fbpx

من يقف خلف التوتر الأخير الحاصل بين درعا والسويداء؟

0 1٬670

حالة توتر شهدتها المحافظتين الجارتين درعا والسويداء خلال الفترة الماضية، على خلفية عمليات خطف قامت بها عصابات في السويداء بحق شبان من درعا.

بدأت الأحداث الأخيرة بعد قيام عصابة خطف من السويداء بخطف مدنيين اثنين من ريف درعا يستقلان سيارة محملة بأربع بقرات قرب بلدة “القريا” بالريف الغربي.

رداً على ذلك، قام مسلحون من مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، بالتسلل إلى أراضي القريّا، بهدف خطف شبانٍ من المحافظة والتفاوض مع العصابة الخاطفة لإطلاق سراح المختطفين لديهم، لتدور بعدها مواجهات بين الفصائل المحلية في السويداء وعناصر من الفيلق الخامس التابع لروسيا.

وأدت الاشتباكات لوقوع أكثر من 15 قتيلاً وإصابة عدد آخر، وازدادت الأوضاع سوءاً بعد سحب جثث قتلى السويداء إلى درعا ورفض تسليم الجثث لذويهم إلا بعد إطلاق سراح المختطفين

وبعد توتر الأوضاع تدخلت روسيا للوساطة بين الجانبين وإطلاق سراح الأشخاص الذين تم اعتقالهم خلال الاشتباكات وتسليم الجثث المحتجزة.

وكانت الأوضاع تنبئ بحرب طائفية بين الجارين، تحقق لنظام الأسد ما عجز عنه لسنوات.

إلا أن وجهاء ومثقفين من كلا المحافظتين، أدركوا حجم الكارثة التي تنتظر الجنوب السوري، فسارعوا لعقد اجتماعات والخروج ببيانات، تنبذ الفتنة وتدعو للتمسك بعلاقات حسن الجوار بين السهل والجبل، ورأب الصدع.

أصدر وجهاء وعشائر حوران بياناً جاء فيه أنه “بعد الأحداث المؤسفة الأخيرة التي حصلت مؤخراً بين الجارين، والتي كان سببها تراكمات لأحداث خطف وسلب واعتداءات مشينة لا تليق بعادات وأعراف وثقافة أهل الجبل، فإن أهل حوران كانوا وما زالوا يرفضون الطائفية بكل أشكالها، وأنهم يحرصون على العيش المشترك”.

وأضاف بيان العشائر: “إن أهل حوران كانوا ومازالوا وقّافين على الحق وإنهم ينصفون الناس من أنفسهم بالقدر الذي يطلبون فيه حقهم وإنهم يعلنون أمام أهل الجبل أنهم حريصون على أمنهم وسلامتهم ومستعدون للدفاع معهم ضد كل معتد ظالم”.

تلا ذلك بيان لقوات شيخ الكرامة وهي “فصيل محلي في السويداء يهدف إلى حماية الرافضين الالتحاق بجيش الأسد وملاحقة تجار المخدرات وقطاع الطرق” في السويداء، اتهمت فيه العصابات الخاطفة في المحافظة بأنهم بعض ضعاف النفوس، ويتعمدون زرع الفتن وإشعال الطائفية بين قرى الجبل وبين الجبل والسهل.

ودعت قوات الكرامة أهالي بلدة القريّا خاصة والجبل بشكل عام، لعدم الانجرار إلى تيارات الفتنة والاقتتال الداخلي وبالتالي الحرب، مضيفةً أن الأمم لا تتشتت ويتمزق شملها إلا حين يتسلّط بعضهم على بعض.

واتهم الفصيل المحلي، التشكيل التابع للفيلق الخامس في محافظة درعا الذي يقوده “أحمد العودة” ويتبع مباشرة لروسيا، بالمسؤولية عن حدوث مجزرة بلدة القريّا التي راح ضحيتها أكثر من 15 قتيلاً.

يذكر أن عدداً من وُجهاء ومثقفي درعا والسويداء وقَّعوا قبل أيام بياناً تحت عنوان “حسن الجوار بين السهل والجبل”، أعلنوا فيه رفضهم للمساعي الرامية لإحداث فتنة بين المحافظتين، وأكدوا على ضرورة إعادة العلاقات إلى طبيعتها وأن العصابات التي تمتهن الخطف وقطع الطرق تنفذ أجندات خفية ولا تمثل أهالي السهل والجبل.

بدوره علق المجلس الإسلامي السوري والجيش الوطني على الأحداث التي شهدتها محافظتا درعا والسويداء محذرين سكان المحافظتين من “الانجرار إلى حبائل النظام والوقوع بفخ الفتنة الطائفية التي يغذيها”.

وسط كل هذا وذاك وقف النظام متفرجاً مما يجري، غير آبه بما حدث أو ما سيحدث، وفي أحسن الأحوال لعبت قواته دور الوسيط بين العصابات الخاطفة والأهالي.

التوتر في الجنوب السوري ليس بجديد، فقد حاول النظام مراراً وتكراراً أن يزرع الفتن والخلافات بين مكونات الشعب السوري، من خلال اللعب على وتر الطائفية، متبعاً سياسة فرق تسد.

فبعد اندلاع الثورة في آذار 2011 عمل النظام على إشعال فتيل الصراع بين المحافظتين الجارتين، مستغلاً في ذلك البعد الطائفي والديني من جهة، واتخاذ أبناء السويداء موقف الحياد من الثورة من جهة أخرى.

وكانت البداية بعمليات خطف محدودة وإطلاق نار تجاه أشخاص من المحافظتين بهدف دفع كل طرف لاتهام الآخر، واندلاع اشتباكات بينهما.

ما لبث النظام أن وضع ثكنات عسكرية وحواجز تتبع لميليشيات الحشد الشعبي التابعة له في بعض مناطق السويداء ليشن من خلالها عدة هجمات على ريف درعا، ليردّ الجيش الحر على مصادر إطلاق القذائف، بهدف زعزعة الأمن والثقة بين المحافظتين.

الجدير بالذكر أن عمليات الخطف في الجنوب السوري ترتبط مباشرة بشعبة الأمن العسكري التي يترأسها اللواء “وفيق ناصر” والمسؤول الأمني عن المنطقة الجنوبية العميد “لؤي العلي”.

وأكد ناشطون من درعا، وجود علاقة بين عصابات الخطف في السويداء ونظام الأسد، خاصة شعبة الأمن العسكري، وأن النظام يعمل على تأجيج الوضع في الجنوب وإحداث اقتتال بين درعا والسويداء بهدف فرض هيمنته على المنطقة بشكل أكبر.

ويرى باحثون أن الأطراف المستفيدة من المشاكل الداخلية بين درعا والسويداء كثيرة باستثناء أبناء المحافظتين، وأن الأحداث الأخيرة، تصب مباشرة في صالح النظام فهو المستفيد منها، بهدف السيطرة الشاملة على المنطقة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني