لماذا أوكرانيا في حيثيات تجدد الحلم الإمبراطوري البوتيني؟
في 24 شباط، 2022، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن عملية عسكرية خاصة في حوض دونباس الأوكرانية، متذرعاً بوجود تهديدات آتية من أوكرانيا لا يمكن لبلاده تجاهلها، سرعان ما تحول إلى غزو شامل، ما تزال معاركه مستمرة على كامل التراب الوطني الأوكراني، في محاولة لفهم طبيعة الصراع، المستمر بوتائر متصاعدة منذ تشرين الثاني 2013، وصلت إلى مرحلة الغزو العسكري الشامل، نحاول فهم طبيعة مصالح القوى الرئيسة المتورطة في الصراع والتنافس على أوكرانيا وطبيعة الأهداف التي تبتغي تحقيقها من هذه الحلقة الجديدة من مسلسل الحروب والدمار في قلب أوروبا، التي عجزت انظمتها عن توفير أسباب سلام دائم، رغم ما دفعته من أثمان حربين عالميتين، وباردة، وملايين الضحايا!!
السؤال الرئيسي الذي أحاول الاحاطة بجوابه في هذا المقال هو:
لماذا أوكرانيا هي اليوم في الهدف الحالي لسلطة النظام الروسي، وزعيمها بوتين؟
في تهيئته لمسرح الحرب، ومن أجل تبرير سياسات نظامه لغزو أوكرانيا، لم يكتف السيد بوتين بالاتكاء على التاريخ – هذا الملعب الواسع، المليء بالمكائد والدم والدمار، الذي يستطيع أن يجد فيه أي مغامر ذرائع لمخططاته – كاشفاً ما تضمنه من أخطاء، منادياً بضرورة تصحيحها؛ ليس فقط انتصاراً لحقوق روسيا التاريخية، بل والأهم من ذلك، في إطار تصحيح العلاقات الدولية الراهنة، وإعادة التوازنات الدولية الى طبيعتها التي كانت قائمة قبل سقوط الاتحاد السوفياتي!
بالإضافة إلى الأسباب التي عددها في خطاب اعترافه بـ الجمهوريات الشعبية الروسية في أوكرانيا، يوم الاثنين، 21 شباط، وما ساقه من مبررات للحرب[1]، وعلاوة على ما تشكله أوكرانيا من موقع جيوسياسي استراتيجي في وقوعها على الجناح الجنوبي الغربي لروسيا المطل على أوروبا الديمقراطية، يمكن الإشارة إلى العوامل التالية:
1- على الصعيد الاقتصادي، تُعتبر أوكرانيا الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية بعد روسيا في دول الاتحاد السوفياتي السابق، وقد شكل لفترة طويلة ناتجها القومي ما يعادل أربعة أضعاف جمهوريات الاتحاد السوفياتي، دون روسيا ؛ وهي ايضا من اغنى دول العالم بموارد طبيعية أساسية، كخام الحديد والفحم والمنغنيز والغاز الطبيعي، النفط والملح والكبريت والنيكل والزئبق والأخشاب، علاوة على ذلك، قدمت تربتها الزراعية الخصبة ما يزيد على ربع منتجات الاتحاد السوفياتي من الانتاج الزراعي والحيواني، كالقمح والحبوب واللحوم والألبان.
نقطة بالغة الأهمية في هذا الجانب من الضروري توضيحها، وتتعلق بالغاز الطبيعي الروسي.
الغاز الطبيعي هو السلاح الجيوسياسي الرئيسي لروسيا، ولزعيمها القادم من دهاليز التاريخ البلشفي ذاته، والطامح بتعزيز نفوذه على أوروبا لغزو أسواق الجار الأوروبي، التي تدور تاريخياً في فلك السياسات الإمبريالية الأمريكية.[2]
2- على صعيد المصالح الجيوسياسية! في سياق العلاقة الجدلية بين تصحيح التاريخ، وإعادة علاقات التوازن الدولية إلى طبيعتها التي افتقدتها مع انهيار الاتحاد السوفياتي، تأتي أهم أهداف روسيا التكتيكية والاستراتيجية من حربها المستمرة على أوكرانيا منذ تشرين الثاني 2013، حين فشل حليفها لوكشيانكو في إقناع الأوكرانيين بأهمية الإقرار بخصوصية العلاقات مع الشقيق الأكبر! بعكس ما ذهب إليه بوتين في خطاب الاعتراف بـ الجمهوريات الشعبية لتبرير سلوكه السياسي تجاه أوكرانيا، وتحميل الآخرين المسؤولية[3]، أعتقد أنه من المفيد التذكير بحيثيات تجدد الحلم الإمبراطوري الروسي عند زعيم الكرملين والأمل بإعادة بناء دائرة النفوذ الروسي في شرقي أوروبا، وخاصة في الجمهوريات السوفيتية السابقة، مثل إستونيا ولاتفيا وبيلاروسيا وجورجيا وليتوانيا، وموقع أوكرانيا المركزي في سياق تحقيق أهداف المشروع البوتيني، وسعيه لأقناع الغرب، والروس أيضا، الذين يخطط لحكمهم إلى الأبد، أن روسيا لا تزال قوة عظمى وبالتالي تعزيز الأمل بكسر احتكار الولايات المتحدة لزعامة النظام الرأسمالي العالمي الإمبريالي، وحيد القطبية، وإعادة بلاده إلى موقع الند في العلاقات الدولية، خاصة الأوروبية والأمريكية، وهو مشروع، يستحق عناء وتضحيات الصراع، بجميع أشكاله!
1- حيث تزايد تراكم ثروات الطغمة المسيطرة على روسيا، وزعيمها، الرئيس بوتين، الناتج عن التحكم بموارد ضخمة من الغاز والنفط، وما أنعشته من أمال توسيع دائرة النفوذ الجيوسياسي الروسي على الصعيد الأوربي، التي حطم تفكك الاتحاد السوفياتي 1991 ركائز إمبراطوريتها التي بنتها روسيا السوفياتية في نهاية الحرب العالمية الثانية.
2- وحيث إنه كان قد نصب نفسه قيصراً جديداً، في استفتاء مثير للجدل أواسط 2020، حصل بموجبه على تفويض الشعب الروسي للبقاء في السلطة حتى العام 2036.
3- وحيث إنه كان قد حقق نجاحاً عسكرياً في سوريا، مكنه من تثبيت أقدامه على الضفة الشرقية لمياه المتوسط التي تختزن ثروات ضخمة – بفضل ظرف تقاطع مصالحه في سوريا مع مصالح الولايات المتحدة وغالبية أنظمة الاستبداد الإقليمية الرافضة لمبدأ الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي – سمح بتمدد للجيش الروسي في سوريا، بسهولة وبالقليل من التكلفة، في ظل موازين قوى عسكرية غير متكافئة، وبتحقيق نفوذ إقليمي، في قلب منطقة الشرق الأوسط، التي اقتصرت تاريخياً على أدوات السيطرة الإقليمية للولايات المتحدة؛ وهو ما تجسد في تحكم السيد بوتين الواسع في ملفات الصراع الرئيسية، السياسية والعسكرية، وقدرته على إدارة ملف الصراعات حولها، خاصة بين اللاعبين الإقليميين الكبار، أنظمة تركيا وإيران ودولة الكيان الإسرائيلي، ووصل طموحه إلى معقل السيطرة الأمريكية في شمال وشرق سوريا.
4- وحيث كان قد مارس سياسات ممهدة لتثبيت قواعد نفوذ دائمة، مشجعة لظهور الحركات اليمينية المتطرفة على كامل مساحة أوروبا، مستغلاً حاجة دولها الماسة لإمدادات الطاقة الروسية، ورغبة حكوماتها في خلق حالة استقرار طويلة الأمد، دون أن يواجهه بإجراءات رادعة؛
4- وحيث نجحت القيادة الروسية اليلتسينية في أعقاب سقوط السلطة السوفياتية، وبالتواطؤ مع الولايات المتحدة، بتجريد الأوكرانيين من سلاحهم الرادع في اتفاق بودابست 1994، شكل ما يقارب ثلث الترسانة النووية الصاروخية السوفياتية، التي وضع امتلاكها في أعقاب الاستقلال 1991 أوكرانيا في صف الدول النووية العظمى، روسيا والولايات المتحدة[4].
5- وحيث أنه فاز في ضم شبه جزيرة القرم في 2014، بأبخس الأثمان، ودون أن يُواجه بعقوبات رادعة من قبل شركائه الأوروبيين والأمريكان.
علاوة على تأثير ما رافق تلك الإنجازات البوتينية طوال سنوات العقد الماضي من الترويج لدعايات صعود الصين، وتحولها إلى قطب عالمي، منافس بقوة لأدوات السيطرة العالمية للولايات المتحدة، الاقتصادية والسياسية، وتراجع، وتراخي في سياسات واشنطن، من الواضح أنه بفعل جميع تلك العوامل السابقة قد بدأت تراود الزعيم الروسي أحلام إعادة التوازنات الدولية إلى طبيعتها التي افتقدتها مع انهيار الإمبراطورية السوفياتية في نهاية الحرب الباردة، حين كانت تشغل روسيا السوفياتية قطباً عالمياً رئيسياً، في مواجهة القطب الأمريكي، وباتت أهداف تحويل روسيا إلى لاعب رئيسي على لوحة الكبار في النظام العالمي الحالي، تحتل المركز الأول في قائمة أولويات السياسات الخارجية لزعيم الكرملين، وكان من الطبيعي أن يشكل هاجس إعادة بناء الموقع الجيوسياسي للإمبراطورية السوفياتية موقع الصدارة، وبما يؤدي إلى فرض مصالح روسيا الجيوسياسية على الساحتين الاوروبية والعالمية، وأن تكون أوكرانيا الهدف العسكري المباشر.
يُعزز استنتاجات هذه القراءة أكثر من عامل:
- ما تروجه دعاية روسية وحليفة، لأفكار تشكل نظام عالمي جديد، يكسر نظام القطب الواحد الأمريكي، الذي تبلور في أعقاب نهاية الحرب الباردة، وتأكد في مطلع الألفية الجديدة، بحصول هيمنة عسكرية أمريكية غير مسبوقة على قلب منطقة الشرق الأوسط، عبر غزوها المباشر لأفغانستان والعراق، وصلت إلى درجات غير مسبوقة عبر بناء شبكة سيطرة ونهب تشاركية مع أدوات المشروع الإقليمي الإيراني.
- الاتهام المباشر لحكومة الرئيس الأوكراني الديمقراطية، فليدومير زلنسسنكي بالتواطؤ مع الغرب الإمبريالي، بالترابط مع السعي لتطوير أسلحة نووية، تهدد الأمن القومي الروسي![5].
من الجدير بالذكر الإشارة إلى طبيعة الاتهامات التي ألصقها الرئيس بخصومه الأوكرانيين، في مسعى لخلق مبرر أخلاقي وإنساني للحرب، فليسوا أولئك الخصوم فقط أدوات للغرب، ويعملون على تقديم الخدمات بكل إذلال لمنافسي روسيا الجيوسياسيتين، بل لقد سعوا إلى تشويه الوعي والذاكرة التاريخية للملايين من الناس، ولأجيال بأكملها، تعيش في أوكرانيا، وما كان لسياساتهم عواقب وخيمة! فقد شهد المجتمع الأوكراني صعود نزعات قومية متطرفة، سرعان ما اتخذت شكل النازية الجديدة، والترهيب العدائي للروس، ولم يقتصر إرهابهم على الروس داخل أوكرانيا، فقد سببت مشاركة القوميين الأوكرانيين والنازيين الجدد في العمليات الإرهابية في شمال القوقاز، انتهاكات صارخة ضد روسيا!.
بالطبع، كان من الطبيعي أن يربط مبررات سياساته العدائية ضد النظام الأوكراني بعلاقاته مع الغرب، الذي استخدم كل الوسائل لفصل أوكرانيا عن امتداداها الروسي، التاريخي والجيوسياسي.
القوى الخارجية لعبت دورها أيضاً، فقد ساعدت عبر شبكة واسعة من الأجهزة غير الحكومية على تنمية زبائنها في أوكرانيا وترقية ممثليها إلى السلطة.
تم تشكيل مؤسسات الدولة باستمرار لتلائم المصالح الأنانية للفئات التي تشكلت بسرعة والتي لا علاقة لها بمصالح الشعب الأوكراني.
[1]– باستخدام نهج الجدل الليننيني ذاته في توصيف مسؤولية سياسات لينن القومية، غير المبدئية، عن زراعة الألغام التي انفجرت في وجهة الاتحاد الفيدرالي السوفياتي في مطلع تسعينات القرن الماضي، وتنفجر اليوم في وجه الاتحاد الروسي، واضعة البلاد أمام خيارات وطنية عظمى. إضافة إلى التذرع بممارسات الحكومة الأولغاركية الحالية، وسلطتها، وخيارها الديمقراطي، الذي وصفه ب الخيار الحضاري، المؤيد للغرب الذي يعمل على تقديم الخدمات بكل إذلال لمنافسي روسيا الجيوسياسيين، ولتوفير مليارات الدولارات المسروقة من الأوكرانيين، واخفائها من قبل القلة في حسابات بنوك غربية، وما تخلقه سياساتها تجاه روسيا عاماً بعد عام، وخطوة بعد خطوة، وبشكل وقح وفظ، من تهديدات أساسية في توسع حلف النيتو شرقاً، واقتراب بنيته العسكرية من الحدود الروسية، الحقيقة التي يتجنب قولها الزعيم الروسي، الأسوأ من وجهة نظر سيطرته الديكتاتورية، الستالينية، أن في أوكرانيا نظاماً ديمقراطياً، ويتمتع الشعب الأوكراني، الذي هو جزء من الفضاء الروحي للروس، بحرية التعبير وحرية الإعلام، والصحافة، والقدرة على تغيير حكامه، في نهج ديمقراطي، يمنع احتكار السلطة، وتأبيدها، بينما لا يتمتع الروس بمثل هذه الحريات، ويستطيع أن يقودهم في طوابير استفتاء مثيرة للسخرية، ليغطي طبيعة نظامه المعادي لحقوق الروس، وآمالهم المشروعة بتوفير ظروف حياة كريمة، الذين، كما يدرك بوتين جيداً، إن حذوا حذو جيرانهم الأوكرانيين، فهو خطر على طبيعة السلطة السياسية التي يعمل على تثبيت أركانها!
[2]– اتهام القيادة الاوكرانية بما ارتبط بسرقة الغاز، وقضايا الطاقة يؤشر إلى اهمية هذا العامل في الصراع.
يصل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا، (التي تستهلك حوالي 400 مليار متر مكعب، وتعتمد على أكثر من أربعين بالمئة من احتياجتها على روسيا، أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم (200 مليار متر مكعب)، بالإضافة إلى الخط البحري نوردم ستريم1، عبر تركيا وبولندا وأوكرانيا، التي يمر حوالي 70% من الغاز الروسي عبر أراضيها، وهو يكلف الخزينة الروسية، بين 2-3 مليار دولار، من رسوم العبور، كانت محاولة تقليصها السبب الأساسي في تخفيض روسيا إمدادات الغاز التي تمر عبر أوكرانيا بنسبة 23%، وهو ما رفع سعر الغاز الطبيعي في أوروبا إلى أكثر من 15%، وسمح لبوتين بمراكمة رقم قياسي من العملة الصعبة، وصل إلى حوالي 630 مليار دولار!.
[3]– عندما أكد أن أوكرانيا الحديثة، أُنشأت بالكامل بفضل روسيا البلشفية الشيوعية، وقد فعل ذلك لينين ورفاقه بطريقة فظة للغاية، تجاه روسيا نفسها، من خلال فصل جزء من أراضيها التاريخية الخاصة بها، وتمزيقها، وما يوجب عليه ضرورة تصحيح الخطأ التاريخي وإعادة سيطرة بلاده على أوكرانيا، لأنها، كما تثبت أحداث التاريخ، وأنها بالنسبة له ليست فقط دولة مجاورة، إنها جزء لا يتجزأ من تاريخنا، وثقافتنا وفضائنا الروحي، ويبين طبيعة المشكلة التي يخلقها دور الدول الغربية.
كان من الطبيعي أن يربط مبررات سياساته العدائية ضد النظام الأوكراني بعلاقاته مع الغرب، الذي استخدم كل الوسائل لفصل أوكرانيا عن امتداداها الروسي، التاريخي والجيوسياسي.
القوى الخارجية لعبت دورها أيضاً، فقد ساعدت عبر شبكة واسعة من الأجهزة غير الحكومية على تنمية زبائنها في أوكرانيا وترقية ممثليها إلى السلطة.
تم تشكيل مؤسسات الدولة باستمرار لتلائم المصالح الأنانية للفئات التي تشكلت بسرعة والتي لا علاقة لها بمصالح الشعب الأوكراني.
من الجدير بالذكر الإشارة إلى طبيعة الاتهامات التي ألصقها الرئيس بخصومه الأوكرانيين، في مسعى لخلق مبرر أخلاقي وإنساني للحرب. فليسوا أولئك الخصوم فقط أدوات للغرب، ويعملون على تقديم الخدمات بكل إذلال لمنافسي روسيا الجيوسياسيتين، بل لقد سعوا إلى تشويه الوعي والذاكرة التاريخية للملايين من الناس، ولأجيال بأكملها، تعيش في أوكرانيا، وكان لسياساتهم عواقب وخيمة!! فقد شهد المجتمع الأوكراني صعود نزعات قومية متطرفة، سرعان ما اتخذت شكل النازية الجديدة، والترهيب العدائي للروس، ولم يقتصر إرهابهم على الروس داخل أوكرانيا، فقد سببت مشاركة القوميين الأوكرانيين والنازيين الجدد في العمليات الإرهابية في شمال القوقاز، انتهاكات صارخة ضد روسيا!.
[4]– في العام 1994 وقعت روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا مذكرة بودابست التي تضمنت استقلال وسيادة والحدود المعلنة لأوكرانيا لقاء موافقة كييف على إزالة كل الأسلحة النووية من العهد السوفياتي من على أراضيها.
وجاء في المذكرة أن اتحاد روسيا الفيدرالي وبريطانيا والولايات المتحدة تعيد التأكيد على التزامها الامتناع عن التهديد أو استخدام القوة ضد وحدة أراضي أو الاستقلال السياسي لأوكرانيا، وأن أياً من أسلحتها لن تستخدم ضد أوكرانيا باستثناء في حالات الدفاع عن النفس أو بالتوافق مع شرعة الأمم المتحدة.
لعبت هذه التأكيدات دوراً رئيسياً في إقناع الحكومة الأوكرانية في كييف بالتخلي عما يُعد ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، والتي تتكون من حوالي 1900 رأس حربي نووي استراتيجي، وقد تضمنت مذكرة بودابست ضمانات لأمنها بمجرد تخلصها من الأسلحة النووية، دون أن يحترم أي من الأطراف الموقعة تعهداته!.
[5]– في تصريحات أدلى بها مطلع الأسبوع الجاري، ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بشكل غير مباشر إلى احتمال عودة بلاده لحيازة أسلحة نووية عبر الانسحاب من مذكرة بودابست في حال لم يتم ضمان أمن بلاده.
وجاءت تصريحات زيلينسكي خلال مؤتمر ميونخ للأمن الذي انعقد السبت 19 الشهر الجاري، حيث دعا لمشاورات مع موسكو، وقال إذا لم تحصل (المشاورات) أو لا تضمن نتائجها أمن بلادنا، سيكون لأوكرانيا الحق في اعتبار مذكرة بودابست غير سارية.
منحت هذه التصريحات الحجة لموسكو لكيل الاتهامات لكييف، وكان آخرها على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي قال الاثنين: إن كييف تخطط لحيازة أسلحة نووية.
وكرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الاتهام في خطابه الاثنين وخاض في مزيد من التفاصيل خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء.
وقال بوتين: إنه بفضل الإرث السوفياتي لأوكرانيا لا ينقصهم سوى نظام لتخصيب اليورانيوم، لكن هذه مجرد مسألة تقنية وليست مشكلة غير قابلة للحل.
ويمكن لكييف، كما قال، أن تطور أسلحة نووية وتزيد مدى صواريخها لتصل إلى 500 كلم. وأضاف ستكون موسكو في منطقة التدمير، بالنسبة لنا إنه تهديد استراتيجي.