ما الذي يجري في السويداء
معظمنا أو الغالبية منا من الذين يهتمون بالسياسة والفكر والفلسفة والمعرفة بشكل عام يتعصبون لأفكارهم ولآرائهم.
طبعاً من حق أي منا أن يدافع عما يؤمن وبما يعتقد وعن أفكاره بشكل عام لكن نقع في خطيئة التعصب عندما نغلق الباب أمام انتقاد الآخرين لنا ونمنع فكرنا الحر من أن يتقبل أفكار الآخرين وبذلك نحكم على الفكر بالجمود بل الموت. لأن بتناغم الأفكار وتفاعلها وتبادل الرأي مع الرأي الآخر أي الحوار من أوسع أبوابه تلك هي العملية الحاسمة بتطور الفكر والمعرفة. تطور المعرفة وتطور أداتها الأساسية. (العقل) ومن الخطورة التي تقف عائق أمام حرية التفكير. وتقودنا للتعصب. هو أننا بشكل غير مباشر غير إرادي أو بشكل غير مقصود وأحياناً بشكل مباشر ومقصود ندافع عن فهمنا للواقع المتحرك أو فهمنا لأفكار الآخرين وكان ما فهمناه هو الصح وبذلك نبتعد عن الحقيقة ونهتم بالتركيز على فهمنا نحن وندافع عنه. وهذه خاصية يتميز بها المثقف بشكل عام لا بد من العمل على التخلص منها. كي نقتنع بأن يجب أن يكون الحوار متعلق بموضوع البحث وليس بما نراه أو بما نفهمه نحن عما هو متعلق بموضوع البحث. مثلاً لنحاكم الرأي رأي أنا. رأيك أنت. ورأي الآخرين حول ما يجري في الأيام الأخيرة بالسويداء ونحكّم رأينا بالتواصل مع رأي الآخرين وخصوصاً المختلفين معي. أو معك. كم سنجد من التباين في الرأي وتفسير وتحليل وتقييم ما يجري. هذا ليس عيباً بل طبيعياً وضرورياً أن تتعدد الآراء وتتقارب وتتكامل.. لكن كيل الاتهامات. وتخوين الآخرين. أو إقصاء الآخر وإلغاء هذا والعداء لذاك فهذه هي العصي التي توضع أمام العجلة وهي الحواجز المرتفعة أمام توحيد الجهود وتكاتف القوى من أجل أن نكون مؤثرين وفاعلين في التحول المقصود.
هل ما يجري بالسويداء مدنها وبلداتها وقراها يستطيع أن يساهم بالتغيير الديمقراطي والتحول السلمي لبناء دولة القانون. وهل يعبر عن إجماع سكان المنطقة وهل يلاقي إجماع الشعب السوري في العمل من أجل حياة أفضل. ومحاربة الفساد والاستبداد وبنفس الوقت محاربة العصابات المسلحة التي تعبث بأمن المجتمع والمواطن وتأمين الرغيف النظيف المكلل بتاج المحبة والحرية والكرامة الإنسانية والعمل على تجاوز حالة الفلتان الأمني والمطالبة بتطبيق القانون وأخذ مؤسسات الدولة مسؤولياتها في ذلك وأولى مهماتها ومبرر شرعيتها تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي وتأمين حاجات المواطن الأساسية بكرامة واحترام. إذاً أمام حالة الفساد المستشرية بكل تفاصيل الحكومة والمجتمع أمر طبيعي أن تنتشر هذه الحالات في المحافظة وأعتقد هي منتشرة في المحافظات الأخرى. طبيعي أن تنتشر حالة الفوضى والتمرد وانتشار العصابات المسلحة وعصابات الخطف والسرقة والتجارة بالممنوعات وخصوصاً وراءها جهات تغذيها وتدعمها وأعتقد هذه الجهات مستفيدة ولها حصتها وكل ذلك على حساب المواطن. الإنسان السوري أين كان موقعه ولأي جهة سياسية ينتمي ولأي مكون ديني أو طائفي كان. ومن أي قومية كان. وأعتقد هذه الحالة وما يتعلق بها بسبب الحرب السورية/السورية والحرب السورية مع القوى الأجنبية القوى الدولية والإقليمية نوه لها علم الاجتماع القديم والحديث ونبه لها العلّامة ابن خلدون وهنا لا أريد أن أدخل في هذه التفاصيل لأنها ستكون مكررة على أسماعكم بل أطرح عليكم الاسئلة التالية. إلى متى ستستمر هذه الحالة؟ بل متى ستتوحد الجهود من أجل الخلاص مما نحن فيه والخروج من عنق الزجاجة؟ متى نضع الأيادي الخيرة في مكانها المناسب للخلاص من الأزمة؟ مطلوب من الجميع وخصوصاً المتضررين من الحرب ونتائجها الكارثية علينا أن نعمل ونساهم وندفع الثمن لكن ليس ثمن سكوتنا وسلبيتنا اتجاه الواقع بل ندفع ثمن عملنا من أجل التغيير الأول رخيص ومخجل بل مخزي بينما الثمن الثاني غالي ومتعلق بكرامتنا الإنسانية لذلك نفخر به ونعتز. وهنا فقط نستطيع أن نقول نستحق الحياة.