fbpx

هل من الممكن أن تكون سوريا دولة ديمقراطية؟

0 173

بعد أكثر من عقد من الثورة السورية وسنوات طويلة من الاستبداد والقمع والمعاناة، جاء سقوط الأسد منذ أكثر من شهرين ليشكّل لحظة فاصلة، لكنها لم تكن نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة مليئة بالتحديات. اليوم، تقف سوريا عند مفترق طرق، حيث يُطرح السؤال المهم: هل نحن، السوريين، مستعدّون فعلاً لبناء دولة ديمقراطية حقيقية، أم أن ماضينا المثقل بالصراعات والآلام سيلاحقنا من جديد؟

الديمقراطية ليست مجرد انتخاباتٍ وصناديقَ اقتراع، بل منظومةٌ متكاملةٌ من الحقوق، المؤسسات، والضوابط. في السياق السوري، لا يمكن الحديث عنها دون العدالة الانتقالية، المحاسبة، والمصالحة الوطنية. إن التساؤل الأكبر هو: هل يمتلك السوريون الإرادة الجماعية لبناء نظامٍ سياسيٍّ جديدٍ يعكس تطلعاتهم، أم أننا سنواجه عقباتٍ تجعل من الديمقراطية مجردَ شعار؟

الديمقراطية ليست مجرد انتخاباتٍ أو صناديقَ اقتراع، بل منظومةٌ متكاملةٌ من الحقوق، المؤسسات، والضوابط التي تضمن الحرية، المساواة، والعدالة. في الحالة السورية، الحديث عن الديمقراطية لا يمكن أن يتم دون التطرّق إلى العدالة الانتقالية، المحاسبة، والمصالحة الوطنية. هنا يبقى السؤال: هل يمتلك السوريون الإرادة الجماعية للبدء في بناء نظامٍ سياسيٍّ جديدٍ يعكس آمالهم وتطلعاتهم، أم أن عقباتِ الواقع ستجعل من الديمقراطية مجردَ حلمٍ بعيد المنال؟

الانتقال الديمقراطي في أي دولةٍ ليس مساراً بسيطاً، بل هو عمليةٌ معقدةٌ تتطلب إرادةً سياسيةً حقيقيةً من القوى الفاعلة، وتوافقاً مجتمعياً حول شكل الدولة ونظام الحكم، بالإضافة إلى مؤسساتٍ قويةٍ قادرةٍ على إدارة المرحلة الانتقالية بكفاءة. لكن التحديات التي قد تعرقل هذا التحول في سوريا كثيرةٌ، بدءاً من الانقسامات الطائفية والاجتماعية، مروراً بالتدخلات الخارجية التي لطالما أثّرت على مسار الأحداث في البلاد، وصولاً إلى بقايا النظام القديم والاقتصاد المنهَك الذي يفرض واقعاً صعباً.

عند النظر إلى تجاربِ الدولِ الأخرى التي حاولت الانتقال إلى الديمقراطية بعد سقوط أنظمتها الاستبدادية، نجد دروساً كثيرةً يجب التمعّن فيها. العراق مثالٌ على الغرق في الطائفية، ليبيا أصبحت ساحةَ صراعاتٍ مسلحةٍ لا تنتهي، ومصر شهدت انتكاسةً بعودة الاستبداد. هنا يظهر التساؤل: هل يمكن لسوريا أن تتفادى هذه الأخطاء؟ وهل لدى السوريين اليوم ما يكفي من الوعي السياسي والنضج المجتمعي لضمان ألّا يتحول حلمُ الديمقراطية إلى كابوسٍ جديد؟ الفرق بين النجاح والفشل يكمن في التفاصيل، كوجودِ مؤسساتٍ قوية، نخبٍ سياسيةٍ ناضجة، ورؤيةٍ واضحةٍ للمستقبل، لكن هل تمتلك سوريا اليوم هذه المقومات؟

المستقبل أمام سوريا مفتوحٌ على سيناريوهاتٍ عديدة. هناك أملٌ في تأسيس دولةٍ ديمقراطيةٍ حقيقيةٍ قادرةٍ على الصمود أمام التحديات، لكن هناك أيضاً مخاوفُ من الانزلاق إلى فوضى جديدةٍ وصراعاتٍ داخليةٍ لا تنتهي. بين العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، يقف السوريون أمام خياراتٍ مصيريةٍ ستحدد ملامحَ مستقبلهم.

الديمقراطية ليست معجزةً تحدث بين ليلةٍ وضحاها، بل مشروعٌ طويلُ الأمد يحتاج إلى وعيٍ مجتمعي، إرادةٍ سياسية، وتخطيطٍ دقيق. سوريا اليوم على أعتاب مستقبلٍ جديد، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل نختار طريق الديمقراطية، أم نكرر أخطاءَ الماضي؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني