التسمية:
قانون قيصر هو اسم لعديد من مشاريع القوانين
المقترحة من الحزبيين في الكونغرس الأمريكي.
سمي هذا القانون بقانون قيصر نسبة إلى مصور
عسكري سوري انشق عن النظام السوري عام 2014 ونشر ما يزيد عن خمسين ألف صورة لأحد
عشر ألف سجين ومعتقل ممن قضوا تحت التعذيب في سجون ومعتقلات النظام السوري، وتمكن من الهروب من سوريا إلى الولايات المتحدة
الأمريكية بمساعدة (منظمة التحالف من أجل سوريا ديموقراطية).
وخاطب الكونغرس الأمريكي في شهادته قائلاً:
“جئت إلى الكونغرس لأوجه لكم رسالة، الرجاء أوقفوا القتل في سوريا، وأضاف إن
العشرة آلاف ضحية لن يعودوا للحياة، كانت لهم أحلام وطموحات وعائلات وأصدقاء، لكنهم
قضوا في سجون الأسد، السوريون يطالبونكم بفعل شيء مثل ما فعلتم في يوغسلافيا
السابقة”.
مر هذا القانون في
مراحل صعبة حيث واجه صعوبات كثيرة حتى رأى النور وذلك من خلال عمل الأوفياء
والنشطاء لقضايا شعبهم في مشوار استمر لسنوات ناضلت فيها الخبرة القانونية والحقوقية
لطرح قضاياهم امام المجتمع الدولي (الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأمريكي) وساهمت
في ذلك منظمة التحالف من أجل سوريا ديموقراطية بالإضافة إلى منظمات حقوقية أخرى.
صادق مجلس النواب
الأمريكي عليه في 15/11/2016 بأغلبية ساحقة، ورفع إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، قام
السيناتور راندل بول بتعطيل مرور هذا المشروع. ما دفع اللوبي السوري في داخل
الولايات المتحدة الأمريكية وفي مقدمتهم المجلس السوري الأمريكي ومنظمات سورية
وأمريكية مختلفة إلى تحريك الموضوع.
أخيراً أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانون قيصر في 15/12/2019
وبعد عدة أيام قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتوقيع عليه وبالتالي أصبح
قانوناً جارياً.
أصبح قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019
جزءاً من قانون إقرار الدفاع الوطني للسنة المالية 2020 وتمت موافقة مجلس النواب
الأمريكي على تمديد هذا القانون لمدة عشر سنوات. وتهدف الإدارة
الأمريكية من خلال قانون قيصر إلى جر النظام إلى العملية السياسية بشكل جاد.
على ماذا ينص قانون
قيصر:
يتضمن قانون قيصر 39 صفحة ويتألف من خمسة فصول.
أهم ما ينص عليه هذا القانون هو فرض (عقوبات على
النظام السوري والدول الداعمة له (روسيا وإيران) لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى كل
من يدعم النظام في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى (كل جهة أو شخص
تتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات
والأمن السورية والمصرف المركزي السوري).
وستشمل العقوبات (الأشخاص الذين يقدمون دعماً أو
يشاركون في صفقات مع الحكومة السورية، بما في ذلك القوات العسكرية أو
المقاولون الذي يتصرفون نيابة عن سوريا أو روسيا أو إيران) كما يفرض القانون عقوبات
على كل من (يبيعون أو يقدمون عن قصد البضائع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو
المعلومات المهمة التي تسهل أو توسع الإنتاج النفطي المحلي للحكومة السورية، أو
الخدمات ذات الصلة التي تستخدمها القوات العسكرية التابعة للحكومة السورية) وكذلك
تفرض على (كل من يقدمون الخدمات الإنشائية أو الهندسية للحكومة السورية) ويستهدف القانون أيضاً (شخصيات سياسية وأمنية
كشخص الرئيس السوري ووزراءه ورؤساء الفرق والقوات المسلحة السورية، ومديري السجون).
متى يدخل قانون قيصر حيّز
التنفيذ:
لقد أصبح قانون قيصر قانوناً جارياً وسيدخل حيز
التنفيذ في منتصف حزيران المقبل.
لقد منح القانون المذكور وزارة الخارجية
الأمريكية صلاحيات (تمنح السلطات لوزير الخارجية لدعم الكيانات التي تجمع الأدلة وتتابع
الملاحقات القضائية ضد من ارتكب جرائم حرب في سوريا).
هل سيطبق قانون سيزر بالفعل؟
الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات
وتحترم قوانينها وأصبح قانون قيصر من جملة قوانينها، ولن يتغير هذا القانون إذا
تغيرت الإدارة الأمريكية وباتت الظروف الدولية مواتية لتطبيق القانون.
وينسجم القانون المذكور إلى حد كبير مع قراري
مجلس الأمن الدولي 2118-2254 بخصوص سوريا.
لقد بدأت بوادر تطبيق قانون قيصر تظهر للعيان من
خلال ما يلي:
1- حمّلت منظمة حضر الأسلحة الكيميائية يوم الاربعاء في 8/4/202 وللمرة الأولى، قوات النظام السوري مسؤولية
اعتداءات بالأسلحة الكيمائية استهدفت بلدة اللطامنة في محافظة حماة في عام 2017 ومن
المفترض أن تصدر منظمة حضر الأسلحة الكيميائية خلال الأشهر القادمة تقريراً حول
هجوم النظام بغاز الكلور الذي استهدف مدينة دوما قرب دمشق.
هذا التقرير أول اتهام للنظام السوري من قبل جهة
دولية باستخدام السلاح الكيميائي وهو(تقرير مهم جداً بمخرجات عالية الدقة وبمنهجية
قوية جداً وبأدلة قاطعة لا مجال للتشكيك في قوتها وتماسكها). ويعتبر من الأدلة القوية وخطوة على طريق محاسبة النظام.
إن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تضم الاتحاد
الأوروبي وأمريكا و39 دولة أخرى، ودعا
كل من الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) إلى محاسبة
المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
وقد ساعد هذا التقرير في كبح جماح بعض الدول
الساعية للتطبيع مع النظام السوري.
2- صرحت (مجموعة الشراكة الدولية لمكافحة الإفلات من عقاب استخدام
الأسلحة الكيميائية، أنها ترحب بتقرير فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والذي أعلن
أن النظام السوري هو المسؤول عن الهجمات الكيميائية في سوريا).
3- بتاريخ 23/4/2020 جرت أول محاكمة علنية في العالم لانتهاكات
منسوبة للنظام السوري في مدنية كوبلنز الألمانية حيث حضر كل من أنور رسلان وإياد
الغريب اللذان عملا سابقاً في المخابرات السورية وارتكبا جرائماً وأشرفا على تعذيب
المعتقلين وسوف تتحرك ملفات أخرى أمام محاكم أوروبية بحق متهمين آخرين.
قانون قيصر رسالة قوية لحلفاء النظام عن جدية
الموقف الأمريكي، حيث بدأ حلفاء النظام في وقف استثماراتهم، على سبيل المثال
توقف الروس عن العمل في ميناء طرطوس.
على عكس ما صرحت به المستشارة بثينة شعبان (بأن
قانون قيصر لن يؤثر على الاقتصاد السوري، لافتة أن بلادها اعتادت على مواجهة
التحديات) إلا أن تفاقم الوضع الاقتصادي في سوريا، وتدني قيمة صرف الليرة السورية نسبة
للدولار وبقية العملات الأجنبية، حيث بات الوضع المعيشي لا يطاق، ويعاني السوريون
في الداخل من غلاء الأسعار وفقدان المواد الأساسية.
لقد سقطت رهانات من حاول أن يغير سير مفاوضات
المعارضة والنظام في جنيف إلى مؤتمرات أستانة وسوتشي، وخاب رأي من اعتقد بأنه هناك محور جديد بقيادة روسيا والصين، واعتقد
بأنه سيكون لهذا المحور دور كبير في الشرق الأوسط.
حلفاء النظام السوري روسيا وإيران يعانيان من
أوضاع اقتصادية في غاية الصعوبة والتعقيد
ومن المؤكد أن تشريع هذا القانون لم يأت من
فراغ.
تُعلّق تنفيذ هذه
العقوبات:
·
إذا توقفت الطائرات السورية والروسية عن قصف
المدنيين
·
إذا توقفت القوات الإيرانية والروسية والسورية
والكيانات المرتبطة بها عن تقييد وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة وإطلاق
سراح المعتقلين السياسيين في سجون ومعتقلات النظام السوري.
·
التزام النظام السوري تقديم مرتكبي جرائم الحرب
في سوريا إلى العدالة.
بات من الضروري والملح على المعارضة السورية أن
تقوم بعملية مراجعة ونقد بكل موضوعية لمسيرتها خلال هذه السنوات وأن تبادر بشكل
جاد إلى توحيد صفوفها، والاستفادة من التجارب السابقة، وعدم ارتهان قرارها بيد
الدول الإقليمية التي أدارت الصراع حسب مصالحها وأجنداتها على حساب الدم السوري
والارتقاء إلى مستوى معاناة السوريين في الشتات وفي الداخل، واستثمار هذا القانون
مع المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني والتعامل الجاد مع
النشطاء السوريين كافة في كل مكان لكشف جرائم النظام وحلفائه أمام المجتمع الدولي.
ويتحتم على المعارضة العمل وبشكل دؤوب في كل العواصم الأوروبية لفضح جرائم النظام أمام
الرأي العام وذلك من خلال حملات إعلامية منظمة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”