fbpx

نصر الحريري يوضح محتوى “مؤتمر عودة اللاجئين السوريين..”

0 400

حار الكثيرون لدى انعقاد مؤتمر “عودة اللاجئين السوريين” إلى وطنهم بدواعي عقد ذلك المؤتمر، إذ لا يوجد سبب واحد من الأسباب التي دعت ملايين السوريين إلى الهجرة والتشرد في أصقاع الأرض قد تبدل، بل على العكس، فكل ما دعا إلى الهجرة قد ازداد سوءاً وتردياً، وتفاقمت أوضاع سوريي الداخل إلى درجة أن الحياة فقدت شروطها الضرورية حتى درجة العدم.. وأقول ذلك في إشارة إلى رغيف الخبز الذي غدا الحصول عليه مرتبطاً بالكثير من المعاناة المتماهية بالكثير من المذلة والمهانة، فهل من حياة مع هذا الواقع، ولا يخفى أن الغالبية من المهجرين حتى النازحين في العديد من المخيمات تتوفر لديهم ضرورات الحياة وشروطها.. إذاً ما الذي يقدمه من دعا إلى “مؤتمر عودة اللاجئين” من مرغبات أو مشجعات تجعلهم يستجيبون لتلك الدعوة؟! ناهيكم بمسألة انعدام الأمن الذي هو أهم من الطعام والشراب والماء والكهرباء والوقود.. فالتشبيح على قدم وساق في كل ركن وزاوية، ويتلخص في السرقات والتحرش والتعفيش والمهانات على الحواجز، وتعدد المليشيات التي لا تتورع عن امتهان الموبقات كلها.. وهذا ما جعل أحد الشباب ممن أبى الخروج متمسكاً بالبقاء في وطنه، ويعيش اليوم حقيقة ذلك الواقع البائس، ويتحسس معاناة أهله وجيرانه، قد اختزل الأمر كله بعدة كلمات على صفحة الفيسبوك خاصته إذ قال ساخراً: “أعتقد لو أنَّ شعار المؤتمر جاء من أجل تهجير من تبقى في سورية، لكان قد نجح”. وفي ذلك بلاغة ما بعدها بلاغة..

لقد انتظر جميع المهتمين بالشأن السوري العام من هؤلاء الحائرين أن تأتي أحداث جديدة لتفسر لهم مسببات ذلك المؤتمر، فالروس ليسوا أغبياء إلى درجة أنهم لا يعرفون حقيقة الوضع السوري ويدركون حقيقة إن لم يوافق الأوربيون والأمريكان على إعادة الإعمار وفق الحل السياسي الذي قالت به الأمم المتحدة في قرار مجلس الأمن الصادر بإجماع الأعضاء تحت رقم 2254 تاريخ 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015.. لكن الروس يتقلبون اليوم على نيران ما زعموا أنه انتصار، وينتظرون بالصبر كله إعادة الأمن والأمان إلى سورية ويرجون عودة، ولو جزء يسير من المهجرين، ليكون لديهم مبررات مناسبة للبدء بإعادة الإعمار، وأن يجدوا بعض الممولين، وربما ضغطوا على الأسد نفسه لاستخدام الأموال المنهوبة من سورية على مدى خمسين عاماً، علّهم يستطيعون أن يستردوا ما أنفقوه في قتل أطفال سورية ونسائها وشبابها وتدمير بنيتها التحتية وفي الوقت نفسه أوضاع المهجرين.. وقد أشارت بعض التفسيرات حينها إلى تعويم بشار الأسد، وتنفيذ استحقاق الانتخابات الرئاسية القادمة في العام 2021 ولكن ربما انتبهوا إلى أن انتخابات 2014 غير هذه الانتخابات إذ إنها جاءت والحرب قائمة  والآن صمتت المدافع على نحو أو آخر على حدود جديدة في الشمال والشرق التي تضم أكثر من 40% من الأراضي السورية ويعيش عليها قرابة ستة إلى سبعة ملايين نسمة ما يعني أن السكان الذين هم خارج سيطرة النظام يقاربون ثلثي سكان سورية فأية انتخابات هذه؟ وأيُّ نظام هذا الذي يتمسك بوحدة سورية أرضاً وشعباً؟!

من هذه النقطة بالذات أتى السيد نصر الحريري رئيس الائتلاف لقوى “الثورة” والمعارضة، ليفك لغز المؤتمر المذكور أعلاه وليحل للروس وللنظام إشكالهما ويخرجهما من مأزقهما بإعلانه عن تأسيس “مفوضية وطنية للانتخابات في سورية”. ولم يفته ذر الرماد في العيون فوضع في صدر بيانه عبارات ترجم الأسد ونظامه، لكنه في العمق والمضمون قد أفسح له في المجال لإجراء الانتخابات وتمديد شرعيته، ولا يعرف السوريون إذا ما نفذت خطة الحريري، بعد ذلك، من المسؤول عن قتل أبنائهم، أو من هدم بيوتهم، ودمر سوريتهم، وجعلها مطية لكل من تسول له نفسه؟! إضافة إلى قسمه المعارضة، وخصوصاً أن إعلانه جاء مفاجئاً ولم يعلق عليه حتى اللحظة أحد من أعضاء الائتلاف وأن ثمة تسريبات تقول بأن ثمة اتفاق قد جرى حول وضع بعض المعارضين/النظاميين في حكومة قادمة بعد إجراء الانتخابات أو قبلها.. لكن هذه الأمور لن تمر فأمامها الكثير من الحواجز والعوائق والأهم من ذلك كله هو أن يتداعى السوريون داخلاً وخارجاً لعقد مؤتمر يلم أشتاتهم ويرسم لهم طريق مستقبلهم..

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني