fbpx

بسام القوتلي لـ نينار برس: نؤمن بالحرية الفردية كأساس للحريات الجماعية

0 462

الحرية الفردية وحدودها وعلاقتها بالحريات الجماعية، والسعادة وكيفية تحديدها مادياً لدى الفرد الاجتماعي، إضافة إلى علاقة ذلك بالانتقال من نظام سياسي واجتماعي استبدادي إلى نظام سياسي تحكمه مؤسسات ديمقراطية منتخبة، هو ما يشكّل قاعدة لرؤية شاملة، أردنا في نينار برس تسليط الضوء عليها، وهو ما دفعنا إلى اللقاء بالسيد بسّام القوتلي، أحد مؤسسي الحزب الليبرالي السوري “حزب أحرار” ومسؤول العلاقات في هذا الحزب، حيث وضعنا أسئلتنا المتعلقة بالشأن العام السوري أمامه، فكان هذا الحوار.

س1: تحدثتم في حزب أحرار عن إيمانكم بالفكر التحرري الاجتماعي. وقلتم إن حرية الفرد أولاً، وحقه في السعي للوصول إلى السعادة، مع وجود مجتمع قوي يحمي الفرد من العدوان الخارجي.

ما حدود حرية الفرد وفق رؤية حزبكم، وما مفهوم السعادة في هذا السياق؟ ألا ترى أن حرية الفرد لها علاقة بطبيعة البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع المعني؟ أليس من علاقة بين حرية الفرد وحقوق الفئات الاجتماعية والمكونات المختلفة؟

السعادة مفهوم فردي

يقول السيد بسّام القوتلي وهو أحد مؤسسي الحزب الليبرالي السوري، الذي يشار إليه اختصاراً “أحرار”: “حزب أحرار يؤمن بالحرية الفردية أولاً، وكأساس للحريات الجماعية، والجماعات تستمد حقوقها من حقوق الأفراد الذين يشكلون هذه المجموعات وليس العكس، لذلك، لا يحق للجماعة أن تُكره الأفراد على القيام بما لا يريدونه، لأنه ليس للجماعة حقوق خاصة بها لا يمتلكها الأفراد الذين يشكلون هذه الجماعة”.

ويضيف القوتلي: “فإذا تحدثنا مثلاً عن حرية ممارسة الشعائر لجماعة ما، فهذا نابع من حرية الأفراد بممارستها، نفس الشئ ينطبق على الحقوق الثقافية أيضاً، فلا يحق لجماعة ما أن تفرض على فرد ما أن يلبس بشكل معين لمجرد ولادته لأهل ينتمون لمجموعة لها تقاليد معينة في الملبس”

ويرى القوتلي بأنه: “يحق للجماعات المنظمة فصل أشخاص من تنظيماتهم، لكن لا يمكنهم فرض تصرفات معينة عليهم، أو إنكار الهوية التي يدعي هؤلاء الأشخاص حملها”. وبرأيه: “يمكن لمكان عبادة ما أن يمنع أحدهم من الزواج فيه، أو الانتماء لها، لكن لا يمكن أن ينكر عليه انتماءه للدين الذي يختاره.”

لكنّ السيد بسّام القوتلي يعتقد في رؤية ثانية أن: “مفهوم السعادة، هو مفهوم فردي، يتحقق بأشكال مختلفة بتعدد الأفراد، قد يحققها بعضهم بالتأمل أو العبادة، ويحققها غيرهم ببناء المؤسسات والمعامل، وآخرون بممارسة العمل السياسي مثلاً”.

وفي توضيحه لموقع حزب “أحرار” يقول القوتلي: “بعكس أحزاب القرنين الماضيين، لا يرى حزب أحرار أن له دوراً في تحديد ما هي السعادة، التي يجب أن يسعى لها كل إنسان، وإنما يعمل على تأمين أكبر قدر من الحرية الفردية، ليحدّد كل شخص السعادة كما يريدها ويسعى للوصول إليها بطرقه الخاصة”.

