fbpx

عمر الشغري، وأبو الأسْوَد الدُؤلي.. عندما تضع نقاطك على حروفك

0 165

برسائل جماعية من أربعة عشر شخصاً سوريّ، يمثلون المحافظات السورية الأربع عشرة، إلى الأعضاء الأربعة عشر الذين يمثلون عدد أعضاء مجلس الأمن الدولي، قرأها عمر الشغري واستمع أعضاء مجلس الأمن جيداً إلى رسائل السوريين، واستمعوا بإصغاء لها كما لو أنهم لم يصغوا ولم يستمعوا ويقرؤوا لرسائل من قبل، رسائلٌ وضعتْ النقاط على حروفها كما لو أن أحداً غير الشغري لم يضع نقاطاً على حروفها من قبل، باستثناء أبو الأسود الدؤلي الذي وضعها لأول مرة.

كثيرون بجعبتهم الكثير من النقاط، وكثيرون يقعون في حيرةٍ على أي من الحروف سيضعون نقاطهم، لتكوّن جملاً مفيدة تؤدي وظيفتها، ولكن قلة من هؤلاء يعرفون على أي من حروف أبجديتهم الكثيرة سيضعون عليها نقاطهم؛ ولاشك أن عمر الشغري كان من هؤلاء القلة الذين عرفوا، وأجادوا الوضع، فأبو الأسود الدؤلي كان أول من وضع النقاط على حروف لغتنا العربية بعد أن تاه أغلب الناس والتبست عليهم التاء والباء، والراء، والزين، والعين والغين والصاد، والضاد، والجيم، والحاء، والخاء وخلافها، فكان أن وضع أبو الأسود لكل حرف نقاطًا يستدل بها عليه، بيدَ أن ضعف من يقرأون ويكتبون منهم جعلهم يتيهون مرات ومرات في محراب الخطابة والطريقة الأنجع التي توضع النقطة على حرفها لتقع الكلمة في قلب مَن يسمع عندما تخرج الكلمة مَن قلب مَن يتكلم.

رب درهم سبق ألف دينار

عمر الشغري فِلسُهُ النحاسي كان أثمن وأغلى من دراهمهم الفضية، ودنانيرهم الذهبية على ضيق ذات يده ويد السوريين وظروفهم التي عاشوها وعاشها الشغري، فقد وضع عمر الشغري النقاط على الحروف وقال كلمات ليست كالكلمات وضع نقاطه مباشرة دون خوف أو تردد على الحروف المفيدة وعلى صميم الألم الذي عاشه ويعيشه السوريين في أكبر وأخطر محفل دولي ألا هو مجلس الأمني الدولي. الشغري وضع نقاطه على حروف الكلمة فخاطب مجلس الأمن “أن لديكم القدرة على تحويل كابوسنا إلى حلم نرجوكم أن تفعلوا”.

فقد سخر عمر الشغري من مجلس الأمن، بحروفه التي عرف أين يضع نقاطه عليها فقال ساخراً من مجلس الأمن: “غريب أن تكونوا بكل هذه القوة، وأنتم تبدون كل هذا الضعف أمام عدونا”.

الشغري وضع نقاطه على حروفه وبدت جملته واضحة لا لبس فيها أن سوريا لم يمر عليها وقتا أكثر رعبا من الذي تمر فيه الآن فحتى أنصار النظام يطالهم الآن الظلم والتعذيب.

أين ستختبئون؟

وبتهجم على من خذل السوريين وضع عمر الشغري نقاطه على حروفه لتكون جملاً نارية فجاءت على كل من تنكّر من العرب لما جرى للشعب السوري وأشاح بوجهه عن مأساته، وتغريبته التي فاقت كل تغريبات الدنيا. فالإمارات كما رآها السوريون ورآها عُمر أن لا أخلاق لقيادتها فقد ألبست الإماراتيين ثوب العار الذي لا يليق بهم جراء مواقف قياداتهم المخزية تجاه ثورة الشعب السوري، فقد خاطب عمر الشغري حكام الإمارات ساخرا” أين ستختبئون، خلف برج خليفة؟ لاتفعلوا سيلاحقكم عاركم خلف برج خليفتكم، فهو لن يستر عوراتكم وسوءاتكم وسيكون برج خليفة الذي تباهون العالم بطوله ستجدونه قزما مقارنة بعظم وطول عاركم الذي ألصقتموه بالإماراتيين، العار مثله موصول للأردن التي جعلت قيادته النساء السوريات الحوامل في مخيم الركبان لا يجدون مشفى أردنياً واحداً يضعن حملهن، أجنتهن، أجنة الحياة فيه.

أكثر من عدو.. يعني أننا بحاجة لأكثر من صديق

ابن بانياس من القلائل الذين نجوا من مذبحة البيضا في الثاني من أيار عام 2012 التي ارتكبت فيها ميليشيات النظام وبقية الميليشيات الطائفية مجزرتي البيضا التي راح ضحيتهما المئات من النساء والرجال والأطفال، ففى كلمته بجلسة مجلس الأمن الدولي قال: إنها المرة الأولى التي يواجه فيها قاتله في إشارة منه إلى مجلس الأمن الذي دعمَ مَن قتل أباه، وقتل أخاه الكبير، وأخاه الصغير، وقتل أصدقاء طفولته، لم ينس عمر كما جميع السوريين، لم ينسوا غرباء الوجه، واليد، واللسان من الضباط الفرس وغيرهم من الضباط متعددي الجنسيات الذي أرسِلوا لقتل حلمنا في الديمقراطية والحرية، يقول عمر: عرفتْ والدتي لغة الضابط الفارسية الذي دخل منزلنا ليقتل عائلتنا وليقتل كل من رفع صوته الحر ونادى بالحرية، في تلك اللحظة أدرك عمر كما أدرك الشعب السوري أنهم أمام أكثر من عدو، ما يعني أننا بحاجة لكثير من الأصدقاء ليستطيعوا أن يواجهوا هذا الكم الهائل من الأعداء.

لم ينسَ الشغري أن يضع نقاطه على حروفه متهماً الولايات المتحدة صراحة من أنها السبب الرئيس في المأساة السورية، وذلك عندما حصرت نفسها بتصريحات جوفاء، بامتناعها عن اتخاذ الإجراءات اللازمة والحاسمة لإنهاء مأساة السوريين الذي يعيشونها منذ اثنتي عشر عاماً، وذلك باعتبار أنها – أي أمريكا – تصف نفسها أنها الدولة التي تصدرت للدفاع عن الديمقراطية، وعن حقوق الإنسان حول العالم، فعندما لم تحمِ أمريكا حقوق الإنسان في سوريا، أو في أي منطقة أخرى تُنتهكُ فيها حقوق الإنسان وتهدر آدميته وجدتْ نفسها في النهاية أنها في موقف لم تعد قادرة فيه على حماية مواطنيها في عقر دارهم أي في أمريكا، وفي مدارس الأمريكيين في إشارة من الشغري على الجرائم التي تحدث في أمريكا بين الفينة والأخرى في مدارسها، ومن إطلاقات نار في مراكز التسوق فيها.

يقول الشغري: “على أمريكا إن اعتبرت نفسها أنها أقوى وأعظم دولة في العالم فعليها أن تثبت ذلك لنا”.

وبعد أن خاطب العرب – الذين دعموا النظام – والأعضاء الدائمين انتقل الشغري إلى مخاطبة الأعضاء غير الدائمين فيه مثل: آيرلندا، وغانا، والبرازيل والمكسيك، إلخ.. قائلاً لهم: أين أنتم لم نرَ منكم أي فعل؟ ما نحن بحاجته الآن أن تتخذوا موقفاً واضحاً، وصريحاً من الديكتاتوريات، فقد حان الوقت أن تتضامنوا مع الشعب السوري وهو يحاول أن يقتلع حريته وكرامته.

فإن نسيَ لم ينس عمر أن يشكر الدول التي استضافت السوريين في محنتهم وعلى رأسها تركيا ولبنان وكل من فتح أبوابه لاستضافة اللاجئين السوريين، لكنه استدرك أن على الدولتين أن تقفا وتمنعا الطريقة والنظرة العنصرية التي يظهِرها بعض مواطني الدولتين فقد قال: سيذكر الشعب السوري من أكرمه ومن الذي أساء إليه.

فقد وصف عمر الشغري اللاجئين السوريين في شمال غربي سوريا أنهم رهائن ومحتجزين لدى روسيا، وذلك لمنعها المساعدات الإنسانية من أن تصل إليهم، وقد قال مخاطباً مجلس الأمن: إنكم تستطيعون أن تفعلوا الكثير، لكنكم لا تريدون أن تفعلوا، مضيفا أن: النظام لازال يهينكم ليل نهار بكل جريمة يقترفها أمام أعينكم”.

وختم عمر الشغري رسالته بنقاط على حروف عربية هذه المرة باعثاً على الأمل: لكل سوري، لكل ضحية، لكل مهجّر، ولكل ناجٍ، ولكل امرأة، و  لكل يتيم ممن تمنّوا الحرية، إن الحرية التي تمنيتموها ولازلتم تتمنونها قادمة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني