أبعد من الصين، أقرب من كمّامة، أطمع من سياسي
أبعد من الصين، أقرب من كمّامة، أطمع من سياسي
عادت التكهنات والتحليلات لتطفو على السطح مجدداً بعد انتشار خبر إصابة 50 من أعضاء طاقم حاملة الطائرات الفرنسية الشهيرة (شارل ديغول) بعدوى فايروس كورونا، ذلك أن الحاملة معزولة في مياه المحيط الأطلسي منذ منتصف آذار/مارس الماضي دون تواصل أيّ فرد من طاقمها مع اليابسة والمحيط الخارجي.
تساؤلات كثيرة أثيرت مجدداً لمعرفة حقيقة وسرّ هذا الفايروس الذي طال الجميع دون استثناء بمن فيهم الملتزمون بقواعد الحجر الصحي والمعزولون وسط مياه أكبر محيطات الكرة الأرضية، في الوقت الذي لم يُصبْ به كثيرون ممّن خالطوا مصابين وشاركوهم المسكن والمأكل والهواء الذي يتنفسون وكأس الماء الذي يشربون.
شخصياً، أرجّح الفرضيّة القائلة بأن الفايروس تم تطويره وإطلاقه عن سبق إصرار، مع ظنّي بأن عملية الإطلاق جرت في أكثر من مكان، وليس فقط في الصين. بيدَ أن الأخيرة أُريدَ لها أن يُكتشف الفايروس لأول مرة في إحدى مدنها (ووهان).
وبالمقابل، لدي شعور يقارب اليقين بأن “ظاهرة” كورونا الطاغية على البشرية اليوم، عبارة عن خديعة كبيرة يتم تهويلها عبر تركيز الإعلام العالمي عليها بصورة منظمة وعالية التأثير، بإمكانها إجبار أعتى الزعماء والقادة والمفكرين والسياسيين على التسليم والاعتراف بحقيقة ما يُنشر عنها وأكثر، وإلا سيصبحون عرضة للانتقاد والسخط، وسيتحملون مسؤولية ما قد يصيب شعوبهم في حال عدم ركوب موجة الأكثرية المؤمنة بعظمة الظاهرة ومشاركتها طقوس الحجر وارتداء الكمامات وإجراء الفحوص وفرض الحظر.. إلخ.
فمنذ انتشار رقعة العدوى لتشمل غالبية دول الأرض، والخبراء يرددون على مسامعنا أن العدوى ستطال نحو 70% من سكان العالم، وستتفاوت تأثيرات المرض بحسب عمر المصاب ودرجة مناعة جسمه وإن كان يعاني من أمراض مزمنة قبل كورونا أم لا.
وتبيّن فعلاً أن فئة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة شكلوا النسبة العظمى من ضحايا الفايروس، مع تسجيل حالات نادرة لوفاة أشخاص أصحّاء أو صغار في السن.
في الحقيقة، لولا تركيز إعلام الدول على ظاهرة كورونا المستجدة وسيطرتها على المشهد العالمي، لأشرنا في طبيعة الحال إلى أن المسنّين وذوي الأمراض المزمنة وضعيفي المناعة هم الأكثر عرضة للانتكاسات وحالات الوفاة بمجرد إصابتهم سواء بالإنفلونزا الموسمية، أو بنزلة برد، أو حتى بتعرّضهم لنوبات حزن أو فرح أو غضب مفاجئة.
نعم، سنسلّم بأن 70% أو ربما 80% من سكان الأرض سيتعرضون لعدوى كورونا، وهذا مشابه لما يحصل عادة في كل فصل شتاء. إذ إن غالبية أسرنا ومن يحيط بنا ومن يشاركنا السكن وأماكن العمل وحتى الأصدقاء على صفحات التواصل الاجتماعي، يتعرضون مراراً وتكراراً لهجمات الرشح والإنفلونزا (الكريب)، ولا نبالغ إن قلنا بأن (الكريب) يصيب أكثر من 95% من أفراد المجتمع ولا يستثني حتى الملقّحين الموسميين ضده.
وعايشنا أيضاً حوادث عديدة لكبار وصغار في السن تسببت لهم الإنفلونزا الموسمية بخلل في عمل الجهاز التنفسي أو العصبي أو الدموي أو غيرها، ما أدّى لفقدان حياة بعضهم. والشيء ذاته ينطبق اليوم على جائحة كورونا ذات الأعراض والتأثيرات المشابهة نسبياً.
وفي ظلّ عدم توفّر علاج فعال أو دواء يساعد في إبطاء حركة وتطور المرض المستجد، وبالتزامن مع حالات تفشي العدوى بصورة – أظنها – لا تمتّ بصلة لموضوع الحجر الصحي أو الكمامات؛ نعم، فنسبة ارتفاع أو انخفاض حالات العدوى بين البشر لا تخضع لآليات الحجر الطوعي أو الإلزامي داخل المنزل ولا لارتداء الكمامات خارجه. وحديث الخبراء والأطباء حول قدرة انتشار الفايروس على مختلف الأسطحة والأجسام الصلبة وغيرها يؤكّد ظنّي.
وهذا يعني أن الفايروس موجود على أكياس الخبز التي تدخل بيوتنا يومياً، وفوق الخضار والفواكه التي نمسكها، ويقيم بين مكونات مختلف الأطعمة والمعلبات وكل ما هو حاضرٌ على موائد طعامنا اليومي إضافة إلى معظم ما نبتاعه من حاجيات ولوازم للاستعمال المنزلي، بل ويرافق كل ما نرتديه حتى أحذيتنا!
في ظل كل ذلك، ما الداعي إذن لكل هذا الحجر والحظر والكمامات، وتعطيل المؤسسات الاقتصادية والتعليمية للدول؟
على أية حال، ما دامت حواسّنا مستمرة بالتفاعل مع محيطها الملوّث، فالفايروس كما ذكر الخبراء سيستهدف نسبة البشر التي ذكرناها، إلى حين القضاء على المرض، أو التصالح معه في حال تحقق ما يسمّى “مناعة القطيع”.
وأثناء ذلك سيكتب علينا أن نُصنَّف إما ضمن حالات لم تصبها العدوى، أو من بين مصابين كتب لهم الشفاء، أو سنعيش المرض ومعاناته، أو نصبح أرقاماً ضمن إحصائية الموتى.
وهنا يتساءل أكثر من 4 مليارات إنسان: كم ستطول تلك الفترة؟
(Dr. Ezekiel J. Emanuel) طبيب أورام وأستاذ في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا الأمريكية، ومن أهم مهندسي قانون الرعاية الصحية الأمريكي (Obamacare) الشهير.
يجيب الدكتور (Emanuel) على التساؤل فيقول: “هذه عملية تستغرق ما بين 15- 18 شهراً وعلينا أن نجهز البلد لذلك. فنحن بحاجة إلى تغييرات هيكلية”.
إن تحققت هذه الفرضية، فيبدو أننا لن نشهد موت أشخاص فحسب خلال تلك الشهور، بل موت دول وأنظمة ومجتمعات بأكملها.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”