fbpx

واقع المؤسسات الثقافية في زمن الطاغية

0 66

الحديث عن واقع المؤسسات الثقافية الحكومية وغير الحكومية مثل اتحاد الكتاب العرب هو حديث ذي شجون.

فكلنا نعلم أن تلك المؤسسات كانت مبنية على الواسطة والمحسوبيات. وسأحاول من خلال هذا المقال أن أوجز لكم فساد إحدى تلك المؤسسات وهي المؤسسة العامة للسينما.

على الرغم من أن المؤسسة العامة للسينما تدعي أنها تدعم المواهب من الشباب إلا أن الحقيقة هي النقيض من ذلك، فهي لا تقبل نصاً لكاتب ليس لديه واسطة ولا تسمح لمخرج شاب أن يخرج فيلماً مالم يكن محسوباً على أحد أو مدعوماً من قبل أحد. لذا نرى أن الأسماء ذاتها كانت تتكرر في المؤسسة العامة للسينما. وقد سبق لي وقدمت فيلماً للمؤسسة وعلى الرغم من أن الفيلم كان قد نال المرتبة السادسة في مسابقة الجولان في القلب ويناقش قضية الجولان المحتل إلا أن الفيلم رُفض لأنني لا أمتلك واسطة. وحدثني يومها المخرج غسان شميط بعد أن قرأ نص الفيلم وعبر عن إعجابه بالفيلم ولكنه قال لي وبكل شفافية: إن المؤسسة تنتج فيلمين أو ثلاثة في السنة كلها. يأخذهم أيمن زيدان وجود سعيد وأسماء معروفة. وقال لن تستطيعي أن تقفي في وجه هؤلاء. لذا لا يمكن لفيلمك أن ينفذ. وحدثني أحد المخرجين العاملين في المؤسسة أنه لا يمكن بحال من الأحوال قبول نص لكاتب جديد مالم يمتلك واسطة. قال لي: إذا عندك ضابط في الجيش تعرفينه دعيه يتصل على المدير العام ويتوسط لك. حينها فيلمك يُقبل. قلت له: أنا لا أعرف أحد. فقال لي: هذا يعني أنه من مستحيل أن يقبلوا فيلمك.

وحدثني مخرج شاب كان قد فاز بمنحة لإخراج فيلم قصير فيإحدى مسابقة المؤسسة قال لي: إنهم كانوا ينهبون المؤسسة بشكل علني. يطلب منهم مواد معينة وكميات معينة، فيتم تسجيل فواتير بأضعاف المواد التي طلبها. ويطلبون منه أن يوقع أنه استلم هذه المواد وهذه الكميات. قال لي: كنت أضطر للتوقيع على فواتير سرقتهم، حتى لا يتم توقيف فيلمي. يعني الفساد عينك عينك. ناهيك بهذا كله، المؤسسة بعد قيام الثورة لم تكن تتبنى إلا الأفلام التي تجسد رؤى النظام المجرم. ولأجل هذا الغرض أنتجت العديد من الأفلام وأنفقت عليها ملايين الليرات السورية من دم المواطن السوري. من هذه الأفلام، فيلم (فانية وتتبدد) للمخرج نجدت أنزور وفيلم جوري لابنه يزن أنزور والكثير من الأفلام التي تكرس رؤية النظام البائد فتختزل الثوار بمجموعات إرهابية تكفيرية مسلحة روّعت الناس وخرّبت البلد واغتصبت النساء. وفي الوقت ذاته تقوم بتلميع صورة الجيش الأسدي المجرم وتقدمه للناس على أنه بطل ومنقذ للشعب. وكلنا يعلم أن الحقيقة هي نقيض ذلك. ولم يخجل مخرجو هذه الأفلام من تسويق مثل هذه الرواية التي باتت تسبب الغثيان للمشاهد السوري والعربي على حد سواء. وأنا ومن خلال هذه المقالة أطالب بمحاسبة هؤلاء المخرجين الذين قدّموا مثل هذه الأفلام وروّجوا لرواية النظام الكاذبة واستخفّوا بعقل المشاهد السوري. عليهم أن يخرجوا ويقدموا اعتذاراً للشعب السوري لقاء تشويههم للحقائق والواقع.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني