وحدة فصائل المنطقة الشرقية بين الضرورة والإمكان
يحق للمراقبين الذين تتبعوا ولادة فصائل المنطقة الشرقية من سوريا أن يتساءلوا لماذا لم تتحد هذه الفصائل، ويكون لها قيادة واحدة، تمثّل المنطقة الشرقية بمحافظاتها الثلاث (دير الزور، الرقة والحسكة)، وهو ما يعني قوّة للمنطقة، للدفاع عنها، ومنع أي تغيير ديمغرافي فيها.
هذا التساؤل المشروع يحيلنا إلى معرفة صيرورة نشوء كلّ فصيل على حدة، والظروف التي واجهته، والمهام التي ألقاها على عاتقه، ومن أجلها خاض معارك الدفاع عن الشعب السوري في منطقة تواجده.
إن الحاجة للاتحاد لا ينبغي أن تكون حاجة استعراضية أمام الآخرين، ولهذا، يمكن تحديد العوامل الموضوعية والذاتية، التي تقف خلف اتحاد كل فصائل المنطقة الشرقية، في إطار عسكري تعبوي واحد، مع أذرعه الاستخباراتية، التي تمنع اختراق العدو لأمنه وأمن حاضنته الشعبية.
إن استعراضنا لفصائل المنطقة الشرقية لا يتحدد بمجرد انتمائها لهذه المنطقة فحسب، بل ينبغي أن تكون أجندة هذه الفصائل تخدم سلامة جغرافية المنطقة، وإعادة ضبط الأمن فيها، ووضع الخطط والبرامج العسكرية اللازمة للدفاع عنها.
إن فصيل “جيش أسود الشرقية” الذي نشأ بصيغة لواء عسكري تحت مسمى “لواء بشائر النصر” اختار لنفسه مهام قتال ما يسمى “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام” واختصاراً (داعش)، الذي عمل على محاولة تدمير فصائل الثورة السورية تحت شعار زائف هو إقامة دولة إسلامية في العراق وبلاد الشام، هذا الشعار كان يخدم النظام المستبد في دمشق، ويتقاسم معه مهام إنهاء ثورة الشعب السوري.
ولمعرفة فصيل جيش أسود الشرقية، يمكننا القول إن أصول هذا الفصيل تعود إلى محافظة دير الزور، وقد تشكّل هذا الفصيل من اجتماع فصائل عديدة منها لواء بشائر النصر الذي يقوده طلاس السلامة المنحدر من منطقة العشارة شرقي مدينة دير الزور.
فصيل جيش أسود الشرقية يتواجد الآن في منطقة الـ 55 التي يقع فيها مخيم الركبان وقاعدة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وله دور يتسم بطابع أمني مع قوات التحالف الدولية، بينما تلعب قوات مغاوير الثورة التي يقودها المقدم مهند الطلاع دوراً في التصدي لمحاولات النظام وحلفه الروسي الإيراني بإلحاق هذه المنطقة الهامة جداً بسيطرة هذا الحلف.
والسؤال الهام والذي ينبغي طرحه باعتباره يتعلق بمسألة وطنية، لماذا لا توجد صيغة تعاون عسكري جاد بين الفصائل المحسوبة على المنطقة الشرقية؟ ونقصد بهذه الفصائل تعاون مغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية مع حركة التحرير والبناء، التي تعتبر جزءاً حيوياً من قوات الجيش الوطني التابعة لوزارة دفاع الحكومة المؤقتة.
هذا السؤال يتبناه سائر أبناء المنطقة الشرقية، فهذه المنطقة بحاجة إلى أداة عسكرية فاعلة وقادرة، على الحفاظ على سلامة جغرافية وديمغرافية المنطقة الشرقية، وهذا يتطلب النظر بعيداً بأهمية إيجاد صيغة التعاون المطلوبة بين تشكيلات المنطقة الشرقية برمتها.
إن إطار عمل حركة التحرير والبناء لا يندرج تحت مهام عسكرية فحسب، بل له أبعاده الأمنية والاجتماعية والسياسة، التي تخص المنطقة الشرقية برمتها، وتحرير هذه المنطقة من فلول ميليشياتٍ إيرانية وأخرى تابعة للنظام الأسدي، ولهذا ينبغي أن تفكّر قوات مغاوير الثورة وقوات جيش أسود الشرقية بإيجاد صيغة تعاون فعّالة من الإطار العسكري الممثل للمنطقة الشرقية برمتها وهو حركة التحرير والبناء.
إن حركة التحرير والبناء تعكس مفهوماً وطنياً للدفاع عن المنطقة الشرقية، وهي بالتالي تنتهج منهج الدفاع عن الإنسان وحقوقه في هذه المنطقة وفي مناطق نفوذها الحالية، وهو يعني في المحصلة سلوكاً وطنياً وثورياً حقيقياً يتسم بأخلاق الثورة ومبادئها القائمة على الدفاع عن الحريات والكرامة وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية، دولة القانون والمواطنة.
المطلوب فتح حوار مباشر بين قيادة حركة التحرير والبناء مع فصيلي قوات مغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية على قاعدة وحدة قوات فصائل المنطقة الشرقية، سيما وأن غالبية هذه الفصائل توحدت في إطار متقدم اسمه “حركة التحرير والبناء”.
فهل تستجيب مغاوير الثورة وجيش أسود الشرقية لنداء التعاون؟ ننتظر الخطوة بهذا الاتجاه الوطني الحاسم، الذي لا بديل عنه.