ويتابع القوتلي حديثه فيقول: “أما حدود الحرية الفردية، فهي برأينا محدودة بأن لا يضر الفرد غيره، ولا يقوم بإيذائه، ومن الضروري أن يكون هنالك نقاش عام لتحديد ما هو الإيذاء، فهل نعتبر حرية الرأي إيذاءاً للأخر؟ وإلى أي مستوى يُسمح بهذه الحرية؟، فهل نأخذ النموذج الشرقي الذي يسمح بحرية الرأي، إن كانت موجهة ضد فئات معينة، ونمنعها إن كانت موجهة ضد فئات أخرى؟، أم نأخذ النموذج الأوربي، الذي يحتوي على بعض الانتقائية أيضاً، ولكنه يميل إلى منع خطاب الكراهية؟، أم نأخذ النموذج الأمريكي، الذي يسمح بكل أنواع الخطاب، ما دام لا يدعو للعنف؟”.

وباعتقاد القوتلي: “هذا الأمر بحاجة لنقاشات سورية سورية موسعة”.

س2: تتحدثون عن هوية وطنية جامعة وهذا أمر حسن. ما تعريف حزبكم لمفهوم الهوية الوطنية الجامعة؟ ما هي شروط وجود هوية وطنية جامعة للسوريين؟ ما العلاقة بين الوطني والقومي في تحديد مفهوم الوطنية السورية الجامعة؟

مصلحتنا بعيش مشترك

وفي سؤالنا للسيد بسّام القوتلي والذي يشغل في حزب أحرار منصب مسؤول العلاقات عن فهمهم للهوية الوطنية، فإنه يقول: “كسوريين، مثلنا مثل الكثير من الشعوب، نحن محكومون بجغرافيا لم نخترها بغض النظر عن انتماءاتنا القومية أو الطائفية، لذا أظن أن الثورة، ومن ثم المقتلة، التي لحقت بالشعب السوري بعدها، قد علمتنا أنه لا خلاص فردياً لنا، فإما أن ننتهي جميعاً، وإما أن نقبل العيش المشترك جميعاً.”

ويوضح القوتلي فهمه للعيش المشترك فيقول: “العيش المشترك لا يتطلب التخلص من انتماءاتنا الأخرى، وإنما فقط الوعي بمصلحتنا المشتركة، ومصلحتنا تكون بتوفر الماء والغذاء واحتياجاتنا الأساسية، ومصلحتنا بأن نعيش بأمان، ومصلحتنا بوجود نظام صحي متقدم، ونظام تعليمي ينتج أجيالاً قادرة على المشاركة في عالم يقفز إلى الأمام كل يوم”.

ويتساءل: “هل نستطيع اللحاق بالعالم الذي سبقنا، أم نبقى في الخلف، هذا قرار مصلحي يتجاوز معاركنا الصغيرة المبنية على من يمتلك الحقيقة، فلا مواطنة من دون وطن، ولا وطن من دون مواطن يرى مصلحته في هذا الوطن”.

س3: تحدثتم عن العمل على رحيل السلطة الحاكمة في سورية، وهذا يدلّ على قناعة بضرورة انتفاء نظام الاستبداد من حياة سوريا. ما الوسائل والأساليب التي يمكنكم كحزب أن تدعوا لاستخدامها من أجل رحيل النظام؟ هل تراهنون على دورٍ للمجتمع الدولي من أجل حل سياسي، تتم عبره عملية انتقال من نظام استبدادي إلى دولة مواطنة؟

ألا ترون أن القرارات الدولية وتحديداً 2254 هي قرارات غير ملزمة، ولذلك يناور النظام لنسفها؟

تغيير نظام الأسد أولوية

وسألنا السيد بسّام القوتلي عن فهمه حول كيفية التغيير السياسي في سوريا، فقال: “النظام يناور للبقاء، والمنظومة الدولية تناور لعدم تحمل مسؤولية تغييره، بل بالعكس، تعمل بعض القوى الدولية والإقليمي للإبقاء عليه”. وبرأيه: “هنا يأتي دور السوريين للقيام بالعمل المنظّم من أجل الإبقاء على أولوية تغيير النظام كأولوية سورية لا مساومة عليها”.

ويشرح القوتلي رؤية حزبه “أحرار” حول هذه الأمور فيقول: “من منظور حزب أحرار، فهذا يبدأ من عودة السوريين إلى ساحة السياسية التي أبعدتها عنهم منظومة الحكم منذ ستينيات القرن الماضي، فمجتمع غير منخرط في السياسة، لا يمكن له أن يقوم بعمل سياسي، طبعاً هنا نتحدث عن عمل سياسي سوري، وليس عن آليات يحددها المجتمع الدولي لنا”.

ويضيف: “لا نزال في حزب أحرار نؤمن بإمكانية أن يقوم السوريون باستعادة جزء من القرار إن تنظموا جيداً وعملوا بشكل مشترك، ولكن التحديات كبيرة، ولا نحاول التقليل منها، وهذا هو واقع كل حركات التحرر في العالم.”.

س4: هناك معارضة سورية رسمية جاءت عبر توافقات إقليمية ودولية، وهي معارضة ضعيفة، وضعفها يأتي من عدم قدرتها على حشد السوريين خلفها.

كيف يمكن تغيير واقع وأداء هذه المعارضة؟ هل تجدون بعقد مؤتمر وطني سوري جامع طريقاً لخلق مرجعية وطنية لكل الأطر المعارضة؟ ألا ترى أن عقد هكذا مؤتمر يعني خلق إطار وطني واحد يستطيع فرض مصالح السوريين على المجتمع الدولي؟ ما شروط عقد هكذا مؤتمر برأيكم؟

الوضع الحالي مأساوي ويطرح أداءً هزيلاً بالنسبة للتضحيات التي قدمها السوريون خلال ثورتهم. مع الأسف أصبح السوريون غير معنيين بمن يدعي تمثيلهم، وهذا مريح لدول كثيرة تفضل التعامل مع أجسام ضعيفة تستطيع أن توجهها كما تريد. نحتاج جسماً سياسياً أكثر تمثيلاً.

وعن ضعف المعارضة وبؤس أدائها السياسي يقول بسام القوتلي: “هنالك حاجة ماسة لخلق جسم أكثر تمثيلاً للسوريين، ويمكن أن يتم اختيار بعض ممثليه من انتخابات مباشرة في بعض المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وفي دول المهجر”.

مضيفاً: “فكلما زاد عدد الممثلين المنتخبين مباشرة، كلما كان هذا الجسم أكثر تمثيلاً للشارع السوري، وكلما زادت إمكانيات منازعة النظام على شرعيته، طبعاً هذا العمل بحاجة لدخول السوريون بالعمل السياسي، وإنشاء أجسام سياسية، تستطيع المشاركة بهكذا عمل جماعي ضخم، أما تكرار التجارب السابقة بجمع “شخصيات وطنية” لا تتقن العمل الجماعي المؤسساتي، فلن ينتج إلا نفس النتائج السابقة”.

س5: المفاوضات بين المعارضة ونظام الأسد لم تثمر أي تقدم على طريق حل سياسي في البلاد. هل أنتم متفائلون أن تثمر مفاوضات الدستورية؟ هل لديكم مقترحات محددة لتطوير دور المعارضة في التفاوض؟

آليات التفاوض الحالية تخدم النظام

وحول المفاوضات الجارية بين المعارضة ونظام الأسد، ورايه فيها يقول مسؤول العلاقات في حزب أحرار السيد بسّام القوتلي: “لسنا متفائلين بهذه المفاوضات ضمن الآليات الحالية، فهذه الآليات تمنح النظام الوقت الذي يريده للقضاء على أي مقاومة له، ويمنح. المجتمع الدولي حجة لعدم التدخل، وما يحصل شبيه جداً بما حصل مع الفلسطينيين في أوسلو، وللأسف لدينا أجسام معارضة لم تتعلم من تجارب الأخرين”.

ويضيف القوتلي “لا ندعو هنا للانسحاب من العمل التفاوضي، وإنما لعدم إعتبار التفاوض بديلاً عن بناء أدوات القوة الفعلية على الأرض، وحشد الشارع، وتبني خطاب وطني فعلي جامع لكل السوريين، وبناء نماذج على الأرض تقدّم بشكل ملموس رؤية المعارضة لسوريا المستقبل، بدلاً من النماذج الحالية، التي تتنافس بمستوى فشلها”.

ويختم القوتلي حديثه لنينار برس فيقول: “كما ندعو إلى إعادة تحديد أولويات العمل التفاوضي، وعدم الخوف من طرح شروطٍ، كإطلاق سراح المعتقلين، قبل فتح الحوار في قضايا أخرى”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني