يعتبر تل بيدار من المواقع الأثرية السورية المجهولة بالنسبة لكثيرين، ويقع هذا التل في القسم الغربي من مثلث الخابور، إذ يبعد مسافة 35 كيلومتراً إلى الشمال من الحسكة.
التل بالمعنى الهندسي ذو قطرٍ طوله 600 متر، يحيط به سورٌ امتداده قرابة 1000 متر، في هذا السور سبع بوابات تتجه نحو المدن الرئيسية مثل مدينة تل براك، ومدينة تل موزان، وشخنه وتل ليلان وتل الحريري وتل العشارة. يبلغ ارتفاع التل 28 متراً، يعود تاريخه إلى الألف الثالثة قبل الميلاد، وينتمي إلى العهود الميتانية والآشورية المتأخرة الحديثة.
يصنّف التل بأنه إحدى الحضارات التي قامت في هذه المنطقة من سوريا، لكن هذا الموقع تمّ هجره إلى حين، ثم أعيد بناؤه خلال مرحلة الحضارة الآشورية. وهناك بدأت تنقيبات في التل عام 1992 وتبيّن أن الموقع عبارة عن مساطب وطبقات كانت مجتمعة بجدارين فيهما سبع بوابات.
تقول التنقيبات والدراسات إن تل بيدار استوطن في الألف الثالثة قبل الميلاد، وعرّفت هذه التنقيبات والمكتشفات الأثرية بالقصر الشرقي، الذي مرّ بثلاث مراحل من التدمير. حيث تمت إعادة بنائه في أجزاء من معبده وعددٍ من الغرف، إضافة إلى الساحة المبلطة باللبن المشوي.
تمّ العثور في الموقع على رقمٍ مسماريةٍ وعلى مجموعة من الأختام، حيث تعتبر هذه المكتشفات في تل بيدار ذات أهمية بالغة، كما اكتشفت في الموقع قنوات لتصريف المياه، وزخارف دينية، وأروقة مرصوفة بالقرميد، وهناك قصر المدينة العلوي الذي يتمركز في الجزء الشمالي حيث تعود فترة بنائه إلى العام 2500 ق.م، كما يوجد في الموقع أجنحة لتخزين البضائع، ومن ضمن آثار الموقع، القصر الهلنستي وهو استمرار للإرث الميزوبوماتي.
اكتشف كذلك في موقع تل بيدار بناءٌ مهمٌ يضمّ أجنحة ومعابد وقاعات وغرفاً، كما عُثر على 141 رقيماً مسمارياً في بيوت خاصة، ووجد في قصر المدينة العلوي بعض هذه الرقيمات التي كانت تستخدم لتدوين الشؤون الإدارية.
واكتشفت في تل بيدار بوابة (الأكروبوليس)، وتُعدّ من أهم الأبنية إضافة إلى القصر والمعابد والأبنية الإدارية.
تزامن عصر تل بيدار مع الحضارة السومرية في جنوب بلاد الرافدين، قبل أن تتغيّر الأوضاع نتيجة سيطرة حضارة أكّاد، التي احتلت التل في عهد أول امبراطورية قادها صرغون الأكّادي.
تحتاج آثار تل بيدار إلى إعادة ترتيب لكتلها، فقد قال في الأمر الدكتور مارك رئيس البعثة الأوربية: إن إعادة الكتل إلى سابق عهدها توفر للسائح طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية لشعوب الألف الثالثة قبل الميلاد.
لكن الدكتور ستيغنر هو من قام ببناء المجمع السكني في تل بيدار بصورة تشبه نمط الأبنية الذي كان سائداً في فترة ازدهار لهذا التل.