fbpx

من هو المسؤول عن السقوط العربي؟

0 94

بكلمة واحدة: التطرف!

في تصريح مهم قال عبد اللهيان قبل رحيله بأسابيع: النقطة الوحيدة التي نتفق فيها مع الإسرائيليين هو أن كلانا يعمل ضد حل الدولتين!

لقد كان جذلاناً بهذا التقابل الأبله وكان يشرّع بكل دقة لخطاب التطرف الرافض لأي حل والمصر على استمرار الحرب إلى اللانهاية.

والتطرف ليس نمط القاعدة وداعش فقط، فهذا اللون من التطرف معروف واضح مفهوم.

ولكن التطرف الأكثر خطراً هو ذلك الذي يمتلك أدوات الدولة ويسخرها للحروب الفاشلة، ولا يبالي بمآسي الإنسان، ويقدم قوافل الأبرياء وقوداً للمعركة، ويعتبر زيادة عدد الشهداء مؤشراً على قوة الأمة وانتصاراتها، ويعتبر شو ما صار انتصار.

في الحرب العربية الإسرائيلية.. هل القدر المكتوب هو أن تموت أجيال وراء أجيال ويتم تدمير الأرض والإنسان كل عشر سنوات بحيث لا تقوم لهذه الأمة قائمة؟.

حين وقعت مصر ثم الأردن ثم منظمة التحرير على السلام.. كانت هذه إرادات شجاعة وواعية، وكان على المؤمنين بالسلام أن يكونوا في هذا الجانب من التاريخ، ويجملوا لشعوبهم إرادة السلام والتنمية.

للأسف قام التطرف بقتل السادات. وعلى موكب جنازته رقص التطرف العربي وأطلقت الأنظمة المتطرفة جبهة الصمود والتصدي تحت عنوان لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات!. التحرير من النهر إلى البحر.

المتطرفون العرب لم يكونوا شيوخاً ملتحين من القاعدة ولا طالبان. لقد كانوا قادة علمانيين واشتراكيين يرتدون الكرافتات ويوالون السوفييت، قبل أن يتبنى الشيخ الخميني هذا الخطاب المتطرف ويؤدلجه دينياً، بشكل كامل ويصبح الخطاب الرسمي لإيران ومحورها!.

ظل هذا الخطاب المتطرف يعلن بوضوح لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكل مقدرات الأمة مسخرة للتحرير، ولا وقت للعلم والتنمية، لقد نطق الرصاص فما يباح كلام وجرى القصاص فيما يتاح ملام.

خلال خمسين عاماً لم يستطع هذا التطرف أن يحرر شبراً من الأرض، واختار أن يجلس القرفصاء ليسخر من كل ما حققه السلام، بأنه سلام موهوم وانه استعمار مبطن، في حين أنه استمر بتقديم قوافل الشهداء في معارك عابثة لا معنى لها إلا زيادة البؤس الإنساني والقهر والحرمان.

التطرف اليوم يتجلى في خطابين متقابلين: خطاب إيران ومن ورائها فريق لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف. وفي الجانب المقابل خطاب نتنياهو وبن غفير بالشعار نفسه: لا صلح لا اعتراف لا مفاوضات. ومعهم أشرار الغرب وكفاره، الذين باتوا في توحشهم لا يرون في الفلسطيني إلا تفاصيل مزعجة للشعب المختار، وأن سقوط أربعين ألف شهيد فلسطيني ليس إلا ردة فعل طبيعية لدولة تدافع عن نفسها ضد العدوان!.

لقد قدمت أمريكا نموذج سوء عن التطرف الذي يرتدي الكرافتات عبر سياستها المنحازة بالمطلق ضد الفلسطينيين، وتبرير إبادتهم وتسخيف دمائهم.

سؤالي الآن: لو ملك العرب وعي السادات ودخلوا في السلام موقفاً واحداً وأنجزوا في الجولان والضفة ما تحقق في سيناء. هل كان الواقع العربي والفلسطيني بهذا العذاب؟ وهل سيجد أشرار موتورون كنتنياهو وبن غفير وليبرمان من ينتخبهم ويشجعهم على حروبهم القذرة المدمرة؟.

قناعتي أن ما حققه السلام كبير، وأن الحرب لم تأت إلا بالهوان والقهر! وكان من الممكن تماماً أن يتكرر رابين حتى لو قتله التطرف اليهودي، وكان يمكن لاتفاقات السلام أن تجلب الاستقرار والسلام للعرب والخير للشعب الفلسطيني الذبيح في قهره وحرمانه وتآمر التطرف عليه.

للأسف معظم أصدقائي الذين أحبهم لا يؤيدوني الرأي، وأن الأسلم لي الصمت والمجاملة، حيث الحرب قدر كتبه الله على أهل الحق وأن الحرب ماضية مائة سنة أخرى حتى يقضي الله أمراً مفعولاً.

ما معنى أن تكون حراً وصاحب رأي إذا كان المطلوب هو مجاملة التطرف في طريقه المسدود التائق إلى قوافل جديدة من الشهداء والضحايا والمدن المدمرة كل يوم؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني