن نزوحهم الداخلية، فهل سيمضي قطار الإصلاح الائتلافي في سكته، أم أن حجم المتآمرين لا يزال يشكّل خطراً على هذا المسار؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني