fbpx

وداعاً حاتم علي.. ومعذرة على غيابنا في وداعك

0 321

هل تعرف ماذا أحدثت وفاتك فينا؟. الكل فُجع بموتك الخاطف، كان ألم رحيلك كبيراً ومفجعاً بحجم تغريبتك. فأنت لم تكن مجرد مخرج فحسب، هل نسيت أنك من أبكى الجميع بحرقة مغتربٍ، عاش غريباً، وعاد جثمانه ليعانق ياسمين دمشق. 

ولد حاتم علي في الثاني من يونيو/حزيران عام 1962، في بلدة تُطلُّ على بحيرة طبريا، في جولاننا السوري الذي لا يزال محتّلاً من قبل إسرائيل. وهذه البلدة هي بلدة فيق، حيث اضطر للنزوح عنها بسبب حرب عام 1967، وهو في الخامسة من عمره، وأصيب والده بتلك الحرب حيث كان جندياً في الجيش الشعبي.

أسرة حاتم علي، عايشت الحرب، والنزوح، والعيش على أطراف دمشق، وفي المخيمات الفلسطينية ومخيمات النازحين من الجولان. وأصبح المعيل لأسرة مؤلفة من ثمانية أشخاص ليخرج من الطفولة مبكراً، حيث اضطر للعمل في أشغال عديدة منها عامل بناء، وجابي فواتير المياه، ثم العمل كبائع جوّال. 

لم يكن حاتم ليتخيّل نفسه في أحد الأيام أمام ذكريات نزوح عائلته القاسي. حين أخرج التغريبة الفلسطينيّة(2004)، حيث استعاد من خلف الكاميرا مشاهد مرحلة التهجير والعيش في المخيمات، في رحلة معتمة ومؤلمة داخل الذاكرة.

الطفل صالح الذي يحمله خاله مسعود على كتفه بعد التهجير في التغريبة لم يكن إلّا حاتم نفسه الذي حُمِل على كتف خاله بالطريقة نفسها. “تفاصيل واضحة وأخرى مشوّشة وملتبسة لم أكن أدرك أنّها موجودة. وقد أعدتُ تركيبها بعدما اكتشفتُها من خلال العمل نفسه!” يقول ذلك الراحل حاتم علي. لكنه يضيف: بدايتي بالعمل الفني كانت مع المخرج هيثم حقي، في مسلسل دائرة النار عام 1988م، ثم قدم للجمهور التغريبة الفلسطينية وصلاح الدين الأيوبي وصقر قريش وربيع قرطبة والزير سالم، وغيرها كثير من الأعمال.

حصل حاتم علي على جوائز عديدة، منها أفضل مخرج من مهرجان القاهرة عن فلم آخر الليل، ومسلسل سفر، وذهبية البحرين، وعدة جوائز عن التغريبة الفلسطينية، وأحلام كبيرة، وملوك الطوائف، وعصي الدمع.

فن حاتم علي دخل بيوت السوريين والعرب، وأحدث هزّة في وعي الناس لأحداث وقضايا وشخصيات، مما وحّد الناس في قراءة جديدة لحركة الواقع والتاريخ ومعرفة الذات.

حاتم علي لم يكن يوماً فنان سلطة، بل فنان من وسط الشعب، ولهذا جاءت أعماله الفنية تكثيفاً عالياً لهموم الناس وآمالهم وأحلامهم وانكساراتهم.

في وفاته اجتمع السوريون حضوراً وغياباً حول موته، فهذا الموت أوقظ لحظة اكتشاف جديد للفاجعة السورية المستمرة، لم يحزن أعداؤه عليه، لكنهم فوجئوا بأن روح حاتم استطاعت إيقاظ الوطنية السورية التي أمضوا عشر سنوات في تحطيمها.

وداعاً حاتم علي كجسد مفارق، لكن تيقن يا بن شعبي أنك حاضر رغم الفجيعة وما نحن فيه من ألم اشتات ووجع البلاد.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني